من سيحدد اتجاهه؟ ترامب أم هاريس.. الذكاء الاصطناعي على مفترق طرق في أمريكا
يتباين المرشحان بشكل كبير في مقارباتهما لتنظيم التكنولوجيا والتعامل معها. على عكس الاتحاد الأوروبي الذي وافق في وقت سابق من هذا العام على قانون الذكاء الاصطناعي بهدف الحد من أدوات التعلم الآلي ذات المخاطر العالية، لا تزال الولايات المتحدة تفتقر إلى قواعد شاملة على مستوى البلاد.
ومع ذلك، خلال ولاية الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته جو بايدن، أصدرت الحكومة الأمريكية أمرًا تنفيذيًا يسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع مع تعزيز الرقابة على الاستخدام التجاري لهذه التكنولوجيا.
ترامب يعد بإلغاء هذا الأمر إذا تم انتخابه
وفي بيان له خلال إحدى حملاته الانتخابية، صرح ترامب: "سنلغي الأمر التنفيذي الخطير لجو بايدن الذي يعيق ابتكار الذكاء الاصطناعي ويفرض أفكارًا يسارية متطرفة على تطوير هذه التكنولوجيا. بدلاً من ذلك، يدعم الجمهوريون تطوير الذكاء الاصطناعي الذي يتجذر في حرية التعبير والازدهار البشري".
شركات التكنولوجيا تعترض على تشديد التنظيم
من المحتمل أن تجد شركات التكنولوجيا الكبرى في تقليل التنظيم فرصةً لتوسيع أعمالها. ففي يوليو/تموز الماضي، أعربت شركة ميتا عن استيائها من القيود التنظيمية الصارمة في أوروبا، ما دفعها لعدم إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها هناك بسبب المخاوف المتعلقة بالمتطلبات التنظيمية.
بين الابتكار والتنظيم: كيف تؤثر القوانين الأوروبية على الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي؟
وقال رئيس الشؤون العالمية لشركة ميتا نيك كليغ في تشرين الأول/ أكتوبر: "آمل أن تنظر المفوضية الجديدة في هذه القضايا مرة أخرى، بما يتوافق مع هدف الرئيسة فون دير لاين المتمثل في استكمال السوق الرقمية الموحدة للاتحاد الأوروبي، حتى يتمكن الأوروبيون من الاستفادة من هذه الموجة الجديدة من التقنيات".
ويزعم ترامب أنه تحدث إلى تيم كوك رئيس شركة آبل (Apple) في وقت سابق من هذا الشهر للحديث عن مخاوفه المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، الذي فرض غرامة على آبل بقيمة 13 مليار يورو لعدم دفع الضرائب في إيرلندا.
استثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي
تريد كامالا هاريس أن تبقى الولايات المتحدة رائدة في تطوير التقنيات الجديدة. وقالت في بيانها إن ذلك من شأنه "أن يعزز الابتكار والقدرة التنافسية، وحماية العاملين والمستهلكين مع تقدم التكنولوجيا، وتطوير قوة عاملة ماهرة في مجال الذكاء الاصطناعي". وتتخذ هاريس نهجًا مختلفًا، ولكنها تستند إلى التعهدات الواردة في الأمر التنفيذي الذي فرضه بايدن.
تقترح هاريس وزميلها المرشح تيم والز "استثمارًا تاريخيًا لدعم أمننا الوطني والاقتصادي من خلال التأكد من أن الولايات المتحدة -لا الصين- تتصدر في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال توسيع نطاق الموارد الوطنية لأبحاث الذكاء الاصطناعي وجعلها موجودة بصفة دائمة، أي أن تكون هناك بنية تحتية بحثية مشتركة تهدف لمنح الشركات الناشئة والباحثين إمكانية الوصول إلى الحوسبة والبيانات والأدوات التحليلية على أعلى مستوى، لزيادة الاكتشافات والابتكارات ذات الأهمية والمسؤولية في مجال الذكاء الاصطناعي".
قال دانيال شنور أستاذ التعلم الآلي في جامعة ريغنسبورغ بألمانيا لـيورونيوز إن هاريس "من المرجح أن تبقى على المسار الحالي". وأضاف: "أتوقع أن تكون إدارة هاريس أكثر نشاطًا فيما يتعلق بتنظيم الذكاء الاصطناعي مقارنة بترامب، على الرغم من أن النهج سيكون على الأرجح أقل وطأة مما يتبعه الاتحاد الأوروبي على أي حال". وعلى النقيض من ذلك، سيؤدي فوز ترامب إلى المزيد من عدم اليقين بالنسبة لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي.
يضع الاتحاد الأوروبي الكثير من الأموال للاستثمار في الذكاء الصناعي، ولكن بالرغم من أنه تم ضخ أموال تصل إلى 35 مليار دولار للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم في النصف الأول من عام 2024، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم ينل إلا 6% من ذلك، حسبما وجدت دراسة من مركز الأبحاث بريخل (Bruegel) الموجود في بروكسل.
فعلى الرغم من مبادرات المفوضية الأوروبية التي تسعى لتسريع استيعاب الذكاء الاصطناعي وتطويره من خلال إتاحة أجهزة الحواسيب العملاقة للذكاء الاصطناعي للشركات الناشئة، فإن الولايات المتحدة مستمرة في الاستثمار أكثر في الذكاء الاصطناعي.
وأضاف شنور أن نتيجة التصويت لن تغير على الأرجح وضع الولايات المتحدة بشكل كبير فيما يتعلق بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التجارية والخدمات الرقمية. وقال: "إن الفجوة التنافسية أكبر من أن تتغير بسرعة في فترة زمنية قصيرة، من حيث أكبر مزودي خدمات الذكاء الاصطناعي".
الذكاء الاصطناعي في الحملة الانتخابية
تم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية، ما يشير إلى وجود مشاكل مع الأدوات غير المنظمة في الولايات المتحدة ومساهمة الذكاء الاصطناعي المحتملة في الأخبار المزيفة.
ونشر ترامب الذي يقول إنه "سيعمل على "استعادة حرية التعبير" عند انتخابه، صورًا تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي للمغنية الأمريكية تايلور سويفت تظهر أنها تؤيده، أقرّ لاحقًا بأنها مزيفة. وفي نهاية المطاف، أيدت سويفت هاريس في أيلول/سبتمبر.
وشارك قطب التكنولوجيا المؤيد لترامب ومالك شركة X إيلون ماسك، وهو من مؤيدي ترامب، مقطع فيديو لهاريس على منصته، تم تجميعه بواسطة أداة استنساخ صوتي تعمل بالذكاء الاصطناعي، دون الإشارة في الأصل إلى أن المقصود منه كان محاكاة ساخرة. وجاء في الفيديو المزيف: "أنا، كامالا هاريس، مرشحتكم الديمقراطية للرئاسة لأن جو بايدن كشف أخيرًا عن خرفه في المناظرة".
واقترحت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) أن تتحق جميع محطات البث الإذاعي والتلفزيوني التي تبث إعلانات سياسية مما إذا كانت تحتوي على محتوى تم إنتاجه باستخدام الذكاء الاصطناعي، وأن يتم وضع إعلان على الهواء إذا كان الأمر كذلك،. ومع ذلك، فإن هذه القواعد لم يتم وضعها قبل مرحلة التصويت في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.