نيويورك: لقاء بين الشرع وترامب.. واتفاقية ثلاثية بين قطر والسعودية والأمم المتحدة لدعم سوريا

وقّعت كل من دولة قطر والمملكة العربية السعودية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الأربعاء، اتفاقية تمويل مشترك بقيمة 89 مليون دولار أمريكي لدعم استمرار تقديم الخدمات الأساسية في سوريا خلال فترة تمتد لثلاثة أشهر. وجاء التوقيع في مقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بنيويورك، على هامش فعاليات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويستهدف التمويل المشترك تأمين جزء من رواتب العاملين في القطاع العام السوري، لا سيما في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحماية الاجتماعية ودعم الاستقرار والتعافي الاقتصادي والاجتماعي في البلاد بعد أكثر من عقد من الأزمة.

تعاون عربي – أممي يُوصف بـ"السابقة"

وصف عبد الله الدردري، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الاتفاق بأنه "سابقة" في التعاون متعدد الأطراف بين دول الجنوب، وتحديدًا بين دولتين عربيتين، مع الأمم المتحدة.

وقال الدردري في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة: "اليوم، السعودية وقطر تقدمان ما يقارب 90 مليون دولار لصالح الرواتب والأجور للعاملين في تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية في سوريا".

وأشار إلى أن هذا التعاون يعكس نمطًا جديدًا من الشراكات الإنمائية التي تجمع بين الموارد الوطنية والخبرة الأممية، مؤكدًا أن البرنامج الإنمائي في سوريا يعمل عبر قطاعات متعددة تشمل التنمية الاجتماعية، والتعافي الاقتصادي، وجذب الاستثمار، والطاقة والمياه، وتغير المناخ، والتنمية المحلية.

إطار تنموي موحد قيد الإعداد

أوضح الدردري أن الأمم المتحدة تعمل حاليًا على إعداد "إطار التنمية المستدامة في سوريا"، الذي سيشمل جميع قطاعات عمل المنظومة الأممية داخل البلاد وخارجها. كما كشف عن قرب إطلاق "برنامج العمل القطري الجديد" للفترة القادمة، الذي سيركّز على القضايا المترابطة بين الفقر والبطالة والتعافي والاستثمار والتشغيل، بالإضافة إلى إدارة التحديات المناخية.

ولفت إلى أن سوريا، كباقي دول المشرق العربي، تعاني من جفاف شديد، ما يزيد من تعقيدات التعافي، ويستدعي تعبئة موارد مالية كبيرة لدعم القطاعات الأساسية التي تسهم في تسريع عجلة الاستقرار.

دعم سعودي وقطري يترجم التزامًا إقليميًا

من جانبه، أكد سلطان بن عبد الرحمن المرشد، الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، أن المنحة تأتي "ضمن جهود القيادة الرشيدة للمملكة العربية السعودية نحو تعزيز الدعم الإنمائي في سوريا الشقيقة"، مضيفًا أن الصندوق يعمل "جنبًا إلى جنب مع الشركاء لدعم النمو في مسيرة التنمية في سوريا".

بدوره، أفاد فهد بن حمد السليطي، المدير العام لصندوق قطر للتنمية، أن الصندوق سيوقّع قريبًا تسع اتفاقيات إضافية مع وكالات تابعة للأمم المتحدة تغطي مجالات التعليم والصحة والأمن الغذائي والمناخ، في إطار التزام دولة قطر بدعم الشعب السوري ومؤسساته.

الحكومة السورية: دعم اقتصادي يُرسي دعائم الاستقرار

عبّرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، هند قبوات، عن شكرها لدولة قطر والمملكة العربية السعودية على هذا الدعم، مؤكدة أن "الدعم الاقتصادي يؤمن الدعم السياسي والاستقرار". وقالت في تصريح لأخبار الأمم المتحدة: "نحن نريد الاستقرار في بلادنا وأن يكون الشعب السوري مرتاحًا. هذه لحظة تاريخية بالنسبة لنا بعد 14 سنة من المعاناة".

وأضافت: "اليوم نحن موجودون كحكومة حرة تحب الشعب وهي من الشعب وإلى الشعب. هذه مشاركة تاريخية، والشكر لكل العالم الذي وقف معنا".

ترامب يلتقي الشرع في نيويورك

وشهدت الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لحظات تاريخية على الصعيد السوري، أبرزها مشاركة وفد سوري رفيع المستوى يترأسه رئيس الجمهورية العربية السورية للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، الذي ألقى كلمة أمام الجمعية العامة كرئيس لسوريا لأول مرة منذ عام 1967.

وأجرى الرئيس الشرع سلسلة لقاءات دبلوماسية على هامش الاجتماعات، كان من بينها لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء 24 سبتمبر/أيلول، بحضور قرينته ميلانيا ترامب.

وأفادت رئاسة الجمهورية العربية السورية في بيان نشرته عبر منصة إكس: "التقى السيد أحمد الشرع، رئيس الجمهورية العربية السورية، مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية، السيد دونالد ترامب، خلال حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس الأميركي على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك بحضور السيدة ميلانيا ترامب".

وكان الرئيسان قد التقيا سابقًا في السعودية على هامش زيارة ترامب لعدد من دول الخليج في مايو/أيار الماضي.

وفي سياق جهود إعادة الإعمار والانفتاح الدولي، تعمل الحكومة السورية حاليًا على دفع الولايات المتحدة لرفع العقوبات المفروضة على دمشق بشكل كامل، بعد أن ألغت واشنطن جزءًا منها في مايو الماضي.

وقد دعا الشرع خلال زيارته الحالية إلى رفع العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لعام 2019، مشيرًا إلى أن ذلك يُعدّ شرطًا جوهريًا لتسهيل الاستثمار وتسريع عمليات التعافي الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.