حسين الشيخ يلتقي محمد بن سلمان في الرياض.. هل بدأ العد التنازلي لانسحاب محمود عباس من المشهد؟

استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يوم أمس الاثنين 1 أيلول/سبتمبر، نائب رئيس دولة فلسطين حسين الشيخ في قصر اليمامة بالرياض.
اللقاء تناول تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وحضره من الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ومستشار الأمن الوطني مساعد العيبان، فيما ضم الوفد الفلسطيني مستشار الرئيس مجدي الخالدي ومستشار نائب الرئيس اللواء رسلان زكي ورئيس ديوان نائب الرئيس آية جمال محيسن.
هذا الظهور اللافت لحسين الشيخ يعزز الانطباع بأن الرجل بات في مقدمة المشهد الفلسطيني على الساحة العربية والدولية، في وقت يغيب فيه الرئيس محمود عباس عن الأضواء منذ مشاركته الأخيرة في القمة العربية الـ34 في بغداد في أيار/مايو الماضي. وهو ما يثير تساؤلات جدية حول ما إذا كان العد التنازلي لانسحاب عباس من الواجهة قد بدأ بالفعل.
من أوسلو إلى القمم الأخيرة
محمود عباس، أحد أبرز مهندسي اتفاقات أوسلو في مطلع التسعينيات، ظل طوال عقدين الشخصية الأبرز في المشهد الفلسطيني. غير أن السلطة التي يقودها تعاني اليوم أزمات متفاقمة، مع غياب الانتخابات وتعاظم الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يشهد حربا طاحنة منذ نحو سنتين.
وعلى الرغم من أنه تعهّد خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة في آذار/مارس الماضي بإعادة هيكلة مؤسسات منظمة التحرير وحركة فتح وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية، فإن تحركاته الدبلوماسية تراجعت، وكان آخر حضور خارجي بارز له في قمة بغداد الأخيرة في أيار/مايو، قبل أن يغيب عن المشهد في الأشهر الماضية.
صعود حسين الشيخ
في هذا الفراغ، برز حسين الشيخ باعتباره الوريث المحتمل. ففي 24 أيار/مايو اختاره عباس نائبًا له في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، في خطوة فسّرها المراقبون بأنها تمهيدية لترتيب الخلافة وضمان انتقال سلس للسلطة.
غير أن هذه الخطوة لم تلقَ إجماعًا فلسطينيًا، إذ واجهت رفضًا صريحًا من حركة حماس التي أدانت تعيينه نائبًا للرئيس الفلسطيني، معتبرةً الخطوة "استجابة لإملاءات خارجية وتكريسًا لنهج التفرد والإقصاء الذي يفاقم الانقسام السياسي بدلاً من تعزيز الإجماع الوطني.
الشيخ، البالغ من العمر 64 عامًا، راكم خبرة طويلة في إدارة الملفات الحساسة، أبرزها رئاسته لهيئة الشؤون المدنية، وهي القناة الرئيسية للتواصل اليومي مع الجانب الإسرائيلي.
وبعد وفاة صائب عريقات عام 2020، تولى الشيخ مسؤولية دائرة المفاوضات، ما عزز مكانته كأحد أبرز رجال السلطة.
وفي 2022 أصبح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ثم صوّت المجلس المركزي على استحداث منصب نائب الرئيس ومنحه له، ليكرس موقعه كأقوى مرشح محتمل لخلافة عباس.
نشاط دبلوماسي متصاعد
خلال الأشهر الماضية، كثّف الشيخ لقاءاته واتصالاته الدبلوماسية، ما عزّز حضوره في الواجهة الفلسطينية. ففي أيار/مايو 2025 التقى في جدة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وبحث معه تطورات الوضع الفلسطيني وسبل تعزيز الدعم العربي والدولي.
وفي الشهر نفسه استقبل في رام الله وفدًا من وزارة الخارجية السويسرية، حيث شدد على ضرورة التوصل إلى هدنة دائمة في غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية، إلى جانب إحياء مسار حل الدولتين.
وفي تموز/يوليو الماضي، التقى الشيخ السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي في رام الله، وناقشا الجهود المبذولة لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
كما أجرى نائب محمود عباس في الأيام الماضية اتصالات واسعة مع واشنطن وباريس والقاهرة وعواصم أوروبية أخرى، احتجاجًا على قرار الولايات المتحدة منع وفد فلسطيني من المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرًا الخطوة انتهاكًا للقانون الدولي.
دعم سعودي وإقليمي
لم يقتصر صعود الشيخ على الداخل الفلسطيني، بل لقي دعمًا عربيًا متناميًا، ولا سيما من السعودية التي رحبت بخطوة استحداث منصب نائب الرئيس وأشادت بالإصلاحات الفلسطينية.
لقاء الرياض أمس يضيف بُعدًا جديدًا لدوره، إذ يعكس انفتاحًا سعوديًا واضحًا على التعامل معه باعتباره الواجهة الفلسطينية المقبلة.
ويأتي ذلك في سياق تحركات عربية أوسع لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني تحضيرًا لمرحلة ما بعد الحرب على غزة، إذ تضغط عواصم عربية ودولية لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتوحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير.
انتقال تدريجي أم انسحاب وشيك؟
كل هذه المؤشرات تطرح سؤالًا مفتوحًا: هل نحن أمام انسحاب تدريجي لعباس من المشهد، يتيح المجال لترتيب انتقال سلس نحو حسين الشيخ؟ أم أن المرحلة الراهنة لا تزال في طور إعادة توزيع الأدوار، بانتظار توافقات أوسع تشمل الفصائل الفلسطينية والداعمين الإقليميين والدوليين؟
Today