اختراق أمني في المتحف الوطني بدمشق: سرقة 6 قطع أثرية من الجناح الكلاسيكي
تعرض المتحف الوطني في دمشق لعملية سرقة ليل الأحد–الإثنين، طالت قطعاً أثرية نادرة بينها مسبوكات ذهبية وتماثيل رخامية من العصر الروماني، في أول اختراق أمني كبير يطال المؤسسة منذ إعادة افتتاحها مطلع يناير 2025، بعد إغلاقٍ دام قرابة شهر خشيةً من نهبٍ واسع عقب سقوط نظام الأسد.
وأكّد مصدر مقرب من إدارة المتحف، في حديث لوكالة فرانس برس، أن السرقة استهدفت ست قطع معروضة في الجناح الكلاسيكي، واصفاً إياها بـ"المسبوكات الذهبية"، بينما أشار مسؤولون في المديرية العامة للآثار والمتاحف ــ في تصريحات منفصلة لوكالة أسوشيتد برس ــ إلى أن المسروقات شملت "ستة تماثيل رخامية" تعود إلى الحقبة الرومانية.
واكتُشفت الواقعة صباح الإثنين، بعد العثور على بابٍ مكسور في قسم الآثار الكلاسيكية، ما دفع السلطات إلى إغلاق المتحف فوراً ومنع دخول الموظفين إلى قاعات العرض، بحسب مسؤول في إدارة المتاحف.
ولم تُبلّغ إدارة المتحف وسائل الإعلام رسمياً، واكتفت بالإعلان عن الإغلاق "لسبب أمني"، مع التأكيد على أن الافتتاح مجدداً سيُستأنف الأسبوع المقبل.
تحقيق عاجل واحتجاز مؤقت لعناصر الحراسة
وباشرت قيادة الأمن الداخلي في محافظة دمشق التحقيق فوراً، وأكد العميد أسامة محمد خير عاتكة قائد الأمن الداخلي لوكالة سانا، أن "فرق التتبّع تعمل على ضبط الفاعلين واستعادة المسروقات، إلى جانب التحقيق مع الحرّاس والموظفين المكلفين بالأمن داخل المتحف".
وكشف مصدر أمني لـفرانس برس أن "عدداً من موظفي وحراس المتحف احتُجزوا الإثنين وتم التحقيق معهم"، قبل إطلاق سراحهم لاحقاً، في خطوة تُظهر تركيز التحقيق الأولي على الثغرات الأمنية الداخلية.
جناحٌ يختزن تراثاً من ثلاث إمبراطوريات
والجناح الكلاسيكي، الذي وقعت فيه السرقة، يُعتبر من أثمن أقسام المتحف، ويحتوي قطعاً من الحقب الهلنستية والرومانية والبيزنطية، جُمعت من مواقع أثرية بارزة مثل تدمر وحلب ودرعا.
وقال مأمون عبد الكريم، الرئيس الأسبق للمديرية العامة للآثار والمتاحف لوكالة أسوشيتد برس، إن القسم "غنيٌّ تاريخياً"، ويضم إضافة إلى التماثيل أسرّة جنائزية ولوحات جدارية نادرة.
وكان المتحف، على عكس عشرات المواقع الأخرى، قد بقي طوال سنوات النزاع في منأى عن عمليات النهب، فاختير كمركزٍ مركزي لحماية القطع الأثرية المهددة: نُقلت إليه مئات القطع من متاحف ومواقع معرّضة للخطر في أنحاء البلاد بعد تدعيم إجراءاته الأمنية ببوابات معدنية وكاميرات مراقبة في محاولة لإنقاذ ما تبقّى من الذاكرة الوطنية.
إغلاق ثم فتح ثم سرقة: مسارٌ وسط انهيار دولة
وأُغلق المتحف في أواخر 2024، مع اقتراب سقوط حكم عائلة الأسد الذي دام 54 عاماً، خشية تكرار سيناريوهات النهب التي طالت عشرات المواقع الأثرية. وأُعيد افتتاحه رسمياً في 8 يناير 2025، في خطوة رمزية لإعلان "استقرار" ما بعد الحرب.
وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن تداعيات النزاع السوري (2011–2025) قضت على معالم أثرية رمزية، ودمّرت مواقع ثابتة كالمدينة القديمة في حلب وتدمر، بينما نُهبت وفق دراسة لمؤسسة جيردا هنكل والجمعية السورية لحماية الآثار (باريس، 2020) أكثر من 40 ألف قطعة، معظمها قابلة للنقل: عملات، تماثيل صغيرة، فسيفساء.
خلال ذروة الحرب، شكّلت الآثار مصدراً لعائدات تقدّر بملايين الدولارات، استفادت منها جهات متعددة: من تنظيم داعش إلى فصائل معارضة، وعناصر محسوبين على النظام السابق، فضلاً عن شبكات تهريب دولية أقل تنظيماً.