"ارتكبتم خطأ كبيرا بإعادة فرض العقوبات".. عراقجي يوجه رسالة للترويكا الأوروبية عبر صحيفة بريطانية

وفي مقال رأي في صحيفة "الغارديان" البريطانية، اعتبر عراقجي أن "أوروبا مخطئة باتباع استراتيجية دونالد ترامب"، مضيفاً: "نحن منفتحون على الدبلوماسية واتفاق جديد بشأن برنامجنا النووي، لكن يجب رفع العقوبات".
لا أساس قانوني
ولفت إلى إنه "لأكثر من عقدين من الزمن، كانت أوروبا في قلب الأزمة المُصطنعة المستمرة بشأن البرنامج النووي السلمي لبلدي. وقد عكس الدور الأوروبي، من نواحٍ عديدة، حالة علاقات القوة الدولية الأوسع. فبعد أن كانت قوةً مُعتدلةً تطمح إلى كبح جماح أمريكا المُعادية ذات الأهداف المُتطرفة في منطقتنا، تُمكّن أوروبا اليوم واشنطن من تجاوزاتها".
واعتبر أن "مناورة مجموعة الدول الأوروبية الثلاث تفتقر إلى أي أساس قانوني، ويرجع ذلك أساسًا إلى تجاهلها تسلسل الأحداث التي دفعت إيران إلى اعتماد تدابير تصحيحية قانونية بموجب الاتفاق النووي".
وقال عراقجي: "تريد الدول الثلاث أن ينسى العالم أن الولايات المتحدة، وليس إيران، هي التي أنهت من جانب واحد مشاركتها في خطة العمل الشاملة المشتركة (JCOPA)، وهو الاسم الرسمي للاتفاق. علاوة على ذلك، تُغفل مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3) كيف أخفقت في الوفاء بالتزاماتها في الاتفاق، ناهيك عن ترحيبها الصارخ بقصف إيران في يونيو/ حزيران".
تهميش أوروبا
وتابع عراقجي: "لقد أوضح الرئيس ترامب أنه ينظر إلى مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3) كجهات فاعلة جانبية. ويتجلى ذلك في الطريقة التي تُهمّش بها أوروبا عن القضايا الحيوية لمستقبلها - بما في ذلك الصراع الروسي الأوكراني"، مضيفاً: "الرسالة من واشنطن واضحة وجلية: لكي تكتسب أهمية، يجب على مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3) إظهار ولاءٍ أبدي. وتؤكد الصور الأخيرة لقادة أوروبيين جالسين في المكتب البيضاوي أمام الرئيس ترامب هذه الديناميكية بوضوح".
وأوضح أنه "بينما فشلت أوروبا في الوفاء بالتزاماتها، توقعت من إيران قبول جميع القيود من جانب واحد"، مؤكداً انه "في إطار هذه العقلية، امتنعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا عن إدانة الهجوم الأمريكي على بلدي في يونيو/ حزيران - عشية المحادثات الدبلوماسية - ومع ذلك تطالب الآن بفرض عقوبات من الأمم المتحدة على الإيرانيين لرفضهم المزعوم للحوار".
وتابع: "كما حذّرتُ نظرائي في مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، فإن مناورتهم لن تحقق النتيجة التي يسعون إليها. بل على العكس، ستزيد من تهميشهم باستبعادهم من الدبلوماسية المستقبلية، مع عواقب سلبية واسعة النطاق على أوروبا بأكملها من حيث مصداقيتها ومكانتها العالمية".
وشدد عراقجي على أنه "لا يزال هناك وقت وحاجة ماسة لحوار صادق".
الدبلوماسية هي الحل
وأكد أن "إيران لا تزال منفتحة على الدبلوماسية، وهي مستعدةٌ لإبرام صفقة واقعية ودائمة تتضمن رقابةً صارمةً وقيودًا على التخصيب مقابل إنهاء العقوبات"، مشدداً على أن "عدم اغتنام هذه الفرصة السانحة العابرة قد يكون له عواقب وخيمة على المنطقة وخارجها على مستوىً جديدٍ كلياً".
واعتبر أن "إسرائيل قد تُصوّر نفسها على أنها قادرةٌ على شنّ حربٍ نيابةً عن الغرب. ولكن كما في يونيو/ حزيران، فإن الحقيقة هي أن القوات المسلحة الإيرانية القوية مستعدةٌ وقادرةٌ على إجبار إسرائيل مرةً أخرى على اللجوء إلى "الوالد" لإنقاذها".
وقال عراقجي: "لقد كلّفت المناورة الإسرائيلية الفاشلة هذا الصيف دافعي الضرائب الأمريكيين مليارات الدولارات، وحرمت الولايات المتحدة من معداتٍ حيويةٍ مفقودةٍ الآن من مخزوناتها، وصوّرت واشنطن كطرفٍ متهورٍ مُتورّطٍ في حروبٍ اختياريةٍ لنظامٍ مارق".
وختم قائلاً إنه "إذا كانت أوروبا تريد حقًا حلًا دبلوماسيًا، وإذا كان الرئيس ترامب يريد تركيز الجهود على قضايا حقيقية غير مصنّعة في تل أبيب، فعليهما منح الدبلوماسية الوقت والمساحة اللازمين لنجاحها. ومن غير المرجح أن يكون البديل جميلًا".
آلية الزناد
تأتي هذه التصريحات بعد أيام من تفعيل الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الآلية المعروفة باسم "آلية الزناد" أو "سناب باك" والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، بموجب اتفاق 2015 حول البرنامج النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، علما أن إمكانية إعادة تفعيل العقوبات تنتهي في أكتوبر/ تشرين الأول.
ورحّبت الولايات المتحدة بهذه الخطوة، لكنّها أشارت في الوقت ذاته إلى أنّها منفتحة على إجراء محادثات مباشرة مع إيران.
وتوقّفت المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن في منتصف يونيو/ حزيران، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على إيران والذي شاركت فيه الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات على منشآت نووية إيرانية.
انسحبت واشنطن من الاتفاق عام 2018 وأعادت فرض عقوباتها على إيران. وكان ذلك خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
وتشتبه الدول الغربية في سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، لكنّ طهران تنفي ذلك وتدافع عن حقها في تطوير برنامج نووي لأغراض مدنية.
Today