المحكمة الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بوقف التحقيقات المتعلقة في الحرب على غزة
رفض قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية أحد الطعون القانونية التي تقدّمت بها إسرائيل ضمن سلسلة طعون تستهدف التحقيق في سلوكها خلال الحرب على غزة. وفي حكم صدر يوم الاثنين، أيّد القضاة قرارًا سابقًا صادرًا عن الدائرة التمهيدية، خلص إلى عدم وجود "وضع جديد" يفرض على الادعاء إعادة إطلاق الإجراءات أو توجيه إشعار جديد إلى إسرائيل.
وأكّد قرار الاستئناف الإبقاء على حكم صادر عن محكمة أدنى، كان قد أقرّ بأن تحقيق الادعاء في الجرائم المزعومة الواقعة ضمن اختصاص المحكمة يمكن أن يشمل أحداثًا أعقبت الحرب الإسرائيلية على غزة، ما يعني عمليًا استمرار التحقيق، وبقاء مذكرات التوقيف التي صدرت العام الماضي بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت سارية المفعول.
وكانت إسرائيل قد جادلت بأن أحداث ما بعد 7 أكتوبر شكّلت تغييرًا جوهريًا يستدعي التزامات قانونية جديدة بموجب المادة 18 من نظام روما الأساسي، غير أن قضاة الاستئناف رفضوا هذا الادعاء.
قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورستين إن إسرائيل ترفض قرار دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، الذي صدر بأغلبية ضئيلة، والقاضي برفض حقها في تلقي إشعار مسبق بالإجراءات، زاعمًا أن هذا الحق مكفول بموجب مبدأ التكامل، ولا سيما في حالة دولة ديمقراطية، على حد تعبيره، تمتلك نظامًا قضائيًا مستقلًا وقويًا.
واعتبر مارمورستين أن القرار يشكّل مثالًا إضافيًا على ما وصفه بـ"التسييس المستمر" للمحكمة الجنائية الدولية، متهمًا إياها بتجاهل الحقوق السيادية للدول غير الأطراف، فضلًا عن التزاماتها المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، واصفًا ما جرى بأنه سياسة متخفية تحت ستار "القانون الدولي".
نطاق التحقيق
أوضحت المحكمة أن التحقيق الأصلي، الذي فُتح عام 2021، يشمل جرائم حرب ارتُكبت "منذ 13 يونيو 2014، من دون تحديد تاريخ انتهاء"، ما يعزّز الأساس القانوني لمذكرات التوقيف الصادرة في نوفمبر 2024 بحق نتنياهو وغالانت، المتهمَين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويركّز هذا الحكم على طعن قانوني واحد فقط من بين عدة طعون قدّمتها إسرائيل ضد تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية وضد مذكرات التوقيف الصادرة بحق مسؤولين إسرائيليين.
ولا يوجد حتى الآن جدول زمني محدد لبتّ المحكمة في الطعون الأخرى المتعددة المرتبطة باختصاصها في هذه القضية.
كارثة إنسانية في غزة
قتلت إسرائيل نحو 70,700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وأصابت أكثر من 171,100 آخرين في حربها على غزة منذ أكتوبر 2023، ما أدت إلى تدمير واسع في البنية التحتية، فيما بقيت الظروف المعيشية في القطاع عند مستويات شديدة القسوة، من دون أي تحسّن ملموس بعد وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر.
ومع استمرار إسرائيل في فرض قيود مشددة على إدخال المساعدات، برزت أزمة غاز الطهي كأحد أكثر وجوه الكارثة الإنسانية حدّة.
ففي حين يحتاج قطاع غزة يوميًا ما بين 400 و500 طن من الغاز لتلبية احتياجات السكان والمخابز والمستشفيات، لا تتجاوز الكميات التي سُمح بإدخالها منذ الهدنة 120 إلى 150 طنًا في أفضل الأيام، أي أقل من ثلث الحد الأدنى المطلوب، ما أدى إلى شلل شبه كامل في محطات التعبئة وعجز واسع لدى مئات آلاف العائلات.
وفي ظل غياب انتظام إدخال المساعدات عبر المعابر، تبدو الأزمة مفتوحة بلا أفق قريب للحل. وبين شحّ الإمدادات، وتوسّع السوق الموازية، وتداعيات النزوح الجماعي، تتكرس معاناة يومية تكشف هشاشة الحياة في غزة بعد الهدنة، وتُبقي السكان في مواجهة معركة للبقاء على قيد الحياة.
Today