مشاهير ورواد تكنولوجيا يوقعون عريضة ضد تطوير أدوات ذكاء اصطناعي تتفوق على الإنسان

وقّع عدد من المشاهير، منهم روّاد عُرفوا بتطويرهم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، عريضة تحت عنوان "بيان حول الذكاء الفائق"، يطالبون فيها بحظر السباق نحو تطوير هذه التكنولوجيا حتى لا تتفوق على البشر.
وقدم الرسالة معهد مستقبل الحياة (FLI)، وجاء فيها: نطالب بـ"حظر تطوير الذكاء الفائق" حتى يتم الوصول إلى إجماع علمي واسع على إمكانية تنفيذه بأمان وبشكل يمكن التحكم فيه، إضافة إلى موافقة عامة قوية.
وتشير الرسالة إلى استطلاع حديث أجراه المعهد، الذي أسسه أستاذ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ماكس تيغمارك، وكشف فيه أن 5% فقط من الشعب الأمريكي يؤيد تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة بسرعة وبدون تنظيم، فيما يدعم 73% إنشاء إطار تنظيمي لها، كما عبّر 64% من الأمريكيين عن رفضهم لما يسمى الذكاء الفائق، وهو نموذج ذكاء اصطناعي يتجاوز الذكاء البشري.
من هم الموقعون؟
وقد وقع على العريضة عدد من الوجوه البارزة في مجالات متعددة، بدءًا بالتكنولوجيا والأعمال مثل ستيف وزنياك مؤسس شركة أبل، وريتشارد برانسون مؤسس فيرجن؛ وصولًا إلى الإعلاميين المعروفين أمثال ستيف بانون، مضيف برنامج "War Room"، وغلين بيك، مقدم الراديو، بالإضافة إلى الفنانين والممثلين ذوي التوجه اليساري مثل جوزيف غوردون-ليفيت، وأفراد من العائلة الملكية البريطانية، الأمير هاري وميغان، دوق ودوقة ساسكس.
كما وقعت عليها شخصيات عسكرية وسياسية مثل الأدميرال المتقاعد مايك مولين، الذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة تحت إدارات جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وكذلك المستشار البابوي للذكاء الاصطناعي، الأب باولو بينانتي، والرئيسة الإيرلندية السابقة ماري روبنسون.
وشملت العريضة عددًا من أبرز خبراء وعلماء الذكاء الاصطناعي، من بينهم يوشوا بنجيو الحائز على جائزة تورينغ، وجيفري هينتون الحائز على جائزة نوبل، وهما من أبرز الباحثين في المجال ويُعرفان بـ"الآبوين الروحيين للذكاء الاصطناعي".
تحفظات
في المقابل، أبدى آخرون تحفظهم عن التوقيع على العريضة، منهم سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، ومؤسس DeepMind والرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت مصطفى سليمان، والرئيس التنفيذي لشركة Anthropic داريو أمودي، والمسؤول عن الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية في البيت الأبيض ديفيد ساكس، إلى جانب مؤسس xAI إيلون ماسك.
ما غاية العريضة؟
وعن الهدف من العريضة، يرى بنجيو، أستاذ جامعة مونتريال الحائز على جائزة تورينغ، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة قد تتجاوز المهام المعرفية للبشر خلال بضع سنوات فقط، ومع أن ذلك قد يساهم في حل مشكلات عالمية تعجز البشرية عن حلها، إلا أنه يحمل مخاطر كبيرة.
ويضيف بنجيو: "للتقدم بأمان نحو الذكاء الفائق، يجب أن نحدد علميًا كيفية تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تكون غير قادرة أساسًا على إيذاء البشر، سواء بسبب سوء التوافق أو الاستخدام الخبيث. كما نحتاج لضمان مشاركة الجمهور بشكل أكبر في القرارات التي ستشكل مستقبلنا المشترك."
من جهة ثانية، يقول أنتوني أغيري، مؤسس مشارك لـ FLI: "يريد الكثير من الناس أدوات ذكاء اصطناعي قوية للعلم والطب والإنتاجية والفوائد الأخرى، لكن السباق الذي تسلكه شركات الذكاء الاصطناعي نحو ذكاء يفوق البشر مصمم ليحل محل البشر، يتناقض بشكل كبير مع ما يريده الجمهور، وما يعتبره العلماء آمنًا، وما يشعر به القادة الدينيون بالصواب."
ويتابع: "لم يسأل أي شخص يطور هذه الأنظمة البشرية عن مدى قبول هذا الأمر من قبل البشر. نحن سألنا — وهم اعتبروا ذلك غير مقبول."
نحو مستقبل ذكاء اصطناعي ديمقراطي؟
ومع أن تطوير نموذج يتجاوز القدرات البشرية العقلية أمر صعب المنال حاليًا، أو على الأقل يحتاج إلى وقت، تشير الرسالة إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يحتاج للوصول إلى الذكاء الفائق ليُسبب الفوضى: فالأدوات الحالية مثل الشات بوت، وإنشاء الصور والفيديو — وهي تقنيات بدائية مقارنة بما قد يكون عليه الذكاء الفائق المستقبلي — تؤثر على عدة مجالات، مثل التعليم، كما تساهم في بث الفوضى والمعلومات المضللة على الإنترنت، وإنتاج ونشر المواد الإباحية، ناهيك عن الأزمات النفسية والمشكلات الاجتماعية التي قد تنجم عن ذلك، كالطلاق، والتشرد، والسجن، والانتحار.
وفي هذا السياق، تؤكد الرسالة على أن مشاركة الشعوب بشكل ديمقراطي في تحديد المستقبل التكنولوجي أمر ضروري، لا أن يتم التطور كما يحدث الآن، بطريقة "عبثية" وبمعزل عن رغبة الناس.
Today