"منشفة تتحول إلى ذريعة".. تحقيق يُشكّك في رواية إسرائيل بشأن قصف مستشفى ناصر في غزة

أفادت وكالة "أسوشييتد برس"، الجمعة، أن تقريرها عن الهجوم الإسرائيلي على مستشفى ناصر في خان يونس في قطاع غزة، والذي أودى بحياة 22 شخصًا، بينهم 5 صحفيين، يثير تساؤلات جدية حول مبررات إسرائيل للضربات وطريقة تنفيذها. وكان من بين القتلى مريم دقة، التي عملت لدى "أسوشييتد برس" ومنظمات إخبارية أخرى.

قصفت القوات الإسرائيلية خلال شهر أغسطس/ آب الماضي موقعًا معروفًا بأنه نقطة تجمع للصحفيين، لأنه، وفقًا لمسؤول عسكري إسرائيلي، اعتقد الجنود أن حماس تستخدم كاميرا على السطح لمراقبة القوات.

وأشار المسؤول إلى "سلوك مشبوه" ومعلومات استخباراتية غير محددة، لكن التفصيل الوحيد الذي أُعطي، وفقًا لوكالة "أسوشييتد برس"، هو وجود منشفة على الكاميرا والشخص الذي يحملها، وهو ما فسره الجيش على أنه محاولة لتجنب التعرف عليه.

ذكرت وكالة "أسوشييتد برس" أنها جمعت أدلة جديدة تشير إلى أن الكاميرا المذكورة كانت في الواقع ملكًا لصحفي يعمل لدى "رويترز"، وكان يحرص على تغطية معداته بقطعة قماش بيضاء لحمايتها من أشعة الشمس الحارقة والغبار، وقد تبيّن أن الصحفي الذي قتل في الغارة الأولى هو حسام المصري.

وأضافت الوكالة أن هذه الأدلة تُثير تساؤلات حول سبب تنفيذ القوات الإسرائيلية لهذه الغارة، ونقلت عن شهود عيان قولهم إن إسرائيل رصدت الموقع بشكل متكرر بطائرة مُسيّرة، بما في ذلك قبل حوالي 40 دقيقة من الهجوم، مما أتاح لها تحديد هوية المصري بدقة.

وجود المنشفة

بحسب الوكالة، اعتقد الجيش الإسرائيلي أن كاميرا فيديو موضوعة هناك كانت تُستخدم من قِبل حماس لمراقبة القوات الإسرائيلية القريبة، نظرًا لوجود منشفة ملفوفة فوقها، إلى جانب معلومات استخباراتية أخرى غير محددة، وفقًا لمسؤول عسكري.

تُظهر صورة التقطها الصحفية مريم أبو دقة - التي قتلت بالهجوم أيضاًَ - في منتصف أغسطس/آب المصري على نفس الدرج الذي تعرض للقصف - بجوار كاميرته، وقد لفّ فوقها قطعة قماش بيضاء. وفي الأسابيع التي سبقت الغارات، كان المصري يبثّ بثًا مباشرًا يوميًا تقريبًا من الدرج، وفقًا لصحفيين آخرين عملوا هناك ومسؤولين في المستشفى.

رفض الجيش الإسرائيلي التعليق عندما سُئل عما إذا كان قد أصاب الشخص الخطأ، ولم يقدم أي دليل على مزاعمه. وأكدت إسرائيل أن أياً من الصحفيين القتلى لم يكن هدفاً مقصوداً، وأن أياً منهم لم يكن مرتبطاً بحماس.

ضربة مزدوجة

ضربت القوات الإسرائيلي نفس الدرج بعد دقائق من تجمع العاملين في المجال الطبي والطوارئ والصحفيين هناك لمساعدة ضحايا الضربة الأولى. أثار ذلك اتهامات بـ"الضربة المزدوجة" - وهو نوع من الهجمات يهدف إلى قتل من يستجيبون للإصابات، وهو ما تعتبره جماعات حقوق الإنسان جريمة حرب محتملة.

كشف تحليل "أسوشييتد برس" لمقاطع الفيديو عن وقوع أربعة انفجارات على الأقل، اثنان خلال الضربة الأولى واثنان خلال الثانية، في كل مرة دون سابق إنذار.

وبحسب الوكالة، لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تفسير لسبب تنفيذه جولة ثانية من الضربات.

حللت الوكالة مقاطع فيديو للهجوم، ووجدت أن إسرائيل أطلقت قذائف دبابات شديدة الانفجار في الغارات، وهو ما أكده الجيش الإسرائيلي بعد تحقيق أولي.

وكان اللواء نفسه الذي نفذ هذه الغارات، لواء غولاني، متورطًا في إطلاق النار في مارس/ آذار على قافلة إسعاف جنوب غزة، والذي أسفر عن مقتل 15 مسعفًا فلسطينيًا. وقد كشف تحقيق أولي أجرته القوات الإسرائيلية في ذلك الهجوم عن سلسلة من "الإخفاقات المهنية"، وتم فصل نائب قائد.

تناقضات في قائمة قتلى حماس

قدمت إسرائيل أسماء ستة رجال قالت إنهم مسلحون من حركة حماس قُتلوا في الهجوم دون أن تقدم أي دليل، ولم يظهر أحد الرجال في قائمتها، وهو عمر كامل شحادة أبو تيم، في قائمة المستشفى للضحايا التي حصلت عليها وكالة "أسوشييتد برس".

وقال الأطباء وموظفو المشرحة إنه لم يُقتل أحد بهذا الاسم، وعلى عكس الخمسة الآخرين، لم تقدم إسرائيل صورة.

ووفقًا لقائمة المشرحة، كان شخص آخر يُدعى جمعة النجار، عامل رعاية صحية يعمل في مستشفى ناصر. وكان آخر، عماد الشاعر، سائقًا لدى المستجيبين الأوائل للدفاع المدني في غزة.

وتظهر الأسماء الثلاثة الأخرى في قائمة الضحايا، ولكن لم تتوفر أي تفاصيل أخرى عنها.

وبحسب تقرير "أسوشيتد برس"، فإنه استنادًا إلى تحليل اللقطات وقت الهجوم، والتحدث إلى العديد من شهود العيان، لا يوجد دليل على أن أي شخص قُتل في الغارات كان مسلحًا.