حرب الصواريخ والمسيّرات.. لماذا تعجز إسرائيل عن كبح الحوثيين؟

تشير معلومات حصلت عليها صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن إسرائيل فشلت، منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في وقف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي يشنّها الحوثيون عليها، بسبب مزيج من القصور الاستراتيجي والقيود العملياتية.
مرحلة ما قبل المواجهة المباشرة
بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويوليو/تموز 2024، حين أسفرت ضربة نفذتها طائرة مسيّرة حوثية عن مقتل مدني إسرائيلي في تل أبيب، تبنّت إسرائيل نهجًا يقوم على تجنب مواجهة مباشرة مع الحوثيين وترك زمام المبادرة في هذا الملف للولايات المتحدة. خلال تلك المرحلة، أوضح مسؤولون إسرائيليون وأميركيون للصحيفة أن الحوثيين "أكثر وكلاء إيران تطرفًا" وأن الدخول في معركة مفتوحة معهم سيجعل من الصعب ردعهم.
تحوّل في الاستراتيجية
بعد حادثة تل أبيب في يوليو/تموز 2024، أمرت الحكومة الإسرائيلية بشن ضربات مباشرة ضد أهداف في اليمن. ومنذ ذلك الحين، نفذ الجيش الإسرائيلي أقل من عشرين ضربة استهدفت بنية الحوثيين العسكرية والاقتصادية وشبكات الطاقة والتجارة. ورغم أن بعض هذه الضربات كبّد الحوثيين خسائر في قدراتهم، إلا أن ردودهم السريعة كشفت محدودية تأثير العمليات الإسرائيلية. ففي أعقاب ضربة وصفتها تل أبيب بـ"الحاسمة" مطلع الأسبوع، استعادت صنعاء التيار الكهربائي سريعًا وأطلقت صاروخًا جديدًا باتجاه إسرائيل. وتشير تقديرات إلى أن عدد الهجمات الحوثية تجاوز حتى الآن 500 هجوم.
تحديات استخباراتية ولوجستية
توضح مصادر إسرائيلية لـ "جيروزاليم بوست" أن اليمن يشكّل تحديًا استثنائيًا مقارنة بجماعات أخرى، نظرًا لطبيعته الجغرافية الواسعة وتنظيم الحوثيين اللامركزي.
ورغم جهود الاختراق الاستخباراتي، اعترفت هذه المصادر بأن إسرائيل بدأت تقريبًا من الصفر في هذا الملف خلال صيف 2024، بخلاف العمليات المعقّدة ضد إيران وحزب الله التي استندت إلى سنوات من التجنيد والتخطيط. ومع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة مطلع 2025، وتكثيفه الضربات ضد الحوثيين، تراجعت الجهود الإسرائيلية مؤقتًا.
لكن هذه الجهود استؤنفت بقوة في الربيع الماضي بعد أن توصلت واشنطن إلى تفاهمات جانبية مع الحوثيين، ما ترك إسرائيل في مواجهة مباشرة مع الهجمات.
آفاق المرحلة المقبلة
تشير المصادر الدفاعية الإسرائيلية للصحيفة عينها إلى أن تفكيك قدرات الحوثيين "سيكون عملية تدريجية وبطيئة"، لكنها ترجّح تحقيق تقدم ملحوظ في المدى المتوسط مع تحسن مستوى الاختراق الاستخباراتي.
وترى هذه المصادر أن تحقيق اختراقات حقيقية قد يستغرق وقتًا أطول مما تأمله القيادة الإسرائيلية، لكنه سيكون أسرع مما يتوقعه بعض المحللين. وتتوقع التقديرات الإسرائيلية أنه في حال تحقق توقعات ترامب بإنهاء العمليات العسكرية في غزة خلال الأشهر الأربعة المقبلة، فإن وتيرة الهجمات الحوثية على إسرائيل ستتراجع.
إلا أن العمل الاستخباراتي الإسرائيلي ضد الحوثيين سيستمر، لتجنب المفاجآت التي أربكت إسرائيل في بداية الحرب. ووفق التحليلات، قد تستخدم إسرائيل نتائج الاختراق الاستخباراتي مستقبلاً لتنفيذ ضربات "أكثر إيلامًا" ضد الحوثيين، سواء استمروا في استهدافها أو حتى في حال توقفوا عن ذلك، في إطار استراتيجيتها الحالية القائمة على "الردع الاستباقي" تجاه خصومها الإقليميين.
Today