ترامب يؤجّج الجدل بملف جيفري إبستين ويدعو إلى "فضح" الديموقراطيين المتورطين في القضية

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته في ملف جيفري إبستين، داعيا وزارة العدل إلى "فضح" الديموقراطيين عبر نشر وثائق القضية، ومعتبرا أن التركيز على الملف يشكّل "حملة اضطهاد سياسية" تستهدفه.

وفي منشور عبر منصته "تروث سوشال"، الجمعة، قال ترامب إن أكثر من مليون صفحة إضافية مرتبطة بقضية إبستين جرى اكتشافها، معتبرا أن وزارة العدل "مجبَرة على تكريس كل وقتها لهذه الخدعة التي دبّرها الديموقراطيون". وأضاف أن "الديموقراطيين هم من تعاونوا مع إبستين، لا الجمهوريين"، داعيا إلى نشر الأسماء الواردة في الوثائق و"فضحها"، ومشددا على أن ما وصفه بـ"اليسار الراديكالي" يسعى إلى إبقاء التركيز على قضية تعود إلى سنوات مضت لصرف الأنظار عن ما يعتبره نجاحات إدارته.

نشر دفعة جديدة من الوثائق

ويأتي تصعيد ترامب في وقت بدأت فيه وزارة العدل الأميركية بالفعل بنشر دفعات جديدة من الوثائق المرتبطة بالقضية، وسط انتقادات متزايدة من الديموقراطيين بشأن وتيرة الإفراج عن الملفات.

ففي 23 كانون الأول/ديسمبر، نشرت وزارة العدل الأميركية نحو ثمانية آلاف وثيقة جديدة مرتبطة بملف الممول المدان جيفري إبستين على موقعها الإلكتروني، بعد اتهامات من المعارضة الديموقراطية بالتباطؤ في نشر التفاصيل الكاملة للملف.

وبحسب تحليل وكالة فرانس برس، تضمنت الوثائق الجديدة مئات مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، من بينها لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى آب/أغسطس 2019، حين عُثر على إبستين متوفيا داخل زنزانته في أحد سجون نيويورك أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاعتداء الجنسي.

روابط ناقصة وانتقادات متزايدة

وأوضحت الوزارة أنها نشرت ما يقرب من 11 ألف رابط للوثائق على الإنترنت، غير أن عددا من هذه الروابط لم يكن يؤدي إلى أي محتوى فعلي، ما أثار تساؤلات وانتقادات إضافية بشأن شفافية عملية النشر.

مليون وثيقة إضافية وتأجيل النشر الكامل

وفي اليوم التالي، أعلنت وزارة العدل الأميركية، الأربعاء 24 كانون الأول/ديسمبر، عن اكتشاف أكثر من مليون وثيقة إضافية يُحتمل ارتباطها بالقضية، مشيرة إلى أن هذا التطور سيؤدي إلى تأجيل نشر جميع الملفات كاملة لأسابيع إضافية.

وأوضحت الوزارة أن محامين يعملون على مدار الساعة لمراجعة الوثائق وتنقيحها قانونيا، بهدف حماية ضحايا إبستين، مؤكدة أن الحجم الكبير للمواد يجعل عملية التدقيق ممتدة لعدة أسابيع.

ويأتي ذلك في إطار الإفراج الجزئي المتواصل عن ملفات التحقيق، امتثالا لقانون أقره الكونغرس في كانون الأول/ديسمبر، ينص على نشر جميع الوثائق المرتبطة بالقضية بحلول 19 كانون الأول/ديسمبر، مع السماح بتنقيحات محدودة لحماية الضحايا.

غضب في الكونغرس

وأثار التأخير في نشر الملفات انتقادات حادة داخل الكونغرس. فقد هدد النائبان رو خانا من الحزب الديموقراطي وتوماس ماسي من الحزب الجمهوري بتوجيه تهم ازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي لفشلها في الامتثال للقانون.

وفي السياق نفسه، دعا زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى تحرك قانوني ضد إدارة ترامب بسبب عدم نشر الوثائق كاملة ضمن المهلة المحددة.

وزارة العدل تنفي الدوافع السياسية

في المقابل، أكد كبار المسؤولين في وزارة العدل أن التأخير لا يحمل أي أبعاد سياسية، وأنه يأتي حصرا في إطار حماية الضحايا.

وقال نائب وزيرة العدل تود بلانش إن أكثر من ألف ضحية محتملة تستوجب قضاياهم إخفاء الأسماء والبيانات الحساسة، نافيا الاتهامات التي تحدثت عن سعي الوزارة إلى حماية ترامب.

وأضاف بلانش أن ترامب لا يواجه أي اتهامات في القضية، مشيرا إلى أن الرئيس وقّع في نهاية المطاف على القانون الذي يلزم الإدارة بنشر الوثائق، رغم محاولته في البداية تأجيل الكشف عنها، مؤكدا أن ترامب قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيفه.

ملف قديم وجدال مستمر

من جهته، قال ترامب إن ملف إبستين "استُخدم فقط لصرف الانتباه عن النجاحات الكبيرة" التي حققها هو والجمهوريون.

وذكرت وزارة العدل عبر حسابها على منصة "إكس" أن بعض الوثائق تتضمن "مزاعم غير صحيحة أو مبالغ فيها" ضد ترامب، مؤكدة أنه "لو كانت هذه الادعاءات تتمتع بأي قدر من المصداقية، لكانت استُخدمت بالفعل ضد الرئيس قبل انتخابات عام 2020".

خلفية القضية

وتعود قضية إبستين إلى شبكة واسعة لاستغلال فتيات قاصرات، استخدم فيها منازله وجزيرته الخاصة لتجنيد الضحايا. وقد توفي إبستين في أحد سجون نيويورك في آب/أغسطس 2019، بينما كان ينتظر محاكمته بتهم الاتجار بالجنس.

وكشفت الوثائق التي نُشرت جزئيا خلال الأيام الماضية عن علاقات إبستين بعدد من الشخصيات السياسية والفنية البارزة، من بينها ترامب، الذي زار منزل إبستين وسافر على متن طائرته الخاصة في مناسبات سابقة. ولم تُوجَّه أي اتهامات مباشرة إلى ترامب، غير أن ورود اسمه في الوثائق أعاد فتح الجدل حول طبيعة علاقته بالممول الراحل.