سرطان الثدي: ارتفاع عالمي في الإصابات وتحذيرات من إهمال الفحص المبكر

يُعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، إذ تُشخَّص به امرأة واحدة من كل عشرين خلال حياتها.
ووفقًا لتقديرات عام 2022، شُخّصت نحو 2.3 مليون امرأة حول العالم بالمرض، وتوفيت قرابة 670 ألفًا بسببه. وفي أوروبا وحدها، سجّلت منظمة الصحة العالمية نحو 558 ألف حالة جديدة خلال العام نفسه.
ورغم التقدّم الطبي، ما زال الوعي بعلامات الإنذار المبكر ومتى يجب طلب المساعدة غير كافٍ في كثير من الدول، ما قد يؤدي إلى عواقب صحية خطيرة.
خطر أعلى لمن يتجاهلن الفحص الأول
أظهرت دراسة أُجريت عام 2025 في معهد كارولينسكا السويدي أن النساء اللواتي يتخلفن عن أول موعد للفحص المبكر من سرطان الثدي، يواجهن خطرًا أعلى بنسبة 40% للوفاة بسبب المرض.
فقد حلّل الباحثون بيانات نحو 434 ألف امرأة دُعين لإجراء الفحص بين عامي 1991 و2020، وتبيّن أن نحو ثلثهن لم يحضرن الموعد الأول، وأن هذه الفئة كانت أكثر عرضة للإصابة بالمرض في مراحل متقدمة وأقل التزامًا بالفحوص اللاحقة.
الكشف المبكر ينقذ الأرواح
الدكتورة دينيس جونسون، طبيبة النساء والتوليد وأستاذة صحة المرأة في جامعة تكساس في أوستن، شدّدت على أهمية الكشف المبكر قائلة: "الكشف المبكر هو المفتاح لعلاج سرطان الثدي. فقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة تطورات طبية وتقنية هائلة حسّنت فرص الشفاء".
وأضافت: "نسب النجاة ممتازة عندما نكتشف المرض مبكرًhK تصل إلى نحو 90% خلال السنوات الخمس الأولى بعد التشخيص، لكنها تنخفض بشكل حاد في حال تأخر اكتشافه".
الفحص بالأشعة.. الأداة الأكثر دقة
يُعدّ تصوير الثدي بالأشعة (الماموغرام) الوسيلة الأدق لاكتشاف المرض في مراحله الأولى. وتوصي إرشادات الاتحاد الأوروبي بأن تُجري النساء المعرضات لمستوى خطر عادي فحصًا سنويًا بدءًا من منتصف الأربعينيات من العمر.
ويستغرق الإجراء عادة 15 إلى 20 دقيقة، حيث يلتقط فحص الأشعة أي كتل أو تغيّرات قد لا تُلاحظ خلال الفحص الذاتي.
أما النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي مع المرض أو طفرات جينية معروفة، فقد يحتجن إلى بدء الفحص في سنّ أصغر. وتشير التقديرات إلى أن 5 إلى 10% من الحالات سببها جينات موروثة معيبة.
الوعي بالجسد خطوة أولى
وقالت الدكتورة جونسون إن على النساء، إلى جانب الفحوص الطبية، أن يعرفن طبيعة أجسادهن بشكل أفضل: "يجب أن تكون لدى كل امرأة معرفة بما يبدو عليه ثديها وما تشعر به عادة. فإذا لاحظت أي تغيّر، فعليها ألا تتجاهله، بل تُبلغ طبيبها فورًا لإجراء الفحوص اللازمة".
وتشمل العلامات المبكرة لسرطان الثدي ظهور كتلة جديدة في الثدي أو تحت الإبط، أو تورم أو سماكة في أحد أجزاء الثدي، أو احمرار وتقشّر في جلد الحلمة أو الثدي، أو تغيّر في شكل الثدي أو حجمه.
ورغم أن المرض يصيب النساء بشكل أساسي، إلا أن الرجال ليسوا بمنأى عنه، إذ تمثل حالاتهم نحو 1% من مجمل الإصابات. ويُنصح الرجال أيضًا بمراقبة أي تغيّرات في أنسجة الثدي.
الفحوص اللاحقة والعلاج
وجود نتيجة غير طبيعية في فحص الأشعة لا يعني بالضرورة الإصابة بالسرطان، إذ يتطلب الأمر إجراء فحوص إضافية مثل الخزعة لتأكيد التشخيص.
وقالت جونسون: "من المهم أن يعرف الناس أن الفحص الأولي ليس تشخيصًا نهائيًا. هناك خطوات أخرى نحتاجها لتأكيد الحالة ثم اختيار خطة العلاج المناسبة".
وفي حال تأكدت الإصابة، يعتمد العلاج على نوع المرض ومرحلته، وقد يشمل الجراحة أو العلاج الكيميائي أو العلاجات الهرمونية.
تحذيرات من ارتفاع عالمي في الإصابات
تتوقع وكالة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية أن ترتفع وفيات سرطان الثدي عالميًا بنسبة 68% بحلول عام 2050، في حين ستزيد الإصابات الجديدة بنسبة 38%، لتصل إلى 3.2 مليون حالة و1.1 مليون وفاة سنويًا.
وقالت الدكتورة جوان كيم، الباحثة في الوكالة وأحد مؤلفي الدراسة: "كل دقيقة تُشخّص أربع نساء بسرطان الثدي حول العالم، وتموت إحداهن من المرض، وهذه الأرقام تزداد سوءًا."
وحذّرت الوكالة من أن البلدان النامية ستتحمّل العبء الأكبر من هذه الزيادة بسبب ضعف أنظمة الفحص والرعاية الصحية.
الكشف المبكر، كما تقول الطبيبة الأميركية، لا يُنقذ حياة واحدة فقط، بل يمنح النساء فرصة للاستمرار في العيش بكرامة وصحة.
Today