تشمل فيروس غرب النيل والضنك والشيكونغونيا..موجة تفشيات لأمراض ينقلها البعوض في صيف 2025

برزت في عدة دول حول العالم، مع حلول صيف 2025، موجة من الأمراض التي ينقلها البعوض، حيث سُجلت إصابات بفيروس غرب النيل في إيطاليا، وتفشيات لحمى الشيكونغونيا في الصين، إضافة إلى ظهور حالات محلية لحمى الضنك في فرنسا. ورغم أن هذه الأمراض ليست جديدة، فإن حضورها في أوروبا يتغير مع ارتفاع درجات الحرارة واتساع رقعة انتشار أنواع معينة من البعوض بفعل التغير المناخي، ما دفع خبراء الصحة إلى التحذير من مخاطر تحولها إلى أمراض متوطنة في القارة.
فيروس غرب النيل
يُعتبر فيروس غرب النيل متوطناً في أوروبا، إذ ينتشر عبر بعوضة Culex pipiens، أو البعوضة المنزلية الشمالية، من الطيور المصابة إلى البشر وبعض الحيوانات. وفي معظم الحالات، لا تظهر أعراض واضحة، إلا أن بعض الإصابات قد تؤدي إلى الحمى وأمراض عصبية خطيرة تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.
في عام 2025، أبلغت خمس دول أوروبية عن حالات بشرية بفيروس غرب النيل هي: بلغاريا، فرنسا، اليونان، إيطاليا ورومانيا. وسجلت إيطاليا وحدها حتى الخامس من آب/أغسطس 145 إصابة مؤكدة بينها 12 وفاة. وبحسب المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها (ECDC)، فإن ارتفاع الإصابات في هذا التوقيت من العام أمر معتاد، لكن الخبير توماش باكونيي حذر من أن الفيروس يتوسع جغرافياً باتجاه شمال القارة، بعدما كان مقتصراً على الجنوب لسنوات طويلة.
ورغم أن الفيروس معروف في أوروبا منذ ستينيات القرن الماضي، فإن السنوات الأخيرة شهدت تزايد الإصابات واتساع نطاقها لتشمل دولاً مثل ألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة وبعض دول البلطيق. ويخشى خبراء الصحة أن يصل انتشاره إلى إسكندنافيا في المستقبل القريب. وحتى الآن، لا يتوفر لقاح للبشر ضد الفيروس، بينما توجد لقاحات خاصة بالخيول، وتجري محاولات لتطوير لقاحات للطيور.
حمى الضنك والشيكونغونيا
على عكس فيروس غرب النيل، لا تُعد حمى الضنك والشيكونغونيا أمراضاً متوطنة في أوروبا، لكنها تظهر عادة خلال فصل الصيف. وينقلها بعوض النمر الآسيوي Aedes albopictus، وهو نوع غازي استقر في أوروبا خلال العقدين الماضيين.
تتسبب حمى الضنك في أعراض شبيهة بالإنفلونزا تشمل الحمى والصداع والغثيان وآلام المفاصل والعضلات، وقد تتطور في بعض الحالات إلى نزيف داخلي وآلام حادة تهدد الحياة، خصوصاً لدى من أُصيبوا بها أكثر من مرة. أما الشيكونغونيا فتتميز بأعراض مشابهة مع آلام مفصلية قوية قد تؤدي إلى التهاب مزمن لدى 30 إلى 40% من المصابين. وتُعد الفئات الأكثر عرضة للخطر هي كبار السن والنساء الحوامل والأطفال.
ورغم أن معظم الحالات المسجلة في أوروبا تكون مرتبطة بمسافرين قادمين من مناطق موبوءة، فإن العدوى المحلية آخذة في التزايد.
بؤر التفشي في 2025
تشهد جزر المحيط الهندي هذا العام موجات واسعة من الضنك والشيكونغونيا، لاسيما في لا ريونيون ومايوت الفرنسيتين وموريشيوس، مع تسجيل حالات في مدغشقر والصومال وكينيا. وأصدرت منظمة الصحة العالمية نداءً عاجلاً للتحرك، محذرة من أن هذه المناطق تشهد السيناريو نفسه الذي عاشته قبل عقدين.
وفي أوروبا، أعلنت فرنسا عن 49 إصابة شيكونغونيا ضمن 14 بؤرة عدوى حتى نهاية تموز/يوليو 2025، وهو رقم غير معتاد مقارنة بالسنوات الماضية. ويعزو الخبراء ذلك إلى التفشيات المستمرة في ريونيون ومايوت، اللتين تستقبلان أعداداً كبيرة من الزوار من فرنسا.
تحذيرات ودعوات للوقاية
تشير دراسة حديثة نشرت في مجلة The Lancet Planetary Health إلى أن تفشيات هذه الأمراض في أوروبا باتت أكثر تكراراً منذ عام 2010 مع ارتفاع درجات الحرارة. وحذرت الدراسة من أنه في حال استمرار السيناريوهات المناخية الأسوأ، فقد يرتفع معدل انتشارها إلى خمسة أضعاف بحلول عام 2060.
من جانبه، قال الخبير باكونيي: "نتوقع زيادة في عدد التفشيات المحلية خلال السنوات المقبلة إذا استمرت الاتجاهات الحالية، نتيجة السفر الدولي وصيف أوروبا الحار"، مؤكداً أن الوقاية تبقى الوسيلة الأهم للحد من المخاطر.
توجد حالياً لقاحات مضادة لحمى الضنك والشيكونغونيا في أوروبا. وتشمل لقاحين ضد الضنك، أحدهما مخصص لمن سبق أن أُصيبوا به نظراً لارتفاع خطر العدوى المتكررة، إضافة إلى لقاحين ضد الشيكونغونيا، رغم أن أحدهما ما زال يثير مخاوف متعلقة بالسلامة.
Today