...

Logo Pasino du Havre - Casino-Hôtel - Spa
in partnership with
Logo Nextory

رحل داعش وعادت المئذنة الحدباء إلى الحياة: معالم الموصل الأثرية تنهض من الرماد

Civilization • Feb 8, 2025, 5:01 AM
7 min de lecture
1

وبعد ما يقرب من ثماني سنوات من تحرير المدينة، تعود المئذنة الحدباء إلى الحياة من جديد، ضمن مشروع ترميم شامل بتمويل دولي لإعادة إحياء قلب الموصل التاريخي. هذه الجهود ليست مجرد إعادة إعمار لحجر أو طوب، بل هي استعادة لذاكرة المدينة وهوية سكانها الذين لطالما اعتبروا المئذنة جزءًا من حياتهم.

بالنسبة لأهالي الموصل، يحمل هذا المشروع أبعادًا شخصية عميقة. سعد محمد جرجيس، أحد سكان المدينة، يتذكر كيف كانت المئذنة تطل عليه كل صباح، وكيف كان يرى علم التنظيم المتشدد يرفرف فوقها خلال سيطرة داعش على المنطقة. يقول بحسرة: "كنا ننتظر اليوم الذي يسقط فيه ذلك العلم، كنا نراه رمزًا لحريتنا. لكننا استيقظنا ذات صباح لنجد أن المئذنة نفسها قد اختفت".

المئذنة المائلة للجامع الكبير النوري (1932).
المئذنة المائلة للجامع الكبير النوري (1932). Credit: Wikimedia Commons

لم تكن إعادة بناء المئذنة الحدباء مجرّدَ عملية هندسية، بل كانت رحلة مليئة بالتحديات وقد قاد المشروع فريق من اليونسكو بالتعاون مع هيئة التراث العراقي، مستخدمين مواد أصلية وتقنيات تقليدية للحفاظ على طابعها التاريخي. وأوضح رويد العلايلة، مدير مجلس الدولة للآثار والتراث، أن الحرص على هذه التفاصيل كان ضروريًا للحفاظ على المئذنة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ملازم في القوات الخاصة العراقية يلتقط صورة ذاتية مع سحابة ناجمة عن غارة جوية خلال معارك عنيفة في حي اليرموك بغرب الموصل في 11 أبريل/نيسان 2017.
ملازم في القوات الخاصة العراقية يلتقط صورة ذاتية مع سحابة ناجمة عن غارة جوية خلال معارك عنيفة في حي اليرموك بغرب الموصل في 11 أبريل/نيسان 2017. Credit: Maya Alleruzzo/AP Photo

وواجه المهندسون تحديات جسيمة في استخراج المواد الأصلية من تحت الأنقاض، والتأكد من أن كل قطعة مستعادة تُدمج بدقة في الهيكل الجديد. كما كان عليهم إجراء دراسات هندسية وتاريخية لضمان أن التصميم الجديد يعكس جوهر المئذنة الأصلية، مما يجعلها تبدو وكأنها لم تهدم قط.

المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، تتجول في المنطقة خلال زيارتها للمواقع التاريخية في الموصل، العراق، يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025.
المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، تتجول في المنطقة خلال زيارتها للمواقع التاريخية في الموصل، العراق، يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025. Credit: Farid Abdulwahed/AP Photo

وخلال زيارتها للموصل، وصفت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي المشروع بأنه "تحدٍّ غير مسبوق"، مشيرة إلى أن 80% من المدينة القديمة كانت مدمرة بالكامل عند بدء أعمال الترميم في 2018. وأضافت أن فرق العمل عندما وصلت إلى الموقع وجدت "حقلًا من الأنقاض"، ما جعل إعادة الإعمار مهمة شاقة لكنها ضرورية.

منارة الحدباء المائلة في جامع النوري تقف شامخة من جديد في المدينة القديمة بالموصل في 5 فبراير/شباط 2025.
منارة الحدباء المائلة في جامع النوري تقف شامخة من جديد في المدينة القديمة بالموصل في 5 فبراير/شباط 2025. Farid Abdulwahed

ولا تقتصر جهود الترميم على المسجد والمئذنة فحسب، بل تمتد أيضًا إلى المعالم المسيحية في المدينة، والتي طالتها يد الدمار خلال عهد داعش. من بين هذه المواقع، كنيسة الطاهرة التي يعود تاريخها إلى عام 1862، والتي انهار سقفها ودُمّرت أروقتها أثناء الحرب، لكنها اليوم تستعيد مجدها كجزء من إعادة الإعمار الشاملة.

كنيسة الطاهرة المدمرة في الموصل، 2017.
كنيسة الطاهرة المدمرة في الموصل، 2017. Credit: UNESCO

مار بندكتوس يونان حنو، رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك، شدد على أن إعادة إعمار الكنائس لا تهدف فقط إلى ترميم الجدران، بل إلى إحياء التاريخ الذي عاشه الأجداد. وقال: "عندما يدخل مسيحيو الموصل إلى هذه الكنيسة، فإنهم يتذكرون مكان تعميدهم وصلواتهم، وهذا قد يمنحهم حافزًا للعودة".

ومن المقرر أن يُعاد افتتاح جامع النوري الكبير في الأسابيع المقبلة، في احتفالية سيحضرها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ليكون هذا الحدث بمثابة إعلان رسمي لعودة الروح إلى الموصل.