بشرى سارة للمصابين بضغط الدم: إزالة "الضغط الكلوي" خيار مناسب للحالات الصعبة
![1](https://static.euronews.com/articles/stories/08/98/37/64/800x450_cmsv2_3262d6bb-a26d-5053-bdf1-1469020e2342-8983764.jpg)
لم يتمكن الأطباء من السيطرة على ضغط الدم المرتفع بشكل خطير لدى السيد مايكل غاريتي، إلى أن استأصلوا بعض الأعصاب من كليتيه.
قد يبدو الأمر غريبا، غير أن من المعلوم أن الكلَى تساعد ـ بشكل جزئي ـ في تنظيم ضغط الدم، من خلال إشارات ترسلها أعصاب معينة. ومن شأن العلاج الجديد أن يتولى عملية تعطيل الأعصاب الكلوية ذات النشاط المفرط.
يقول غاريتي، البالغ من العمر 62 عاما: "لقد كان نَـفَـسي ينقطع عندما يرتفع ضغط دمي، فأشعر بالتعب مباشرة. والآن، تغيرت الحال، ولم يعد ذلك يحدث لي".
ولأن ضغط دمه أصبح طبيعيا لأول مرة منذ سنوات، فإن غاريتي يقول بملء فيه: "أنا سعيد للغاية". ومع ذلك فإن الأطباء نصحوه بعدم قطع تناول الدواء، والاكتفاء بجرعات أقل من ذي قبل.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يعاني نصف البالغين ـ تقريبا ـ من ارتفاع ضغط الدم، مما يجعلهم معرضين بشكل كبير للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والفشل الكلوي، وربما يصابون بالخرف.
واللافت: أن كثيرا من الناس يجهلون أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم، ولا يحصل لهم العلم إلا بعد أن يتسبب الضغط في أضرار جسيمة. ولذلك، فإن الدكتور راندي زوسمان من مستشفى ماساتشوستس العام، المتخصص في الحالات التي يصعب علاجها، ما فتئ ينصح جميع الناس، حتى أولئك الذين يعتقدون أنهم بخير، بأن يلتزموا بإجراء فحص دوري ( مرى واحدة على الأقل كل سنة)، لتحقيق قاعدة: "اعرف ضغط دمك، واعرف الأرقام".
ولأن معظم المرضى يصعب التحكم في ارتفاع ضغط الدم لديهم بشكل جيد، فقد باتت ثمة حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات جديدة، مما حدا بإدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن تعلن في العام الماضي موافقتها على خيار "إزالة الضغط الكلوي"، استنادا إلى دراسات أظهرت أن لا فائدة يرجوها المرضى الذين يظل ضغط الدم لديهم مرتفعا رغم تناول أدوية متعددة.
والآن، بعد أن اعتبرت جمعية القلب الأمريكية أن هذا الإجراء واعد، فإن بعض المستشفيات بما في ذلك مستشفى ماساتشوستس العام في بريغهام، باتت تقدم هذا الإجراء وإن بحذر، إذ تبدأ بتحديد أشخاص تصنف كل واحد منهم على أساس أنه "مرشح جيد"مع مراعاة أن يكون لديه تأمين صحي يستطيع تغطية تكاليف تلك الإجراءات التي تكلف آلاف الدولارات.
ولكن ما حقيقة ارتفاع ضغط الدم؟
هناك رقمان يصفان ضغط الدم: أحدهما انقباضي والآخر انبساطي: فالرقم الأعلى يسمى: الضغط "الانقباضي"، وهو القوة التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين أثناء ضخه من القلب، بينما يقيس الرقم السفلي "الانبساطي" الضغط نفسه، ولكن بين نبضات القلب.
ويكون الإنسان بصحة جيدة إذا كان الرقم أقل من 120 على 80. ويتذبذب ضغط الدم بشكل اعتيادي على مدار اليوم، فيرتفع عندما يكون الشخص متوترا أو في أثناء مزاولة نشاط بدني. ولكن عندما يبقى باستمرار مرتفعًا لدرجة 130 على 80 فأعلى، فإن ذلك يؤدي إلى تصلب الشرايين، مما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر.
