باريس: انطلاق محاكمة لافارج بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا
انطلقت يوم الثلاثاء، في محكمة الجنايات بباريس، محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية المتخصصة في صناعة الإسمنت، التابعة لمجموعة "هولسيم" السويسرية، إلى جانب ثمانية من مدرائها وموظفيها ووسطائها السابقين، بتهم تمويل مشروع إرهابي وعدم الامتثال للعقوبات المالية الدولية.
وتتهم الشركة، أنها دفعت عبر فرعها السوري "لافارج إسمنت سوريا"، ملايين اليورو لجماعات جهادية، من بينها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خلال الفترة بين 2013 و2014، بهدف ضمان استمرار تشغيل مصنعها في بلدة الجلبية شمال سوريا وسط الحرب الأهلية.
ويشمل قفص الاتهام المدير التنفيذي السابق برونو لافونت، وخمسة من مديري العمليات والأمن السابقين، إضافة إلى وسيطين سوريين، من المتوقع أن يحاكم أحدهما غيابيًا بموجب مذكرة توقيف دولية.
الخلفية
شارك نحو 180 موظفًا سوريًا سابقًا بالشركة في الدعوى المدنية ضدها، في حين بدأ التحقيق القضائي في باريس عام 2017، عقب تسريبات إعلامية واثنتين من الشكاوى المقدمة عام 2016.
الشكوى الأولى كانت من وزارة الاقتصاد الفرنسية واتهمت الشركة بانتهاك الحظر، أما الشكوى الثانية فقدمتها منظمتا "شيربا" و"المركز الأوروبي للحقوق الدستورية"، إلى جانب 11 موظفًا سابقًا في فرع الشركة السوري، وتركزت على اتهامات بتمويل الإرهاب.
ووفقًا للتقارير، غادرت معظم الشركات متعددة الجنسيات سوريا عام 2012، لكن لافارج قامت بإجلاء موظفيها الأجانب فقط، واستمرت في تشغيل العمال السوريين حتى سبتمبر 2014، عندما سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على المصنع بشكل كامل.
حجم الغرامات
وخلال هذه الفترة الحساسة، يُزعم أن الشركة لجأت إلى وسطاء لدفع أموال لتنظيم "الدولة الإسلامية" وجماعات مسلحة أخرى، مقابل الحصول على المواد الخام وضمان نقل موظفيها وشحناتها عبر المناطق التي تسيطر عليها هذه الجماعات.
وتواجه لافارج عقوبات مالية كبيرة، إذ تصل الغرامة المقررة لجريمة تمويل الإرهاب إلى 1.125 مليون يورو، في حين يمكن أن تصل غرامة انتهاك العقوبات المالية إلى عشرة أضعاف قيمة المعاملة المخالفة.
كما تظل المجموعة عرضة لتبعات قانونية أكبر، إذ لا يزال التحقيق جاريًا في اتهامات أكثر خطورة تتعلق بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا والعراق، ضمن قضية منفصلة لم تُحَل بعد.
محاكمة "تاريخية"
تقول آنا كيفر، رئيسة قسم المناصرة والتقاضي في جمعية شيربا، وهي طرف مدني في المحاكمة، كانت قد تقدمت بشكوى ضد لافارج في عام 2016 إن ما يحصل اليوم لحظة تاريخية،" فهي المرة الأولى التي تُحاكم فيها شركة بتهمة تمويل الإرهاب، بما في ذلك مديريها".
وتؤكد كيفر أن المحاكمة قد تشكل سابقة قانونية مهمة، وتسلط الضوء على مسؤولية الشركات متعددة الجنسيات العاملة في مناطق النزاع.
وتضيف: "الرسالة واضحة لجميع الشركات العاملة في مناطق النزاع: لا يجوز تقديم المكاسب الاقتصادية على حقوق الإنسان، ويجب احترام حقوق الإنسان في جميع الأوقات، سواء في السلم أو الحرب".
Today