ما وراء تشدد بوتين في حرب أوكرانيا؟

في أقصى الشرق الروسي، وجّه الرئيس فلاديمير بوتين تحذيرًا صريحًا إلى الغرب، قائلاً: "لا تفكروا حتى في إرسال جنود - بما في ذلك قوات حفظ السلام - إلى أوكرانيا."
وأضاف: "إذا ظهرت أي قوات هناك، خصوصًا في ظل القتال الجاري، فسنعتبرها أهدافًا مشروعة للتدمير". وجاء رد الفعل من قاعة المنتدى الاقتصادي في فلاديفوستوك لافتًا؛ حيث قوبلت تصريحات بوتين بتصفيق حاد من مسؤولين ورجال أعمال روس، في مشهد وصفه مراسل "بي بي سي" ستيف روزنبرغ، الموجود في القاعة، بأنه "مثير للقشعريرة".
رفض للضمانات الغربية
تحذير بوتين جاء بعد يوم واحد من تعهّد "تحالف الراغبين"، أي حلفاء كييف، بتشكيل قوة لضمان أمن أوكرانيا بعد الحرب. وأكد الرئيس الروسي أن أي لقاء مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لن يُعقد إلا في موسكو، التي وصفها بـ"مدينة الأبطال"، وهو طرح اعتبرته العواصم الغربية مناورة سياسية غير جدية. هذا الموقف يجسد، بحسب المراقبين، رؤية الكرملين للحرب: "نعم، نريد السلام، لكن بشروطنا فقط. إذا رُفضت شروطنا، فلن يكون هناك سلام".
دوافع الموقف المتشدد
تقول "بي بي سي" إن تشدد الكرملين مدفوع بعدة عوامل: الوضع الميداني: قناعة موسكو بأن قواتها تمتلك زمام المبادرة على الأرض في أوكرانيا. المكاسب الدبلوماسية: لقاءات بوتين مع قادة دول كالصين والهند وكوريا الشمالية، في رسالة تؤكد أن روسيا ليست معزولة. الموقف الأميركي: دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبوتين إلى قمة في ألاسكا، والتي اعتُبرت في موسكو دليلًا على فشل الغرب في عزل روسيا. ورغم إشادة بوتين علنًا بجهود ترامب لتحقيق السلام، فإنه رفض مقترحات وقف إطلاق النار، ولم يُبد أي نية لتقديم تنازلات.
آفاق السلام
مؤخرًا، قال بوتين إنه يرى "نورًا في نهاية النفق". لكن، كما يوضح روزنبرغ في تقريره، يبدو أن روسيا من جهة، وأوكرانيا وأوروبا (ومعها الولايات المتحدة جزئيًا) من جهة أخرى، تسير في أنفاق مختلفة وعلى طرق متباينة نحو وجهات متعارضة. فبينما تركز كييف وحلفاؤها الأوروبيون على إنهاء الحرب وضمان أمن أوكرانيا ومنع أي غزو جديد، يرى بوتين أن "النور" يتمثل في تحقيق نصر روسي وإعادة تشكيل نظام عالمي جديد يخدم مصالح موسكو. ويخلص تقرير "بي بي سي" إلى أن هذه المسارات المتناقضة تجعل من الصعب رؤية أين ومتى يمكن أن تلتقي من جديد
Today