اختراق في دراسة الملاريا الدماغية.. نموذج ثلاثي الأبعاد يوضح آلية الضرر ويمهّد لعلاجات محتملة

تستمر الملاريا الدماغية في تهديد حياة الأطفال حول العالم، حيث يقتل هذا المرض طفلًا من بين كل خمسة مصابين، ويتسبب بإعاقات طويلة الأمد لنصف الناجين.
السبب هو طفيلي Plasmodium falciparum، الذي يتكاثر داخل خلايا الدم الحمراء وينتقل لاحقًا لإصابة خلايا جديدة، قبل أن يصل إلى الحاجز الدموي الدماغي (BBB)، الحاجز الذي يحمي الدماغ من المواد الضارة، ويبدأ عندها بإلحاق الضرر، مما يؤدي إلى مضاعفات شديدة.
في خطوة نوعية، ابتكر باحثو EMBL في برشلونة نموذجًا للحاجز الدموي الدماغي في المختبر، ليتمكنوا من دراسة كيفية تلفه بفعل الطفيلي، واختبار علاجات محتملة قد تمنع الضرر أو تعكسه. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Nature Communications.
وقالت ليفيا بياتي، زميلة ما بعد الدكتوراه والمؤلفة المشاركة الأولى للدراسة: "يمكن تصور الحاجز الدموي الدماغي كنظام من الأنابيب المحكمة الإغلاق التي تمنع التسرب. لكن طفيلي الملاريا قادر على تكوين شقوق في هذه الأنابيب، ما يسمح بتسرب سائل مصاب إلى الدماغ، مسبّبًا تورمًا ويجعل المرض غير قابل للعلاج".
بناء نموذج ثلاثي الأبعاد للحاجز الدموي الدماغي
للتعرف على آلية الضرر التي يسببها الطفيلي، أنشأ فريق بيرنابيو أكثر نموذج متكامل للحاجز الدموي الدماغي البشري في المختبر حتى الآن.
يشمل النموذج الخلايا البطانية التي تبطن الأوعية الدموية، وخلايا الدعامات pericytes، والخلايا النجمية astrocytes، مرتبة في هيكل ثلاثي الأبعاد مع تدفق مستمر للسائل.
ثم تعرّض هذا النموذج، المعروف بـ 3D-BBB، للطفيلي في مرحلة التفجير، أي اللحظة التي ينفجر فيها من خلايا الدم الحمراء خلال عملية egress.
وقالت ألينا باتزيلا، زميلة قبل الدكتوراه والمؤلفة المشاركة الأولى: "استخدمنا تقنية التصوير الحي لتتبع الجزيئات الفلورية المتسربة من داخل الأوعية إلى المنطقة المحيطة. وعند تطبيق منتجات الطفيلي أو خلايا الدم المصابة، لاحظنا زيادة كبيرة في مرور الجزيئات، ما يدل على أن الحاجز أصبح أكثر نفاذية".
كما أظهر تحليل تعبير الجينات على مستوى الخلية الواحدة أن الخلايا تنتج كميات أقل من البروتينات التي تحافظ على إحكام الحاجز، ومزيدًا من الجزيئات التي تسبب الالتهاب.
اختبار دواء Ruxolitinib كحل محتمل
إضافة إلى ذلك، اختبر الباحثون دواء Ruxolitinib على نموذجهم ثلاثي الأبعاد، وأظهرت النتائج أنه قد يكون فعالًا في حالات الملاريا الشديدة. هذا الدواء يعمل كمثبط لمسار JAK-STAT الذي ينشط الاستجابة المناعية والالتهابات، ويعمل كـ "رقعة" لإغلاق الشقوق في الحاجز الدموي الدماغي، مما يقلل من نفاذيته عن طريق تهدئة الالتهاب في أوعية الدماغ.
وقالت ماريا بيرنابيو، قائدة الفريق والمؤلفة الرئيسية: "نموذجنا ثلاثي الأبعاد للحاجز الدموي الدماغي من أكثر النماذج تقدمًا، لكن نطمح لتطويره أكثر. خطوتنا التالية تشمل إضافة الخلايا المناعية وأنواع أخرى موجودة في الدماغ، مثل الخلايا الدبقية الدقيقة microglia والخلايا العصبية، لتعزيز تعقيد النموذج وجعله أقرب ما يمكن للدماغ البشري الحقيقي".
Today