"لا عمل ولا حماية".. نساء عائدات من إيران يواجهن المجهول في أفغانستان

منذ الأول من حزيران/ يونيو حتى الثالث والعشرين من تموز/ يوليو، تم ترحيل ما يُقدّر بـ800 ألف لاجئ ومهاجر أفغاني غير مسجلين رسميًا من إيران، بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة، من بينهم 153 ألف امرأة.
اللافت أن 8% من هؤلاء النساء هنّ معيلات لأسرهنّ، بحسب المنظمة، وقد أُجبرن على العودة إلى أفغانستان برفقة أطفالهن دون وجود زوج أو وصي ذكر، في بلد تحكمه طالبان بقوانين تجرّد المرأة من أبسط حقوقها.
وتعني العودة القسرية الوقوع في قبضة نظام لا يسمح للنساء باستئجار منزل دون وصي، ويمنعهن من مزاولة معظم الوظائف المدفوعة، أو حتى زيارة العيادات الصحية دون مرافق.
وقد حذرت منظمات حقوقية وإنسانية من أن هذا التدفق الهائل فاق قدرة ما تبقى من شبكات الدعم، تاركًا النساء وحيدات في مواجهة الفقر والعنف وانعدام الأمان.
نساءٌ في مواجهة المجهول
في شهادات نقلتها منصة "زان تايمز" الإعلامية عن تسع نساء أُجبرن على العودة من إيران إلى أفغانستان، تتكرر القصة نفسها: لا عمل، لا مأوى، لا حماية.
فهيمة، التي أعيدت في حزيران/ يونيو، توضح أن محاولاتها لاستئجار منزل باءت بالفشل بسبب القيود المفروضة على النساء، وتقول: "أصحاب العقارات أخبروني صراحةً أن قوانين طالبان تمنع ذلك". لجأت إلى منزل أحد أقاربها، والحل الوحيد هو أن يوقّع رجل من العائلة عقد الإيجار بدلًا منها.
راقية، أرملة عادت مؤخرًا، تشير إلى أن الوظائف المتاحة للنساء سرية ومهينة وغير مستقرة. "كنت أعمل في مصنع حقائب في إيران، أما هنا فلا يُسمح لي بالعمل أساسًا. حتى من تملك مهارات كالخياطة أو تصفيف الشعر عليها أن تعمل سرًا في منزلها".
من جهتها، تتذكر صابرة كيف طُردت عائلتها من إيران فجأة دون السماح لهم حتى بأخذ مقتنياتهم. تقول: "الشرطة الإيرانية ضربت أبنائي، وامتنعت عن إطعامهم. الآن يعانون من صدمة نفسية، ولا أحد يصغي لنا. نحن لاجئون بلا حقوق".
أما مايدا، فقد فُصلت قسرًا عن ابنها بعد اعتقالها أثناء وقوفها في طابور للخبز في إيران. اقتادتها الشرطة إلى معسكر الترحيل في شانديز، وأُعيدت إلى هرات دون السماح لها بالعودة إلى المنزل أو اصطحاب ابنها. تعيش اليوم مع أقاربها، ممزقة بين الرغبة في العودة إلى ابنها وعجزها عن ذلك.
من جانبها، ظنّت صفية (اسم مستعار) أنها أخيرًا وجدت مأمنًا لها ولطفليها. بعد سنوات من العنف الجسدي والنفسي على يد زوجها، ضابط شرطة سابق أصبح قائدًا في طالبان بولاية هرات، هربت إلى إيران عام 2018 وبدأت من الصفر مشروعًا صغيرًا لصناعة الملابس بدعم من لاجئات أفغانيات.
لكن كل ما بنته انهار قبل أسبوعين حين تلقت إشعارًا بالترحيل مع طفليها المراهقين، فعادت مرغمة إلى أفغانستان. واليوم، تعيش صفية في خوف دائم من أن يعثر عليها زوجها.
Today