علماء يحولون البلاستيك المنزلي إلى مركّبات تُستخدم في أدوية السرطان
توصل فريق بحثي بقيادة جامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة إلى تقنية جديدة قادرة على تحويل نفايات البلاستيك المنزلي التقليدية إلى مركّبات كيميائية تُستخدم في تصنيع أدوية مضادة للسرطان، في خطوة وُصفت بالتحول العلمي المهم في مجال إعادة التدوير وصناعة الأدوية.
الدراسة، التي نُشرت الخميس في مجلة Angewandte Chemie International Edition (مجلة دولية مرموقة في الكيمياء)، أوضحت أن البلاستيك المصنوع من مادة PET (البولي إيثيلين تيرفثالات المستخدمة في الزجاجات والملابس) يمكن تفكيكه بعملية كيميائية جديدة تعتمد على تحفيز الروثينيوم (روثينيوم: معدن يُستخدم لتسريع التفاعلات الكيميائية)، بهدف إنتاج مادة كيميائية تُسمّى EHMB (إيثيل-4-هيدروكسي ميثيل بنزوات).
مادة أساسية لإنتاج أدوية مهمة
وأشارت نتائج البحث إلى أن مادة EHMB الناتجة من تفكيك البلاستيك يمكن استخدامها كخطوة أساسية في تصنيع أدوية معروفة، أبرزها:
دواء إيماتينيب (Imatinib): علاج شائع لأنواع من السرطان،
دواء حمض الترانيكساميك (Tranexamic acid): يُستخدم لوقف النزيف ومساعدة الدم على التخثر،
مبيد حشري يسمى فينبيروكسيمايت (Fenpyroximate).
البحث الجديد يفتح الباب أمام تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية المشتقة من الوقود الأحفوري (مواد خام تأتي من النفط والغاز) والتي تُستخدم حاليًا في تصنيع هذه الأدوية، إلى جانب تخفيف كمية النفايات الناتجة من العمليات الصناعية التقليدية.
فوائد بيئية واضحة
ووفق نتائج تقييم دورة الحياة (منهج علمي يقيس تأثير المنتج على البيئة من الإنتاج حتى التخلص)، أثبتت التقنية الجديدة أن تحويل البلاستيك إلى EHMB أكثر استدامة من الطرق الصناعية المستخدمة حاليًا، كما يحدد هذا التقييم المراحل التي تسبب أكبر ضرر بيئي لمعالجتها لاحقًا.
إضافة إلى ذلك، كشف الباحثون أن مادة EHMB نفسها يمكن تحويلها إلى نوع جديد من البوليستر (مادة بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير)، ما يمنحها قيمة مضاعفة بين الصناعات الدوائية والمواد القابلة لإعادة الاستخدام.
تصريحات الباحثين
المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور أميت كومار قال إن هذا الإنجاز “يعيد النظر في نفايات PET باعتبارها مصدرًا جديدًا لإنتاج مواد دوائية ذات قيمة عالية”، مشيرًا إلى أن طرق إعادة التدوير الحالية رغم أهميتها “ما تزال محدودة اقتصاديًا”، بينما تسمح التقنية الجديدة بتحويل النفايات إلى منتجات عالية القيمة بدلًا من استنساخ البلاستيك نفسه مرة أخرى.
من جهته، قال بروفيسور إيفغيني بيدكو من جامعة TU Delft (جامعة تقنية في هولندا)، وهي شريك بحثي في المشروع، إن الفريق تمكن من تحسين أداء المحفز الكيميائي وتحقيق رقم قياسي بلغ نحو 37 ألف دورة تشغيل، مؤكدًا أهمية فهم أداء المحفز لضمان نجاح إعادة التدوير على نطاق صناعي.
كما أوضح باحثون من شركة Merck KGaA (شركة عالمية تعمل في الصناعات الكيميائية والدوائية) أن صناعة الأدوية تنتج كميات ضخمة من النفايات أثناء التصنيع، وهو ما يجعل الحاجة إلى مواد كيميائية نظيفة وعمليات ذات بصمة بيئية منخفضة أمرًا ملحًا.
Yesterday