ترامب وبوتين خلف الأبواب المغلقة.. "خطر غير قابل للتنبؤ"

اليوم يعود ترامب إلى طاولة اللقاء المباشر مع بوتين، وهذه المرة في ألاسكا، لتتجدد المخاوف من تكرارمشاهد قمة هلسنكي عام 2018 خلال ولايته الأولى، وما حملته من مواقف صادمة، ولتُطرح تساؤلات حول ما قد يسفر عنه الاجتماع المرتقب هذه المرة.
دروس من لقاء هلسنكي
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا تناول مخاوف من أن يكون الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين تكرارًا لسيناريو هلسنكي عام 2018، مشيرة إلى أن وضع ترامب منفردًا مع بوتين في غرفة هو أمر غير قابل للتنبؤ، وغالبًا ما يكون خطيرًا. أوضح التقرير أنه في عام 2018 التقى الزعيمان بدعوة من الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو، لبحث انهيار العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، واتهامات بالتدخل في الانتخابات، والحرب المستمرة في شرق أوكرانيا، إلى جانب قضايا أخرى. وعندما خرج ترامب من الغرفة، بدا عليه الانبهار بالزعيم الروسي.
وفي مؤتمر صحافي، سُئل عن استنتاجات أجهزة الاستخبارات الأميركية التي أكدت أن روسيا تدخلت في الانتخابات، فأجاب: "الرئيس بوتين يقول إنها ليست روسيا. لا أرى أي سبب يجعلها كذلك". وأشار التقرير إلى أن فيونا هيل، كبيرة مستشاري ترامب لشؤون الكرملين في مجلس الأمن القومي الأميركي آنذاك، قالت لاحقًا إنها فكرت في إطلاق إنذار حريق أو افتعال حالة طبية طارئة لوقف المؤتمر الصحافي.
قمة ألاسكا: رهان على المجهول
أشار التقرير إلى أن الرهانات هذه المرة أعلى، إذ يخطط ترامب وبوتين للاجتماع يوم الجمعة في أنكوراج بولاية ألاسكا، حيث أعلن ترامب أن القمة ستتناول "تبادل الأراضي". هذا سيكون أول لقاء لبوتين مع زعيم من مجموعة السبع منذ غزوه لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وأضاف التقرير أن القادة الأوروبيين يشعرون بالقلق من احتمال أن يخرج ترامب من اجتماع مغلق وهو يروج لرواية الكرملين. وأوضح أن البيت الأبيض خفّض سقف التوقعات للقمة، في إشارة إلى عدم وجود اتفاق ملموس على الطاولة. ونقل عن ترامب قوله في مؤتمر صحافي يوم الإثنين: "هذا في الحقيقة لقاء لاستكشاف المواقف قليلا". وأضاف: "سأعرف خلال الدقائق الأولى ما إذا كان بوتين مستعدًا لوقف إطلاق النار، وسأنقل ذلك إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين. قد أقول، حظًا سعيدًا، واصلوا القتال. أو قد أقول، يمكننا إبرام اتفاق".
طموح بوتين والقلق الأوروبي
ذكر التقرير أن بوتين سيحاول استغلال الاجتماع لتشكيل رؤية ترامب حول ما يمكن أن يتضمنه اتفاق السلام، بطريقة تحقق أكبر قدر من الفائدة للكرملين. ونقل عن جون هيربست، مدير مركز أوراسيا في المجلس الأطلسي وسفير الولايات المتحدة السابق لدى أوكرانيا، قوله إن بوتين "يريد اتفاقًا مع ترامب يتم تقديمه لكييف وعواصم أوروبية أخرى كأمر واقع"، مشبهًا ذلك بمؤتمر يالطا عام 1945، حين قررت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة مصير نصف أوروبا من دون إشراك تلك الدول. وأشار التقرير إلى أن غياب الدعوات للقادة الأوروبيين يعزز هذه المخاوف. وأورد أن زيلينسكي أعلن قبل القمة أن أوكرانيا لن تتنازل عن أراض لروسيا يمكن استخدامها لشن هجوم جديد، وهو ما يعني فعليًا رفض توقعات ترامب بشأن إمكانية حدوث "تبادل أراض".
أسلوب ترامب
أوضح التقرير أن نهج ترامب الارتجالي في السياسة الخارجية قد يصب في مصلحة خصوم الولايات المتحدة، لكنه قد يسبب لهم الإحباط أيضًا. فزعماء مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ يفضلون التحضير المسبق قبل لقاء ترامب نظرًا لعدم إمكانية التنبؤ بتصرفاته، بينما أعربت روسيا في بعض الأحيان عن إحباطها من غياب العملية المنظمة في إدارة ترامب. وأضاف أن هذا لم يمنع بوتين من محاولة استغلال الفرصة في أول اجتماع فردي له مع ترامب خلال هذه الإدارة.
لقاء ثنائي بدون مستشارين
أشار التقرير إلى أن كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أعلنت يوم الثلاثاء أن الاجتماع بين ترامب وبوتين سيكون ثنائيًا و"تمرين استماع" للرئيس الأميركي، بحيث يتمكن من استكشاف وجهة النظر الروسية. ونقل عن فيونا هيل قولها: "هذه هي طريقة ترامب، يتصرف بعفوية.. وبوتين يحب المبارزة، ويفتخر بقدرته على أن يكون سريع البديهة في مثل هذه المواقف". وحذرت هيل من أن غياب المستشارين عن الغرفة يثير تساؤلات حول ما إذا كان أي اتفاق يتم التوصل إليه في جلسة خاصة - حتى مع وجود مترجمين أو مدوني ملاحظات - يمكن أن يؤدي إلى نتائج دائمة. وأضافت: "إنه أشبه باجتماع يقع في الغابة".
تجربة هلسنكي: وعود بلا تنفيذ
ذكر التقرير أن موقفًا مشابهًا وقع خلال قمة هلسنكي، حين خرج ترامب ليعلن عن اتفاق مع بوتين يتيح لوكالات إنفاذ القانون الأميركية الوصول إلى ضباط الاستخبارات العسكرية الروسية المتهمين بالتأثير على الانتخابات الأميركية، بينما قال بوتين في المقابل إنه سيحصل على حق الوصول إلى أميركيين دفعوا باتجاه إقرار قانون ماغنيتسكي لمكافحة الفساد. ونقل عن هيل قولها: "بالطبع، لم يذهب ذلك إلى أي مكان". وأوضحت: "ترامب لم يكن قد فهم تمامًا ما قاله له بوتين". وختمت بقولها: "بعبارة أخرى، مجرد وجود اجتماع لا يعني أنه سيتحول إلى شيء ملموس".
Today