لحساسيته ومواكبة الحصر.. فنلندا تبدأ بإزالة الصليب المعقوف المرتبط بالنازية من أعلامها العسكرية

وقال تومي بوم، القائد الجديد للسرب الجوي التابع لقوات الدفاع الجوي في فنلندا: "كان بإمكاننا الاستمرار في استخدام هذا العلم، لكن أحيانا قد تنشأ مواقف حساسة مع الزوار الأجانب. وربما يكون من الحكمة مواكبة العصر".

وقد جرت تغييرات على مر السنين، إذ حذف قبل بضع سنوات الصليب المعقوف الفنلندي من شعار وحدة القيادة للقوات الجوية. لكن الصلبان المعقوفة بقيت على بعض أعلام القوات الجوية الفنلندية، مما يثير استغراب حلفاء الناتو والسياح والأجانب الآخرين الذين يرونها أحيانًا خلال الفعاليات العسكرية.

أسباب الأزالة

وتقوم القوات الجوية، التي بدأت باستخدام الصليب المعقوف منذ تأسيسها عام 1918، بإزالته من الأعلام التي تُرفع في المناسبات الاحتفالية. وصرح قادتها، الذين كانوا يمحون الرمز تدريجيًا لسنوات، في بيان أن تصميم العلم الجديد سيعكس "الهوية الحالية" للقوات الجوية بشكل أفضل.

وقال العقيد تومي بوم، أحد قادة القوات الجوية، لإذاعة Yle الفنلندية العامة: "كان بإمكاننا الاستمرار في استخدام هذا العلم، ولكن قد تنشأ أحيانًا مواقف محرجة مع الزوار الأجانب". وأضاف: "قد يكون من الحكمة مواكبة العصر".

سيتضمن الشعار الجديد المستخدم على الأعلام نسرًا ذهبيًا مُحلقًا فوق دائرة زرقاء، محاطًا بأجنحة.

كان الصليب المعقوف رمزًا شائع الاستخدام وغير مؤذٍ حتى تبناه الحزب النازي الألماني كعلامة دائمة لنظامه الإبادة الجماعية.

ولا يزال رمزًا للتعصب، يستخدمه النازيون الجدد وغيرهم لتهديد اليهود والأقليات الأخرى. وقد حظرت العديد من الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، عرضه علنًا، ودرس المشرّعون في فنلندا اعتماد قوانين مماثلة.

سبب الاستخدام

يذكر أن فنلندا شهدت عام 1918 حربا أهلية بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر المحافظ، بعد عام واحد فقط من استقلال البلاد عن روسيا.

وبعد انتصار المعسكر المحافظ، أصبح الصليب المعقوف الشعار المميز للقوات الجوية الفنلندية، مستخدمًا على طائراتها منذ ذلك الحين.

ويُعدّ استخدامه إرثًا للأرستقراطي السويدي، إريك فون روزن، الذي رسمه على طائرة تبرع بها للقوات الفنلندية المناهضة للشيوعية خلال الحرب الأهلية التي أعقبت استقلال فنلندا.

استخدم فون روزن الصليب المعقوف كرمز شخصي للحظ السعيد، إلا أن قربه من الشخصيات النازية في العقود اللاحقة زاد من الجدل.

بدأ الجيش الفنلندي في التخلص تدريجيًا من الصليب المعقوف. وأعلنت قيادة القوات الجوية الفنلندية أنها أزالت الشعار من شاراتها عام 2017. وفي عام 2020، لاحظ بعض المراقبين أن الشعار قد أُزيل بهدوء من الزي الرسمي والمواقع الإلكترونية الرسمية.

خارج أوروبا، يُعتبر الصليب المعقوف رمزًا مقدسًا في الهندوسية والبوذية والجاينية، وغيرها من الثقافات، وهو وضعٌ أثار لبسًا ومراجعات.

في إعلانٍ مثير للجدل قبل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2021، أعلنت هيئةٌ لرسم الخرائط في اليابان أنها ستتوقف عن استخدام رمز "مانغي"، وهو رمزٌ يشبه الصليب المعقوف، لتمييز المعابد، على أمل تجنب المواقف التي قد يخلط فيها الزوار بينه وبين رمزٍ نازي.

صورة سيئة لعضو جديد في الناتو

أفادت وزارة الدفاع، في رسالة لوكالة "أسوشييتد برس"، الجمعة، بأن خطة لتجديد أعلام وحدات القوات الجوية قد أُطلقت في عام 2023، وهو العام الذي انضمت فيه فنلندا إلى حلف الناتو، لكنها نفت ارتباطها بالانضمام إلى الحلف. وأوضحت أن الهدف هو "تحديث رمزية وشعارات الأعلام لتعكس الهوية الحالية للقوات الجوية بشكل أفضل".

وأشارت إلى مقال نُشر في صحيفة هلسنكي سانومات، الجمعة، والذي ذكر أن سبب الإزالة هو الاعتقاد بأن الصليب المعقوف كان "رمزًا محرجًا في السياقات الدولية".

انضمت فنلندا، التي تشترك في حدود طويلة مع روسيا، إلى حلف الناتو في أبريل/ نيسان 2023 بسبب مخاوف تتعلق بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وقال تيفو تيفينين، أستاذ السياسة العالمية في جامعة هلسنكي، إن الأعلام المعنية قد طُرحت في خمسينيات القرن الماضي، وترفعها اليوم أربع وحدات من القوات الجوية.

قال تيڤاينن، الذي نشر هذا الشهر كتابًا بعنوان "تاريخ الصليب المعقوف"، إن القوات الجوية والشعب الفنلندي أصرّوا لسنوات على أن الصليب المعقوف المستخدم في القوات الجوية الفنلندية "لا علاقة له بالصليب المعقوف النازي".

ولكن الآن، وبعد اندماج فنلندا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قرر صانعو السياسات "ضرورة تعزيز التكامل مع قوات دول مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا - وهي دول يُعتبر فيها الصليب المعقوف رمزًا سلبيًا واضحًا"، على حد قوله.

وأضاف تيڤاينن أنه في عام 2021، انسحبت وحدات القوات الجوية الألمانية من حفل ختامي عقب تدريبات في قاعدة عسكرية في منطقة لابلاند الفنلندية بعد علمها أن الصليب المعقوف الفنلندي سيكون معروضًا.

وأعلنت قوات الدفاع أنه سيتم نشر أعلام جديدة، تحمل نسرًا، عند اكتمال العمل واستخدامها في مناسبات مثل المسيرات والاحتفالات المحلية، دون تحديد موعد لذلك.