صور حصرية من داخل متحف تدمر بعد سقوط النظام.. عودة خجولة للحياة الثقافية وتحديات كبيرة

تشهد مدينة تدمر الأثرية عودة حركة نهوض ملحوظة بعد سنوات من الحرب والدمار بفعل الحرب الاهلية ودخول تنظيم داعش إليها الذي دمر أثارها وعاث فيها الخراب.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأ السكان بالعودة إلى المدينة التي كان يتواجد فيها قوات إيرانية وروسية وتتوزع أيضاً على تلالها.وبحسب مسؤولين في المنطقة تحدثوا ليورونيوز: فإن أكثر من 30 ألف شخص قد عادوا إلى المدينة منذ الثامن من ديسمبر 2024.
المتاحف والأثار... وجهة جديدة للسياحة
حصلت يورونيوز على صور من داخل المتحف الوطني بعد سقوط نظام بشار الأسد، والذي يبدو كأنه مهجور وبحالة شبه دمار نتيجة المعارك التي دارت بالقرب منه بين القوات السورية آنذاك وبين تنظيم داعش عام 2015 حيث تعرضت الآثارللتدمير .
ويوثّق الفيديو أيضًا وجود مجموعة من التماثيل والمنحوتات المكتشفة في المدافن الأثرية بالمدينة، بينها تماثيل نسائية وقطع جنائزية متنوعة، أبرزها النُصب التذكارية نصفية الشكل التي تجسّد ملامح المتوفين وملابسهم وحليهم الثمينة بدقة فنية عالية. ويوجد ضمن المتحف صورة رُسمت لعالم الآثار السوري خالد الأسعد، الذي قتل على يد تنظيم داعش المتشدد خلال سيطرته على المدينة في 2015.
ومن ضمن ما وُثق في الفيديو، الدمار الذي لحق بالمدينة القديمة الأثرية نتيجة الأعمال العسكرية وتدميرها من قبل داعش، والتي تحتاج إلى ترميم وجهود دولية كبيرة.
ووفقًا لمسؤولين في المدينة، أكدوا ليورونيوز أن المتحف الوطني ما زال مغلقًا، وهناك محاولات لترميمه، بالإضافة إلى ترميم الآثار التي دُمّرت، وذلك بمنحة مقدمة من سلطنة عمان، كانت قد اُتفق عليها قبل سقوط النظام، وهناك عمل قائم لإعادة افتتاحه قريبًا.
وأشاروا إلى أن متحف التقاليد الشعبية مُرمّم بالكامل ومفتوح أمام الزوار، وأن منطقة الآثار جُهّزت بأنظمة إنارة حديثة لجذب السياح. وذكر مسؤولون أنه تم تقديم أوراق من 52 بعثة أثرية دولية للحصول على تصاريح للتنقيب والترميم في المدينة، من بينها بعثة بولندية.
وبالنسبة لقلعة تدمرالتي تكتسب موقعاً مهماً يشرف على كامل المدينة الاثرية والحضرية والطرقات التي تربطها بباقي المحافظات، أكد المسؤولون أن قسمًا منها دُمّر بسبب العمليات العسكرية بين النظام السابق وداعش، وبحاجة إلى ترميم لتعود إلى ما كانت عليه سابقًا.
وتابع المسؤولون أن أعداد السياح الأجانب الذين يزورون المنطقة مقبولة بالنسبة للوضع الجديد لسوريا وللمدينة، لكن الكثافة العددية هي للسياح المحليين، خصوصًا مع تأمين المنطقة والطرقات بشكل كامل، والتي بدأت ملامح الثقافة البدوية الأصيلة تعود إليها عبر نشر الخيم وبيوت الشعر على جوانب الطريق. ويسهم هذا الأمر في إضفاء طابع خاص على الطبيعة الصحراوية، ويمنح الزائرين فرصة لتجربة الضيافة البدوية المعروفة، وتسهم في تعزيز الجهود الرامية لإعادة تفعيل النشاط الاقتصادي والسياحي للمنطقة.
ومع تصاعد أعداد القاصدين للمدينة للسياحة، تم الانتهاء من تجهيز ثلاثة فنادق تقليدية (ركن بدوي) لاستقبال الزوار، مع مشروع لافتتاح فندق ثالث قريبًا. إضافةً إلى ترميم المشفى الوطني في المدينة بفضل تبرّعات من أهالي المدينة، وصلت إلى أكثر من 40 ألف دولار.
تحديات إزالة الألغام والتنقيب العشوائي
وبحسب المسؤولين، الذين أكدوا ليورونيوز أنه رغم الجهود المبذولة لإعادة الحياة إلى المدينة الأثرية، لا تزال التحديات قائمة. فالمنطقة المحيطة بتدمر تعاني من وجود الألغام التي زرعها تنظيم "داعش" قبل انسحابه. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها فرق متخصصة — روسية وأرمنية — لإزالة الألغام قبل سقوط النظام، وبعد سقوطه، دخلت فرق هندسية سورية لاستكمال العمل، لكن المساحة الشاسعة تحتاج إلى المزيد من الوقت والموارد البشرية والمادية.
ويضيفون أنه إلى جانب الألغام، تواجه تدمر تحديًا آخر يتمثل في انتشار ظاهرة التنقيب العشوائي في المناطق النائية المحيطة بالمدينة. فبعض الأفراد، مدفوعين بالحاجة الاقتصادية أو الجشع، يقومون بعمليات حفر غير قانونية بحثًا عن قطع أثرية يمكن بيعها في السوق السوداء. مشيرين إلى أن هذه الظاهرة تهدد بإلحاق أضرار جسيمة بالتراث الثقافي للمدينة، حيث يتم تخريب مواقع أثرية هامة دون أي اعتبار لقيمتها التاريخية.
وكانت تنظيم داعش قد سيطر على المدينة الأثرية في آذار 2015، وقام بتدمير كل من معبد "بعل" الشهير وبعلشمين، وقوس النصر، وبعض المقابر الملكية بشكل كامل، وقام بقطع رأس عالم الآثار خالد الأسعد في أغسطس من العام ذاته، لرفضه الكشف عن موقع يحوي آثارًا قيمة.
Today