إيران تحت العقوبات مجددًا.. وطهران ترفض محادثات نووية قد تجلب "مشاكل جديدة"

رفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، إجراء أي مفاوضات نووية قد تجلب "مشاكل جديدة".

ونقلت وكالة "إسنا" للانباء عن الرئيس الإيراني قوله: "لطالما أكدنا استعدادنا لحوار منطقي وعادل يستند إلى معايير واضحة، لكن لن نقبل أبدا بمفاوضات تجلب لنا مشاكل وقضايا جديدة".

وكانت إيران قد نددت بإعادة فرض العقوبات عليها بعد عشر سنوات من رفعها، إثر تعثر المحادثات مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي. وأكدت طهران أن العقوبات "باطلة ولاغية"، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أن إعادة فرض العقوبات "يجب ألا تكون نهاية الدبلوماسية مع إيران".

دخول العقوبات حيّز التنفيذ وتداعيات اقتصادية فورية

أُعيد فرض العقوبات الصارمة السبت، وشملت حظر التعاملات المرتبطة بالبرنامجين النووي والصاروخي الإيراني إلى جانب تدابير أخرى، ودخلت حيّز التنفيذ تلقائياً الساعة الثامنة مساء بتوقيت نيويورك (منتصف ليل السبت الأحد بتوقيت غرينيتش). وسرعان ما انعكست التبعات الاقتصادية على السوق الإيرانية، إذ هبط الريال إلى أدنى مستوياته أمام الدولار، حيث جرى تداول الدولار الواحد بحوالي 1,12 مليون ريال وفق مواقع مختصة، مقارنةً بأكثر من مليون ريال بقليل قبل تفعيل "آلية الزناد" الأوروبية.

الموقف الإيراني: رفض العقوبات والتشديد على الحقوق الوطنية

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن الجمهورية الإسلامية "ستدافع بحزم عن حقوقها ومصالحها الوطنية"، معتبرة إعادة تفعيل العقوبات "إساءة واضحة للمسار القانوني". ودعت الدول إلى عدم تطبيق الإجراءات الجديدة. وأصرّت طهران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، نافية الاتهامات الغربية والإسرائيلية بالسعي إلى إنتاج قنبلة نووية.

إسرائيل ترحب

رحّبت إسرائيل، الأحد بإعادة تفعيل العقوبات على إيران، واصفة هذه الخطوة بأنها "تطور كبير" ردا على ما اعتبرته "انتهاكات" ارتكبتها الجمهورية الإسلامية في برنامجها النووي.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية: "هذا تطور كبير ردا على الانتهاكات المستمرة من جانب إيران، خصوصا في ما يتعلق ببرنامجها النووي العسكري"، مضيفة أن "الهدف واضح: منع إيران من امتلاك سلاح نووي. على العالم استخدام كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف".

الترويكا الأوروبية وواشنطن: دعوة لحل دبلوماسي جديد

قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ، استدعت طهران سفراءها في فرنسا وألمانيا وبريطانيا للتشاور. وأكدت العواصم الثلاث أنها ستواصل البحث عن "حل دبلوماسي جديد يضمن عدم حصول إيران على السلاح النووي"، داعية طهران إلى الامتناع عن "أي عمل تصعيدي". من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إيران إلى الموافقة على محادثات مباشرة مع واشنطن، مؤكداً أن "الدبلوماسية لا تزال خياراً".

تصريحات الرئيس الإيراني وشروط واشنطن

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن الولايات المتحدة طلبت من طهران تسليم "كلّ" مخزونها من اليورانيوم المخصّب مقابل إعفاء من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر، واصفاً ذلك بالعرض "غير المقبول". وأوضح بزشكيان في نيويورك، على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن بلاده لن تقبل "بأي شكل من الأشكال" بهذا الشرط.

المفاوضات وشروط الترويكا الأوروبية

اعتبرت دول الترويكا أن طهران لم تستجب لشروطها الثلاثة: استئناف المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول مواقع نطنز وفوردو وأصفهان التي تعرضت لقصف في حزيران/يونيو، وضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصّب. اقترحت روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي تمديد مهلة رفع العقوبات لمدة ستة أشهر لإعطاء الدبلوماسية فرصة إضافية، إلا أن المقترح قوبل بالرفض. واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية بـ"تخريب" المساعي الدبلوماسية، واعتبر أن الموقف الغربي "ابتزاز سياسي".

خلفية الاتفاق النووي

أبرمت إيران اتفاقاً نووياً مع القوى الكبرى عام 2015، عُرف بخطة العمل الشاملة المشتركة، نصّ على رفع العقوبات مقابل الحد من أنشطتها النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم عند سقف 3,67%. لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، تراجعت طهران تدريجياً عن التزاماتها. وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك اليوم نحو 440 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وهي كمية تكفي، إذا رُفعت إلى 90%، لإنتاج ما بين ثماني وعشر قنابل نووية، وفق خبراء أوروبيين.