الضغوط النفسية شريك خفي في الخطر…الأزمة القلبية لا تنتهي بالعلاج الجسدي

نشرت الجمعية الأميركية للقلب بيانًا علميًا جديدًا في دورية Circulation تناولت فيه مسألة الضائقة النفسية بعد النوبة القلبية، مشيرة إلى أنّها من العوامل المؤثرة بشكل مباشر على التعافي الجسدي وصحة القلب في المستقبل. و

جاء البيان تحت عنوان "Post-Myocardial Infarction Psychological Distress" حيث شدد على ضرورة التعامل مع الآثار النفسية إلى جانب العلاجات الطبية التقليدية.

أهمية الصحة النفسية في التعافي القلبي

أوضح رئيس لجنة إعداد البيان البروفيسورغلاين ن. ليفين من كلية بايلور للطب في هيوستن أنّ الضائقة النفسية بعد النوبة القلبية شائعة جدًا لكنها غالبًا لا تُشخّص أو تُعالج، لافتًا إلى أنّ التركيز غالبًا ينصب على الجانب الجسدي للمرض بينما يُعد التعافي العاطفي جزءًا أساسيًا لا يقل أهمية. وأكد أنّ وجود القلق أو الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة بعد الأزمة القلبية قد يضاعف من احتمالات الإصابة بمضاعفات جديدة أو الوفاة مقارنة بالمرضى الذين لا يعانون من هذه الحالات.

حقائق وإحصاءات مقلقة

أشار البيان إلى أنّ ما يقارب ثلث الناجين من النوبات القلبية يصابون بالاكتئاب سنويًا، وهو معدل يفوق بكثير المعدل المسجل لدى عموم البالغين في الولايات المتحدة. كما أنّ القلق والضغط النفسي قد يظهران لدى نصف المرضى أثناء فترة الاستشفاء ويبقيان عند نسبة ملحوظة منهم بعد الخروج من المستشفى. وتزداد احتمالات الإصابة بالضائقة النفسية بين من يعيشون بمفردهم، النساء، غير المتزوجين، العاطلين عن العمل، المهاجرين، ومن لديهم تاريخ سابق مع الاضطرابات النفسية أو الأمراض المزمنة.

الروابط البيولوجية والسلوكية

بيّن البيان أنّ التلف الحاصل في عضلة القلب نتيجة النوبة القلبية قد يؤدي إلى التهابات وتغيرات هرمونية وكيميائية في الدماغ تسهم في زيادة أعراض الاكتئاب أو القلق. وأوضح أنّ الضغط النفسي الحاد قد يتسبب في تضيق الشرايين التاجية وضعف تدفق الدم إلى القلب واضطرابات في النظم القلبي. كما أظهرت أبحاث أنّ ما يقارب سبعين في المئة من المصابين بأمراض القلب يعانون من ضعف تدفق الدم عند تعرضهم لضغط نفسي شديد. وأكد أنّ الضائقة النفسية تؤثر أيضًا في السلوكيات الصحية، إذ ترتبط بقلة النوم، العادات الغذائية غير السليمة، قلة النشاط البدني، التدخين، وعدم الالتزام بتناول الأدوية أو بالمشاركة في برامج إعادة التأهيل القلبي.

التشخيص والدعم النفسي

البيان أشار إلى أنّه لا يزال غير واضح ما إذا كان يجب إخضاع جميع الناجين لفحوصات نفسية منهجية، لكنه شدد على أنّ تقييم الصحة العاطفية جزء أساسي من المتابعة الطبية بعد النوبة القلبية. وأوضح ليفين أنّ الاعتراف بأن المريض قد يعاني من ضغط أو اكتئاب بعد أزمة قلبية، وتقديم إحالة لطبيب مختص، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على التعافي وجودة الحياة.

العلاجات وخيارات الرعاية

أوصى البيان باستخدام أساليب علاجية متعددة مثل العلاج السلوكي المعرفي، الأدوية المضادة للاكتئاب من فئة SSRIs التي أثبتت فعاليتها وأمانها لمرضى القلب، إضافة إلى استراتيجيات التخفيف من التوتر القائمة على اليقظة الذهنية، وممارسة الرياضة المنتظمة وتحسين عادات النوم.

إعادة التأهيل القلبي ودوره المهم

شدد البيان على أهمية برامج إعادة التأهيل القلبي التي تُعد موردًا مهمًا لكنها لا تزال غير مستغلة بالشكل الكافي، إذ لا يشارك فيها سوى أقل من خمس المرضى المؤهلين، رغم أنّها أثبتت دورها في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق وتحسين النتائج الصحية القلبية.

ختم ليفين بالتأكيد أنّ العلاج النفسي والأدوية والتغييرات الحياتية وبرامج إعادة التأهيل القلبي تبقى أدوات أساسية لرعاية شاملة تضع المريض في صلب الاهتمام وتُحسّن جودة حياته بعد النوبة القلبية.