منبر البيت الأبيض يتحول إلى جدل طبي.. ترامب يربط التوحّد بالأدوية واللقاحات

أفادت وكالة "أسوشييتد برس" أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدم، الإثنين، منبر الرئاسة للترويج لادعاءات غير مثبتة علميًا، وبعضها مفنّد منذ سنوات، تربط بين استخدام دواء تايلينول أثناء الحمل واللقاحات من جهة، وازدياد معدلات اضطراب طيف التوحّد من جهة أخرى.
وخلال مؤتمر صحافي مطوّل في البيت الأبيض، كرر ترامب تحذيراته للنساء الحوامل من تناول تايلينول، كما دعا الأمهات إلى عدم إعطائه لأطفالهن، وأشار إلى فرضيات سابقة تزعم أن توقيت التطعيمات أو إعطائها بشكل متقارب قد يكون مرتبطًا بالتوحّد، دون أن يقدّم أي دليل طبي جديد.
الخطوة تزامنت مع إعلان إدارته إطلاق جهد موسّع لدراسة أسباب هذا الاضطراب، بدعم من وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف. كينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المنتقدة للقاحات، والذي أعلن عن مبادرة بحثية تشمل النظر في مكملات حمض الفوليك (ليوكوفورين) كخيار لعلاج بعض الأعراض، رغم أن الدراسات المتوفرة حوله محدودة وصغيرة النطاق.
ردود علمية وطبية
أثار خطاب ترامب ردود فعل واسعة من المجتمع الطبي، حيث أكدت الجمعية الأميركية لطب النساء والولادة وجمعية طب الأم والجنين أن الأسيتامينوفين، المكوّن الفعّال في تايلينول، يظل خيارًا مناسبًا لعلاج الحمى والألم أثناء الحمل. ووصف خبراء في أخلاقيات الطب، مثل آرثر كابلان من جامعة نيويورك، تصريحات الرئيس بأنها غير مدعومة بالأدلة وتعيد تدوير فرضيات قديمة.
كما شددت شركة كينفيو، المصنعة للدواء، على أن الأبحاث لم تثبت أي صلة بين تايلينول والتوحّد، محذّرة من أن تجنّب استخدامه قد يعرّض النساء الحوامل لمخاطر إضافية بسبب الحمى غير المعالجة.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية
تراجعت أسهم "كينفيو" 7.5% في تداولات الإثنين، ما أدى إلى خسائر بنحو 2.6 مليار دولار من قيمتها السوقية، قبل أن تستعيد جزءًا من خسائرها لاحقًا.
ويرى محللون أن غياب أي معطيات علمية جديدة يخفف من أثر تصريحات ترامب على المدى الطويل.
في السياق ذاته، اعتبر مراقبون أن هذه التصريحات تعكس اهتمام ترامب الممتد بملف التوحّد وموقفه المتردد إزاء جدول التطعيمات للأطفال، رغم أنه كان قد تباهى بدوره في تسريع إنتاج لقاحات كوفيد-19 خلال ولايته الأولى.
إجماع علمي راسخ
يؤكد خبراء الصحة أن عقودًا من الدراسات أظهرت بشكل قاطع عدم وجود صلة بين اللقاحات والتوحّد. وتشير بيانات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن الاضطراب يؤثر اليوم في طفل من بين كل 31 في الولايات المتحدة، مع ارتفاع معدلات التشخيص نتيجة توسيع تعريف الاضطراب وتحسّن وسائل الكشف. ويرى العلماء أن تصريحات ترامب تتجاهل الأبحاث التي تبيّن أن التوحّد حالة نمائية معقدة متعددة العوامل، تشمل مزيجًا من العوامل الجينية والبيئية، ولا تعود إلى سبب واحد محدد.
Today