تجربة سريرية تكشف: علاج التهاب اللثة يبطئ من سماكة الشرايين الداخلية

تشير أبحاث طبية منذ سنوات إلى وجود صلة بين ضعف صحة اللثة وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والآن تُظهر تجربة سريرية نُشرت في مجلة European Heart Journal في 19 آب/أغسطس، وأُجريت في مستشفى أسنان بوسط لندن بقيادة باحثين من كلية لندن الجامعية، أن علاج التهاب اللثة الحاد يمكن أن يبطئ من تضيق الشرايين السباتية في الرقبة مع مرور الوقت، وذلك لدى أشخاص أصحاء لا يعانون من أي أمراض أخرى غير التهاب اللثة.

ويرجَّح أن ذلك يحصل نتيجة خفض مستويات الالتهاب، إذ إن هذا الإجراء الروتيني لنظافة الفم قد يشكل وسيلة غير متوقعة للحد من تراجع وظائف الأوعية الدموية.

قال الدكتور ماركو أورلاندي، الباحث الإكلينيكي في أمراض اللثة بكلية لندن الجامعية، لموقع "لايف ساينس": "شعرت باندهاش كبير عندما اطلعت لأول مرة على البيانات".

انتشار المرض

بحسب تقديرات صحية، يعاني نحو 40% من البالغين في الولايات المتحدة ممّن تزيد أعمارهم على 30 عامًا من شكل من أشكال أمراض اللثة، المعروفة بالتهاب دواعم السن. وتعد هذه الحالة الالتهابية المزمنة سببًا رئيسيًا لتخلخل الأسنان وفقدانها، كما تؤدي إلى رائحة فم كريهة. ومع تفاقم المرض، تتسع الجيوب حول الأسنان التي لا تصل إليها الفرشاة أو الخيط، وتمتلئ باللويحات والبكتيريا.

وترتبط هذه الحالة بزيادة خطر الإصابة بعدة أمراض أخرى، من بينها ألزهايمر وسرطان القولون والتهاب المفاصل الروماتويدي. ومن أبرز الروابط المدروسة: العلاقة بين التهاب اللثة الحاد وأمراض القلب، حيث وجدت دراسات سابقة أن علاج التهاب اللثة يرتبط بتحسن وظيفة الأوعية الدموية.

تفاصيل التجربة والنتائج

شملت الدراسة 135 شخصًا مصابين بالتهاب لثة حاد لكنهم أصحاء بخلاف ذلك، حيث جرى تقسيمهم عشوائيًا إلى مجموعتين؛ الأولى تلقت علاجًا مكثفًا تمثّل في تنظيف شامل للفم مع تنظيف عميق تحت خط اللثة لإزالة الترسبات والجير، فيما اكتفت المجموعة الثانية بتنظيف سطحي بسيط يشبه جلسة تنظيف اعتيادية للأسنان. وقد خضع جميع المشاركين لمتابعة استمرت عامين، أُجريت خلالها فحوص دورية شملت تصوير الشرايين السباتية بالموجات فوق الصوتية لقياس سماكتها، إضافة إلى تحاليل دم لقياس مؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وكذلك اختبارات لمدى قدرة الشرايين على التوسع مع تدفق الدم.

وأظهرت النتائج أن سماكة الشرايين السباتية لدى من تلقوا العلاج المكثف كانت أقل مقارنة بالمجموعة الأخرى، وهو تأثير "مقارن بما تسببه التدخلات السلوكية وبعض الأدوية"، بحسب الدكتور فرانشيسكو دآيوتو، الباحث في أمراض اللثة بكلية لندن الجامعية.

كما أظهرت المجموعة المعالَجة تحسنًا في وظائف الأوعية الدموية وانخفاضًا في مؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي في الدم، وهي عوامل تسهم في تضيق جدران الشرايين أو ما يُعرف بتصلب الشرايين.

وقال دآيوتو: "نتائجنا تعزز فكرة أن التهاب اللثة غير المعالَج هو عامل خطر قابل للتعديل فيما يتعلق بالشيخوخة الوعائية وربما بالأحداث القلبية الوعائية".

حدود البحث وتعليقات إضافية

لكن أورلاندي أشار إلى أن الدراسة أُجريت في مكان واحد فقط، مما قد يجعل النتائج مرتبطة بخصائص العينة أو الموقع.

من جانبه، رأى الدكتور ماوريتسيو تونيتّي، الباحث في أمراض اللثة بجامعة هونغ كونغ، والذي لم يشارك في البحث، أن جميع المشاركين كانوا أصحاء باستثناء التهاب اللثة، وبالتالي لا يمكن اعتبار النتائج دليلاً على أن علاج أمراض اللثة لدى شخص مصاب بالفعل بتصلب الشرايين سيؤدي بالضرورة إلى تحسن حالته.

مع ذلك، اعتبر تونيتّي أن النتائج "تدخل مفهوم التدخلات المكثفة لعلاج أمراض اللثة في إطار الحفاظ على الصحة العامة".

وأضاف: "لسنوات طويلة ركز أطباء الأسنان على الأسنان وتجاهلوا بقية الجسم، فيما ركز الأطباء على الجسم متناسين الأسنان. هما عالمان منفصلان ويجب أن يعودا إلى التكامل من أجل مصلحة المرضى".