كيف يتنبأ الذكاء الاصطناعي بالشيخوخة عبر صورة أشعة الصدر؟

أظهرت دراسة علمية منشورة في مجلة The Journals of Gerontology أن الذكاء الاصطناعي قد يتمكن من تحديد سرعة تقدّم الجسم في العمر من خلال تحليل أشعة الصدر، وهو إنجاز قد يساعد مستقبلًا في كشف الأمراض المرتبطة بالشيخوخة قبل ظهور أعراضها.

واعتمدت الدراسة على نموذج حاسوبي يعمل بتقنية التعلم العميق (Deep Learning: تقنية تجعل الكمبيوتر قادرًا على تحليل بيانات ضخمة والتعلم منها دون تدخل مباشر) لتقدير العمر البيولوجي للجسم اعتمادًا على صورة أشعة الصدر.

مقارنات مع قياسات الشيخوخة الجينية

قارن الباحثون هذا النموذج، المعروف باسم CXR-Age، بوسائل تقليدية لقياس العمر البيولوجي اعتمادًا على الحمض النووي، والمصنفة تحت اسم الساعات اللاجينية (Epigenetic Clocks: أجهزة قياس تعتمد على تغيّر كيميائي في الحمض النووي لمعرفة عمر الخلايا). واعتمدت المقارنة على مقياسين علميين هما Horvath Age وDNAm PhenoAge (مقاييس عمرية مرتبطة بوظائف الجسم وحالته الصحية بناءً على الحمض النووي).

بيانات الدراسة وموقعها

اعتمدت نتائج الدراسة على تحليل معلومات تخص 2097 شخصًا بالغًا من المشاركين في مشروع بحثي يعرف باسم Baseline Health Study، وهو مشروع طويل الأمد ومتنوع المواقع داخل الولايات المتحدة الأميركية يهدف إلى دراسة تطور الصحة والمرض مع مرور الوقت لفهم عوامل الشيخوخة بشكل أدق.

نتائج أعمق حول شيخوخة القلب والرئتين

أظهر نموذج CXR-Age قدرة عالية على رصد تغيّرات دقيقة مرتبطة بالشيخوخة تشمل تراكم الكالسيوم في الشرايين التاجية (Coronary Calcium: مادة تتراكم في شرايين القلب وتشير لاحتمال الإصابة بمشكلات قلبية لاحقًا)، وتراجعًا في وظائف الرئتين، وضعفًا جسديًا عامًا يشمل القدرة العضلية والحركة، إضافة إلى ارتفاع مستويات بروتينات مرتبطة بالتهاب الأعصاب والشيخوخة (Neuroinflammation Proteins: إشارات بيولوجية تعكس تلفًا في أنسجة الأعصاب بسبب العمر). في المقابل، أظهرت الساعات اللاجينية ارتباطًا أضعف بهذه المؤشرات، خصوصًا لدى البالغين في منتصف العمر.

تصريح طبي حول أهمية النتائج

أكد الباحث دوغلاس ب. كيل، مدير مركز أبحاث الجهاز العضلي الهيكلي في معهد هيندا وآرثر ماركوس لأبحاث الشيخوخة، أن نتائج الدراسة توضح إمكانية الكشف عن طريقة تقدّم أعضاء الجسم في العمر عبر صور طبية بسيطة منتشرة في المستشفيات، مما قد يساعد الأطباء في تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الأمراض المرتبطة بالشيخوخة قبل ظهور أي أعراض عليهم. واعتبر أن أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة قد تصبح مكملًا مهمًا لطرق تقييم المخاطر الطبية التقليدية.

أهمية الطب الوقائي الذكي

خلص الباحثون إلى أن نموذج CXR-Age قد يوفر مؤشرًا أدق لشيخوخة القلب والرئتين مقارنة بالأساليب الجينية الحالية، وهو ما يشير إلى أهمية التصوير الطبي (Medical Imaging: التصوير بالأجهزة المتخصصة لتشخيص الأمراض) وتقنيات التعلم الآلي (Machine Learning: قدرة الكمبيوتر على تحسين نتائجه بمرور الوقت دون تعديل برمجي مباشر) في تعزيز الطب الوقائي والشخصي وتطوير وسائل تقييم المخاطر الصحية بصورة أكثر دقة.

خلفية علمية ومؤسسات مشاركة

شارك في إعداد الدراسة باحثون من جهات علمية وطبية بارزة في الولايات المتحدة، من بينها جامعة ستانفورد وجامعة ديوك وكلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى ماساتشوستس العام. ويعكس هذا التعاون العلمي اهتمامًا متزايدًا باستخدام الذكاء الاصطناعي لفهم صحة الإنسان والتنبؤ بمسار الشيخوخة.

ترتبط الدراسة بمؤسسات بحثية تابعة لـ Hebrew SeniorLife، وهي جهة متخصصة في رعاية كبار السن وتابعة لجامعة هارفارد الطبية، وتشرف على أبحاث تتجاوز قيمتها 87 مليون دولار، وتركز على دراسة الأمراض المرتبطة بالعمر وطرق علاجها والوقاية منها. كما يدير معهد هيندا وآرثر ماركوس لأبحاث الشيخوخة برامج تدريب سنوية تستهدف تحسين الرعاية الصحية لكبار السن وتطوير الخبرات الطبية الخاصة بهذا المجال.