كيفية قياس ضغط الدم:
لا يتطلب الأمر زيارة الطبيب. فالفحص متوفر في الصيدليات بل في بعض المكتبات أيضا. كما يمكن للأشخاص استخدام أجهزة المراقبة المنزلية. لتجنب القراءات المرتفعة بشكل خاطئ، فإن الجمعية الطبية الأمريكية تقدم للشخص أن يتبع أثناء الفحض نصائح من قبيل: الجلوس بهدوء مع وضع القدمين على الأرض، واجتناب وضع إحدى الساقين على الأخرى، والحرص على وضع السوار على الذراع مباشرة وهي عارية، لا على الملابس، وعدم جعل الذراع تتدلى، بل التأكد من وضعها على طاولة مثلا.
الأدوية ليست الطريقة الوحيدة لعلاج ضغط الدم المرتفع
ينبغي أولاً: تغيير نمط الحياة كخطوة أولى، خاصة للأشخاص الأصحاء. كما أن من المهم إنقاص الوزن، وممارسة التمارين الرياضية، وتناول مزيد من الفواكه والخضراوات، وتقليل تناول من الملح والكحوليات، واتخاذ خطوات إيجابية للتعامل مع التوتر.
كما أن الدواء أمر لا بد منه عندما يصل ارتفاع ضغط الدم إلى 140 على 90. ويقول زوسمان: إن المريض العادي يحتاج إلى دواءين أو ثلاثة أدوية، وربما أكثر من ذلك، إلى جانب اتباع نمط حياة صحي.
لكن ارتفاع ضغط الدم الذي بدأ المريض غاريتي يعاني منه منذ أن كان شابا في واخر العشرينات من عمره لا يستجيب للعلاج، بل يقاومه! وعلى الرغم من أن هذا المريض كان يتناول أربعةً إلى ستة عقاقير، ويلزم نفسه باتّباع نظام غذائي صارم وبممارسة التمارين الرياضية، فإن ضغط دمه ظل يصل بانتظام إلى 150 على 100 أو أسوأ من ذلك.
ولكن، ماذا يعني التعقيم الكلوي؟
يعمد الأطباء إلى إدخال قسطرة، أو أنبوب صغير، عبر الأوعية الدموية للوصول إلى الكليتين، ثم يبثون طاقة الموجات فوق الصوتية أو طاقة ترددات الراديو، فتمرّ تلك النبضات عبر الشرايين الكلوية لاستهداف الأعصاب المحيطة بها بشكل انتقائي، وتستغرق العملية حوالي ساعة. كما يقول الدكتور جوزيف غاراسيتش، طبيب القلب التداخلي في مستشفى ماساتشوستس العام الذي أجرى عملية غاريتي.
وعلى الرغم من بلدان أخرى تستخدم هذه العملية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت، قبل عقد من الزمان، في إزالة التعقيم الكلوي، مما دفع الباحثين إلى إجراء تغييرات قبل أن يحاولوا إعادة الكرّة والإقدام على تجربة أخرى. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على نظامي قسطرة من شركة ريكور ميديكال وميدترونيك.
ومع أن ذلك ليس علاجا، وبعض المرضى لا يحصلون منه على أي فائدة، فإن غاراسيك يقول: إن الدراسات المتعددة تظهر في المتوسط انخفاضا في ضغط الدم بمعدل 8 إلى 10 نقاط، وهو تحسن متواضع ولكنه مهم. ويرى آخرىن ومنهم المريض غاريتي انخفاضا أكبر، وهو ما يكفي لتقليل الأدوية بشكل تدريجي.
وقد اعتبرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن الإجراء آمن للمرضى الذين يُختارون بعناية، مع أنه لم يُستخدم حتى الآن لعلاج الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى أو الشرايين الضيقة، مثلا.
وقد استمرت الدراسات بضع سنين، ومع ذلك فإن من المتوقع أن معرفة ما إذا كانت الأعصاب قد تتجدد في نهاية المطاف تحتاج إلى دراسات تستغرق مدة زمنية أطول من ذلك.
وتقدم جمعية القلب الأمريكية المرضى المحتملين والأطباء ذوي الخبرة إرشادات تستعدعي إجراء "مناقشات مدروسة ومستنيرة"، لتحديد من هو مرشح جيد، دون غيره.
Today