بعد اتفاق أرمينيا وأذربيجان.. مخاوف في إيران من تغييرات جيوسياسية بسبب ممرات القوقاز

أبدت إيران مخاوفها إزاء التطورات الأخيرة في منطقة القوقاز، محذرة من أن فتح الممرات الإقليمية بموجب اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان، يجب ألا يؤدي إلى تغييرات في الوضع الجيوسياسي أو يعيق وصول إيران إلى طرق المواصلات الأخرى، مع التأكيد على ضرورة المراعاة الكاملة لاحترام السيادة الوطنية ووحدة وسلامة أراضي الدول.
ملاحظات إيرانية بشأن الممرات في القوقاز
وقالت طهران إن وزير الخارجية عباس عراقتشي أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأرميني أرارات ميروزيان، استعرض خلاله الأخير التطورات الأخيرة، ولا سيما اتفاقية السلام الموقعة مع أذربيجان، إلى جانب الاتفاقيات المتعلقة بفتح طرق النقل الإقليمية وتطوير الاتصالات والخطوات التالية لتنفيذ هذه الاتفاقيات.
وبحسب الخارجية الإيرانية، أكد ميروزيان أن يريفان تولي أهمية بالغة لعلاقات الصداقة القائمة على حسن الجوار والمنفعة المتبادلة مع طهران، مشيرًا إلى أن أرمينيا، عند اتخاذ قراراتها بشأن طرق النقل، تضع في الاعتبار تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين، فضلًا عن المصالح والمنافع المشتركة بين إيران وأرمينيا.
ورحب الوزير الإيراني بإحلال السلام بين أرمينيا وأذربيجان، لكنه أعرب عن مخاوف طهران بشأن فتح طرق المواصلات، مشددًا على أن هذا الطريق يجب ألا يُغير الوضع الجيوسياسي للمنطقة أو يُعيق وصول إيران إلى طرق مواصلات أخرى. وأضاف أن أي قرار أو إجراء في المنطقة يجب أن يحترم السيادة الوطنية ووحدة وسلامة أراضي الدول، مؤكدًا أن الجمهورية الإسلامية تتابع عن كثب أي ترتيبات جديدة قد تؤثر على توازنات المنطقة أو على مصالحها الحيوية في مجال النقل الإقليمي.
اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان
نشرت أرمينيا وأذربيجان، يوم الاثنين 11 آب/أغسطس، نص اتفاق السلام بين البلدين الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، حيث تعهّدتا باحترام سلامة أراضي كل منهما ووضع حد رسمي لصراع استمر نحو أربعة عقود. وينص الاتفاق صراحة على حظر نشر قوات من طرف ثالث على طول الحدود المشتركة، في إشارة واضحة إلى روسيا التي نشرت سابقاً قوات حفظ سلام في المنطقة وتتمتع بنفوذ عسكري وأمني واسع في أرمينيا. كما يشمل الحظر بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة وقف إطلاق النار، والتي طالبت باكو مراراً بانسحابها.
ورغم نشر نص الاتفاق، لم يوقع الطرفان عليه رسمياً بعد. وتطالب أذربيجان أرمينيا بإجراء تعديلات دستورية لإزالة ما تعتبره "مطالبات إقليمية" ضمنية ضدها. وقالت باكو إن "إجراءات إضافية" مطلوبة قبل التوقيع، في مقدمتها تعديل الدستور الأرميني. وأوضح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف من واشنطن أن "أرمينيا لديها بعض الواجبات المتعلقة بميثاقها التأسيسي"، مؤكداً أنه فور إنجاز التغييرات "يمكن توقيع اتفاق السلام في أي وقت". وكان رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قد دعا هذا العام إلى استفتاء لتعديل الدستور، لكن موعده لم يُحدد بعد.
ويرى مراقبون أن اتفاق السلام المحتمل من شأنه إعادة رسم ملامح جنوب القوقاز، وهي منطقة غنية بالطاقة وتتمتع بموقع جيوسياسي حساس على حدود روسيا وأوروبا وتركيا وإيران، لكنها مثقلة بتاريخ من النزاعات العرقية وإغلاق الحدود. وفي هذا السياق، حصلت الولايات المتحدة خلال اجتماع في البيت الأبيض على حقوق حصرية لتطوير ممر عبور استراتيجي في المنطقة، قالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية وزيادة صادرات الطاقة.
ويمتد هذا الممرّ عبر جنوب أرمينيا ليربط معظم أراضي أذربيجان بإقليم ناخيتشيفان الأذربيجاني، المحاط بأراضٍ أجنبية والمتاخم لتركيا الحليفة الوثيقة لباكو. وتشير التقارير إلى أن إدارة هذا الممر كانت من أبرز العقبات التي واجهت جهود السلام في مراحلها الأولى، في ظل حساسية موقعه وأبعاده الجيوسياسية التي تمس أيضاً مصالح دول مجاورة مثل إيران.
Today