حرائق "أود" تحت السيطرة…فرنسا في حالة تأهب قصوى خوفًا من عودة النيران بسبب الحرارة المرتفعة

واصلت السلطات الفرنسية وأجهزة الإطفاء حالة التأهب القصوى بعد احتواء أكبر حريق غابات تشهده البلاد منذ عقود، وسط مخاوف من أن تؤدي موجة حر متوقعة إلى إعادة اشتعال النيران التي اجتاحت هذا الأسبوع منطقة أود الجنوبية.
وخلال ثلاثة أيام، أتت النيران على أكثر من 160 كيلومترًا مربعًا من الأراضي في جبال كوربيير، المعروفة بإنتاج النبيذ، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 21 آخرين على الأقل، بينهم 16 من رجال الإطفاء. وامتد الحريق ليطال 15 بلدية، وأجبر مئات السكان على الإجلاء.
دمار واسع ونزوح مئات السكان
أوضح المسؤولون أن محيط الحريق وصل إلى 90 كيلومترًا قبل السيطرة عليه، محذرين من أن درجات الحرارة قد تتجاوز 30 درجة مئوية في الأيام المقبلة، مما يزيد خطر تجدده. وحتى صباح اليوم الجمعة 8 آب/أغسطس، كان نحو ألف شخص غير قادرين على العودة إلى منازلهم، فيما دُمّر أو تضرر بشدة 36 عقارًا، بحسب المسؤول الإقليمي كريستيان بوجيه.
وأفادت محافظة أود بأن نحو 1300 منزل ما زال بلا كهرباء بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، في حين جرى إنشاء مراكز إيواء طارئة في 17 بلدية لاستقبال النازحين. وحثّت السلطات السكان على عدم العودة إلى المناطق المتضررة قبل صدور الإذن الرسمي، بسبب استمرار إغلاق العديد من الطرق وخطورتها.
تضامن محلي في مواجهة الكارثة
رئيسة بلدية توشان، بياتريس برتران، تحدثت عن الساعات الأولى للأزمة قائلة: "عندما اندلع الحريق يوم الثلاثاء، علمنا أن سكان قرية دربان-كوربيير المجاورة يصلون إلى توشان. استقبلنا أكثر من 200 شخص، وقدمنا لهم الطعام بفضل المتاجر المحلية التي فتحت أبوابها رغم تأخر الوقت". وأضافت: "أحضرت لنا الحماية المدنية أسرة للنوم، كما عرض السكان المحليون منازلهم لاستقبالهم. كانت ليلتهم الأولى هنا، وكان الكثيرون في حالة صدمة وخوف".
من جهتها، أعلنت السلطات الفرنسية فتح تحقيق لمعرفة أسباب الحريق، فيما وصفت وزيرة التحول البيئي الفرنسية، أنييس بانييه-روناتشيه، الحادث بأنه أشد حريق غابات تتعرض له البلاد منذ عام 1949. ورغم أن قاعدة بيانات حرائق الغابات الوطنية الفرنسية موجودة منذ عام 2006 فقط، إلا أن حجم وسرعة انتشار حريق أود أثارا قلق المسؤولين.
حرائق متزايدة بفعل التغير المناخي
تعرضت أوروبا الجنوبية هذا الصيف لعدة حرائق كبرى، مدفوعة بفترات جفاف طويلة وارتفاع درجات الحرارة، وسط تحذيرات علمية متكررة من أن التغير المناخي يزيد من وتيرة وشدة هذه الظواهر. وفي تموز/يوليو الماضي، أصيب نحو 300 شخص في حريق قرب مرسيليا، ثاني أكبر مدينة فرنسية.
ووفقًا لخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، تُعد أوروبا أسرع القارات من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة، إذ تسجل معدلات ارتفاع تعادل ضعف المعدل العالمي منذ ثمانينيات القرن الماضي.
Today