اجتماع ترامب مع كوشنر وبلير يُثير الجدل.. هل يُمهّد الطريق لإحياء رؤية "ريفييرا غزة"؟

عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعًا في البيت الأبيض جمع إلى طاولته شخصيات ارتبط اسمها سابقًا بمشاريع مثيرة للجدل، من بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وصهر ترامب ومستشاره السابق جاريد كوشنر، وفق ما ذكر مسؤول رفيع في البيت الأبيض لوكالة "رويترز".
وصف البيت الأبيض الاجتماع بأنه "مجرد اجتماع سياسي"، لكن دلالاته أعادت إلى الواجهة ما يُعرف بـ"خطة ريفييرا غزة"، التي تقوم على تحويل القطاع إلى منتجع ساحلي دولي بعد تهجير سكانه.
شخصيات مثيرة للجدل على الطاولة
بحسب المسؤول في البيت الأبيض، ناقش ترامب وكبار المسؤولين الأمريكيين مع بلير وكوشنر ملفات متشعّبة تتصل بغزة، من بينها إيصال المساعدات الغذائية، أزمة الرهائن، وخطط ما بعد الحرب.
غير أن حضور كوشنر تحديدًا أثار تساؤلات حول الهدف الفعلي للاجتماع، خاصة وأنه زار إسرائيل مطلع الشهر الجاري والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لبحث الحرب.
ويُنظر إلى وجوده على الطاولة باعتباره انعكاسًا للتوجه نحو إحياء فكرة ترامب القديمة بتحويل غزة إلى مشروع استثماري ساحلي بإدارة أمريكية، أكثر مما يعكس سعيًا فعليًا لوضع حد للحرب أو لتخفيف معاناة المدنيين.
كوشنر، الذي ساعد خلال ولاية ترامب الأولى في تمرير اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، سبق أن وصف النزاع العربي الإسرائيلي بأنه "مجرد خلاف عقاري". بل ذهب أبعد في تصريح له بجامعة هارفارد، عندما تحدث عن ضرورة إجلاء الناس و"تنظيف المكان"، في عبارات وُصفت بأنها تكشف عن رؤية إقصائية تنطوي على تطهير عرقي.
من جانبه، لا يقلّ توني بلير إثارة للجدل، فالرجل الذي ظلّ نشطًا في ملفات الشرق الأوسط، يعمل منذ أشهر على خطة غير رسمية لما بعد حرب غزة.
وكشفت مصادر مطّلعة لموقع "تايمز أوف إسرائيل" أنّ بلير تواصل مع أطراف إقليميين ودوليين، بينهم كوشنر والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، في محاولة لتسويق هذه الخطة.
ووفق ما أوردته صحيفة "فايننشال تايمز"، شارك المعهد الذي أسّسه بلير في صياغة تصوّرات تتعلّق بإعادة إعمار غزة، وهو ما أعاد فتح النقاش حول ما إذا كان الهدف إنسانيًا أم سياسيًا يعزز من نفوذ إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة.
خطة السيطرة على غزة
تزامن الاجتماع الذي قاده ترامب مع وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن ولقائه كبار مسؤولي البيت الأبيض، ما عكس مستوى التنسيق الوثيق بين واشنطن وتل أبيب. وبعد ساعات، عقد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو محادثات مع نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي كان هو الآخر في العاصمة الأمريكية، ليشكر إدارة ترامب على دعمها لإسرائيل.
ورغم محاولة البيت الأبيض التقليل من شأن الجلسة، فإن التوجهات المعلنة لترامب تكشف أن الأمر يتجاوز ذلك. فقد نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أمريكي أن ترامب أعرب عن ضيقه من استمرار الحرب قائلاً: "لم أعد أستطيع مشاهدة ما يجري، إنه أمر مروّع"، لكنه في الوقت نفسه أيّد خطة إسرائيلية للسيطرة على مدينة غزة، في خطوة قد تعقّد مسألة الرهائن وتطيل أمد الصراع لأشهر إضافية.
وقوبلت فكرة ترامب بما يخصّ تولي إدارة غزة بشكل مباشر وإعادة توطين الفلسطينيين خارجها بصورة دائمة، برفض قاطع من الدول العربية التي كان يعوّل على موافقتها لاستضافة اللاجئين.
ورغم أن إسرائيل رحّبت بالمقترح، فإن مراقبين حذّروا من أنه لا يمثل سوى غطاء قانوني لمحاولة تهجير جماعي قد تصل تكاليف "إعادة إعمار" القطاع بعده إلى نحو 100 مليار دولار.
فهل كانت الاجتماعات الأخيرة في البيت الأبيض مجرد نقاش حول المساعدات الإنسانية ومستقبل غزة، أم محاولة لإعادة تدوير رؤية قديمة يتقاسمها ترامب وكوشنر وبلير، ترى في غزة أرضًا فارغة قابلة للاستثمار السياحي؟
Today