القدس: شبان حريديم يمزقون رسائل الاستدعاء للتجنيد في الجيش الإسرائيلي

ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن عدداً من الشبان من طائفة الحريديم في حي بخاريم بالقدس قاموا، اليوم الثلاثاء، بسرقة وتمزيق رسائل استدعاء للتجنيد من أحد موظفي البريد، وفق ما أفاد الموظف للشرطة.
وأضاف موظف البريد أن نفس الشبان واصلوا متابعته أثناء قيامه بتسليم البريد في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فتحت شرطة منطقة القدس تحقيقاً في الحادث، وتعمل على تحديد هوية المتورطين. كما أشار الموظف إلى أن الزجاج الأمامي لسيارته تعرض لأضرار، ويعتقد أن أحد المشتبه بهم كان وراء ذلك.
استدعاء عشرات آلاف من طلاب الحريديم
في خطوة مثيرة للجدل، أعلن الجيش الإسرائيلي في 7 يوليو الفائت عزمه استدعاء 54 ألف طالب من طلاب المعاهد الدينية للخدمة العسكرية، تنفيذًا لحكم المحكمة العليا. وأكد المتحدث العسكري أن أوامر الاستدعاء ستصدر خلال شهر يوليو، مع وعد بتطوير برامج تراعي أسلوب حياة اليهود المتدينين وتساعد على دمجهم تدريجيًا في الجيش.
أزمات متعددة تواجه الجيش والحكومة
تأتي هذه الخطوة في ظل توترات ميدانية داخلية وخارجية، حيث يواجه الجيش الإسرائيلي تحديات أمنية متزايدة في غزة والحدود الشمالية مع لبنان، بالإضافة إلى التهديدات من الحوثيين في اليمن والتوترات مع إيران. هذا الواقع يزيد العبء على جنود الاحتياط الذين شاركوا في معارك متتالية.
سياسيًا، أثارت مسألة تجنيد الحريديم خلافات حادة داخل الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو، خصوصًا مع الأحزاب الدينية المتشددة التي تعتبر التجنيد تهديدًا لهويتها الدينية. ويصر قادة الحريديم على رفض الخدمة العسكرية التي يرونها مخالفة لقيمهم الدينية، خصوصًا عند مشاركة الرجال الحريديم مع جنود علمانيين أو نساء.
تحذيرات من تصعيد داخلي قد يؤدي إلى أزمة خطيرة
بدوره حذر عضو الكنيست الحريدي مئير بوروش من حزب "يهودات هتوراه" من خطر اندلاع "حرب أهلية" في حال عدم إصدار قانون يعفي طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية. وأكد أن أكثر من مليون حريدي يرغبون في الاستمرار بنمط حياتهم الديني، محذرًا من تصعيد لا يمكن احتواؤه نتيجة اعتقال الشبان الذين يتهربون من التجنيد.
ردًا على ذلك، دعا زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الحريديم إلى المشاركة في الجهود الوطنية بدلًا من التهديد بالصراع الأهلي.
إضرابات وتصعيد سياسي ضد سياسة التجنيد
ردًا على حملات الاعتقال والتجنيد، بدأ بوروش إضرابًا جزئيًا عن الطعام، احتجاجًا على ما وصفه بتصعيد الحكومة في فرض أوامر التجنيد على الحريديم. ويتهم قادة الحريديم المستشارة القضائية غالي باهراف-ميارا بالتحريض على تشديد الحملات ضد المتهربين.
في المقابل، اتهم وزير الاتصالات شلومو كراهي المستشارة القضائية بمحاولة تأجيج الفتنة بين المجتمع الحريدي وباقي الإسرائيليين، بينما وصف الحاخام دوف لاندا، أحد أبرز قادة التيار "اللتواني"، سياسة الحكومة بأنها "حرب" على الحريديم وهدد بمعركة عالمية غير مسبوقة.
احتجاجات واسعة وحملات دولية لدعم طلاب التوراة
خرج آلاف الحريديم في مظاهرات احتجاجية ضد فرض التجنيد، وأعلنت صحف حريدية بينها "هامباسير" التابعة لبوروش عن "حرب" على مساعي الحكومة لفرض الخدمة عليهم.
كما تخطط قيادات الحريديم الأشكناز لتنظيم مسيرة مليونية دولية متزامنة في عدة دول خلال الفترة المعروفة بـ"بين زمانيم"، "وهي الفترة بين ذكرى خراب الهيكل، والفاتح من شهر أيلول العبري، التي تصادف هذه الفترة". لنقل رسالة إلى العالم مفادها أن "دولة إسرائيل تعادي طلاب التوراة"، بحسب ما نقلته القناة الثانية عشرة الإسرائيلية.
جهود دبلوماسية لتثبيت إعفاء الحريديم
في سياق متصل، يعمل حزب "أغودات إسرائيل" في الولايات المتحدة على لقاء فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإصدار بيان رسمي يدعم إعفاء طلاب التوراة من الخدمة العسكرية في إسرائيل، وقد التقى السفير الأميركي في تل أبيب بالحاخامين لاندو وهيرش ضمن هذه الجهود.
انسحاب حزب ديغل هاتوراه وعمق الأزمة السياسية
في منتصف يوليو، انسحب حزب "ديغل هاتوراه" الأرثوذكسي المتشدد من الائتلاف الحاكم، احتجاجًا على محاولات الحكومة تهميش علماء التوراة والضغط على طلاب المعاهد. ودعا الحزب إلى وقف التعاون مع الحكومة، بما في ذلك الاستقالات من المناصب الرسمية.
خلفية تاريخية ومسائل قانونية معلقة
منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، تمتع طلاب المعاهد الدينية الحريديم بإعفاء غير رسمي من الخدمة العسكرية مقابل تفانيهم في دراسة التوراة، وهو النظام الذي كان مناسبًا حين كان الحريديم يشكلون نسبة صغيرة من السكان. لكن مع زيادة نسبتهم إلى أكثر من 13% اليوم، أصبح الإعفاء محل جدل سياسي واجتماعي كبير.
وفي يونيو الماضي، فشل الكنيست في تمرير قانون ينظم التجنيد، مما أدى إلى تعميق الانقسامات والتوترات التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
Today