روسيا تعلن رفضها لنشر قوات أوروبية في أوكرانيا وتستبعد عقد لقاء وشيك بين بوتين وزيلينسكي

أوضح مسؤول روسي أن موسكو ستركّز خلال الفترة المقبلة على الدفع نحو وضع إطار أمني يضمن عدم وجود قوات أجنبية في أوكرانيا، إلى جانب إنشاء مناطق لخفض التصعيد تُراقَب من قوات محايدة مقبولة لديها، مع تأكيد أن الاعتراف الدولي بضم شبه جزيرة القرم والمقاطعات الأربع يمثل شرطاً أساسياً قبل بحث أي لقاء قمة بين بوتين وزيلينسكي.
وأضاف أن هذا المسار سيستغرق وقتاً طويلاً، ولن تبدأ التحضيرات الرسمية لأي لقاء إلا بعد التوصل إلى تفاهمات أولية بشأن الضمانات الأمنية والحدود النهائية للنزاع، مشيراً إلى أن الكرملين سيواصل المناورة السياسية للحفاظ على موقعه التفاوضي مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام أي وساطات أميركية أو أوروبية.
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن أي لقاء على أعلى مستوى يتطلب تحضيراً جيداً ليكون مثمراً، وهو ما يقلل فرص انعقاد قمة في المستقبل القريب، مجدداً رفض موسكو القاطع لأي مقترحات لنشر قوات أوروبية في أوكرانيا، ومذكراً بأن منع وجود عسكري للناتو كان أحد الأسباب الرئيسية وراء العملية العسكرية الروسية.
وفي موازاة ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 26 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل، معظمها فوق منطقة روستوف، بينما تسبب حطام إحداها في حريق بأحد المباني السكنية بمدينة روستوف أون دون، كما تم اعتراض مسيّرات أخرى فوق أوريول وبيلغورود وبريانسك وكورسك، في وقت تتواصل فيه الهجمات المتبادلة بين موسكو وكييف بشكل شبه يومي.
من جانبه، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته مهدداً بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا إذا لم تُبدِ استعداداً جاداً للتوصل إلى اتفاق سلام، مؤكداً رغبته في لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي "في أقرب وقت ممكن" ومحذّراً من أن استمرار الحرب قد يقود إلى "حرب اقتصادية مدمّرة" ضد موسكو. وتزامن ذلك مع إعلان كييف تخفيف قيود السفر على الذكور بين 18 و22 عاماً، فيما تكثّف واشنطن تحركاتها الدبلوماسية لدفع المفاوضات بين الجانبين.
ورغم الجهود الأميركية، ما تزال مساعي ترامب لترتيب قمة تاريخية بين بوتين وزيلينسكي تواجه عراقيل متزايدة، إذ اقترح البيت الأبيض العاصمة المجرية بودابست لاستضافة القمة، بينما فضّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مدينة جنيف كأرض محايدة، في حين أعلن وزير الخارجية السويسري استعداد بلاده لمنح بوتين "حصانة" من الملاحقة الدولية لتسهيل الحوار، غير أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شدد على أن أي لقاء لا يمكن أن يسبق صياغة جميع تفاصيل معاهدة سلام شاملة، وأن الحوار يجب أن يبدأ تدريجياً من مستوى الخبراء.
وكان ترامب قد عقد لقاءً ثنائياً مع بوتين في قاعدة إلمندورف ريتشاردسون بألاسكا منتصف أغسطس/ آب، محاولاً إقناعه بالموافقة على لقاء مباشر مع زيلينسكي لإنهاء الحرب، إلا أن تصريحات لاحقة لمستشاري الكرملين أكدت أن روسيا لا ترى أي ضرورة لمثل هذا اللقاء حالياً، وهو ما اعتُبر انتكاسة لاستراتيجية ترامب الخارجية التي وضعت إنهاء الحرب في أوكرانيا في صدارة أولوياته.
ويرى محللون أميركيون أن إصرار موسكو على تأجيل القمة يعقّد حسابات ترامب السياسية، إذ يسعى البيت الأبيض إلى تقديم نفسه كوسيط قادر على تحقيق اختراق.
كما لوّح السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بفرض عقوبات ساحقة على روسيا إذا استمرت في رفضها، فيما حذر خبراء مثل تشارلز كوبشان وأندرو فايس من أن خطة ترمب للسلام قد تكون محكومة بالفشل بسبب الهوة العميقة بين شروط موسكو وموقف كييف.
وفي ضوء هذه التعقيدات، يعتقد مراقبون أن موسكو تفضّل مواصلة الحرب لتحقيق مكاسب ميدانية تمنحها أوراق ضغط إضافية، بينما تسعى إدارة ترامب إلى الحفاظ على الزخم الدبلوماسي لتجنّب صورة الفشل، ما يجعل احتمالات عقد قمة بوتين – زيلينسكي مؤجلة إلى أجل غير مسمى، ويترك مستقبل النزاع الأوكراني رهينة الغموض والتجاذبات الدولية.
Today