أولمبياد باريس.. هوس أمني واستخدام مفرط لقانون مكافحة الإرهاب يجعل الأقليات في دائرة الشك
يخول قانون مكافحة الإرهاب، الذي عزز عام 2017، بعد تعرض فرنسا للهجمات الإرهابية، وزير الداخلية الفرنسي سلطة تقييد تحركات أي شخص عندما تكون هناك "أسباب جدية" للاعتقاد بأنه يشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا ولديه علاقات أو تعاطف مع الإرهاب.
وتسمى هذه الخطوة بـ"إجراء فردي للرقابة الإدارية والمراقبة"، وتعرف بالاختصار الفرنسي بـ MICAS.
وبموجب القانون، يمتلك رجال الأمن صلاحية التقييد دون الموافقة القضائية مع تهديد بالسجن لثلاث سنوات وغرامة مالية، لكن اللافت أن معظم الأشخاص المقيدة تحركاتهم هم من الأقليات من المهاجرين، المسلمين، والذين ترجع أصولهم إلى مستعمرات فرنسية سابقة.
منهم على سبيل المثال رجل يعاني من أمراض نفسية، وعامل مصرفي متدرب، وطالب إدارة أعمال مسلم مغربي الأصل.
بالإضافة إلى سائق توصيل طعام "الحلال" للمسلمين، وهو ممنوع من مفارقة محيط منزله خلال دورة الألعاب الأولمبية 2024 ودورة الألعاب البارالمبية التي تليها، كما يقول محاموه لوكالة "أسوشيتد برس".
في حديث الوكالة مع أمين (21 سنة) المولود في فرنسا، والممنوع من مغادرة محيط إقامته باستثناء الساعة 6:30 مساءً التي يذهب فيها إلى مركز الشرطة من أجل التقرير اليومي، رغم أن لا تهم موجهة إليه، ورغم امتلاكه سجلًا عدليًا نظيفًا بحسب محاميه، يقول الشاب: "أنا لست خطراً على فرنسا. أنا لست إرهابياً. أنا مجرد طالب يعمل لتمويل دراسته".
إذ يعتقد أمين أن أجهزة المخابرات الفرنسية قد خلطت بينه وبين شخص آخر نشر صوراً لعمليات قطع رؤوس وتهديدات ضد الأشخاص من مجتمع LGBTQ+ على تطبيق لمشاركة الفيديو. ويضيف بمرارة: "لو كان اسمي براين، ولو كنت أشقر ذو عيون زرقاء، لكانت الحالة مختلفة. لكنني مسلم من شمال أفريقيا".
في هذا السياق، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن التضييق يهدف إلى منع "الأشخاص الخطرين للغاية" من مهاجمة الألعاب الأولمبية.
وأضاف دارمانان أن هذه القيود قد طبقت على أكثر من 500 شخص هذا العام كجزء من استعدادات فرنسا الأمنية.
فقد انتشر ما يصل إلى 45 ألف شرطي في جميع شوارع فرنسا بالإضافة إلى جنود مسلحين، وكلفت أجهزة الاستخبارات بتحديد التهديدات المحتملة وتحييدها مسبقًا، وذلك تحسبًا لأي "هجوم إرهابي".
وبحسب وكالة " أسوشيتد برس" فقد جاء في مذكرات وزارة الداخلية أن أجهزة الأمن أحبطت عدة مخططات إرهابية قبل الألعاب، حيث كانت مباريات كرة القدم الأولمبية، ونادي ليلي للمثليين، بالإضافة إلى الجالية اليهودية في فرنسا من بين الأهداف المشتبه بها.
وتقول مذكرات الوزارة أيضًا إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة زادت من خطر الإرهاب في فرنسا، التي تضم أكبر جاليات مسلمة ويهودية في أوروبا.
لذلك فإن الجهود الوقائية تشمل تقييد تحركات الأشخاص الذين تعتبرهم الوزارة تهديدًا محتملًا. ولا يمكن الطعن في هذه الإجراءات إلا بعد ذلك في المحكمة، وهو ما يفعله الآن بعض المتضررين - وقد نجح بعضهم في ذلك.
في هذا الإطار، يحتج المحامون على أن بعض موكليهم المقيدين لا يمتلكون أي إدانات سابقة وليس لديهم سوى صلات ضعيفة بالتطرف الاسلامي المشتبه به، لذلك فهم يشعرون بـ"بالتمييز".