إضراب 18 سبتمبر في فرنسا: كيف ستتأثر الحياة اليومية لسكان المدن الكبرى؟

تستعد فرنسا يوم الخميس 18 أيلول/ سبتمبر لموجة جديدة من الإضرابات والتظاهرات على نطاق غير مسبوق.
وتدعو جميع النقابات العمالية (CGT، CFDT، CFE-CGC، CFC، CFTC، Sud، FO، Unsa، وFFSU) المواطنين إلى المشاركة في التظاهرات، وهو تحرك لم يحدث منذ احتجاجات عام 2023 ضد إصلاح نظام التقاعد.
وقد تم الإعلان بالفعل عن تنظيم أكثر من 250 مسيرة في مختلف أنحاء فرنسا، فيما تتوقع السلطات أن يتخطى عدد المشاركين 800 ألف متظاهر.
وفيما يلي، تستعرض "يورونيوز" أبرز ما ينبغي معرفته: المطالب، مسارات التظاهرات، الاضطرابات المتوقعة، والإجراءات الأمنية.
ما الذي أشعل شرارة الغضب؟
تدعو النقابات إلى الإضرابات والتظاهرات احتجاجًا على إجراءات الميزانية التي أقرها هذا الصيف فرانسوا بايرو، قبل الإطاحة بحكومته في 8 أيلول/ سبتمبر.
ورغم أن رئيس الوزراء الحالي سيباستيان ليكورنو تراجع سريعًا عن قرار إلغاء عطلتين رسميتين، وهو ما اعتبرته النقابات إجراءً مرفوضًا بالإجماع، إلا أنه أبقى الباب مفتوحًا أمام باقي البرنامج.
وترى المجموعة النقابية المشتركة أن هذه التدابير "قاسية إلى حد غير مسبوق"، إذ تلقي بعبء الجهود المالية على "العمال، غير المستقرين، والمتقاعدين والمرضى"، وفق ما جاء في بيان مشترك صدر أواخر آب/ أغسطس.
وتشمل الإجراءات إصلاح نظام التأمين ضد البطالة، وتجميد المساعدات الاجتماعية، وإلغاء فهرسة المعاشات التقاعدية، إضافة إلى مضاعفة الرسوم الطبية الإلزامية.
صوفي بينيه، رئيسة نقابة CGT، تحدثت عن "أول انتصار" أظهر "أننا في موقف قوة"، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن "متحف فرانسوا بايرو للرعب" لم يُمحَ منه أي بند آخر. أما ماريليز ليون، من نقابة CFDT، فرأت أن الميزانية بصيغتها الحالية "لا تنسجم مع العدالة الاجتماعية والمالية والبيئية"، وهو ما دفعها إلى الانضمام إلى هذه الحركة.
المسيرات في المدن الفرنسية الكبرى
من المقرر تنظيم تظاهرات في جميع المدن الكبرى، بينها باريس، ليون، مارسيليا، تولوز، نيس، رين، ليل، مونبلييه، نيم وبربينيان. وقد نشرت نقابة CGT خريطة تفاعلية تحدد مواقع وأوقات المسيرات في كل مقاطعة.
في باريس، ستنطلق المسيرة عند الثانية بعد الظهر من ساحة الباستيل، مرورًا بساحة "ريبوبليك" وصولًا إلى ساحة "نيشن". وقد فرضت المحافظة هذا المسار، في حين كانت النقابات كانت تود أن تختتم التظاهرة عند ساحة الكونكورد.
وفي موازاة ذلك، تستعد حركة "لنغلق كل شيء" لتنفيذ تحركات ميدانية معقدة، خصوصًا على الطريق الدائري للعاصمة باريس.
شلل واسع في حركة النقل
ستتأثر حركة القطارات بشكل كبير، إذ سيسير قطار واحد فقط من كل ثلاثة، وقطار واحد من كل اثنين، مع تسجيل اضطرابات في قطارات InOui وLyria وOuigo TGV. وأكدت شركة SNCF أن "جميع الركاب سيتمكنون من السفر خلال اليوم"، مع إتاحة خدمة التبديل أو الإلغاء مجانًا.
في منطقة إيل دو فرانس، من المرجح أن تسود فوضى كبيرة مع إعلان نقابة FO-RATP أن "90% من سائقي المترو و80% من سائقي القطارات" في إضراب. ولن تعمل بشكل طبيعي سوى الخطوط الأوتوماتيكية 1 و4 و14، فيما ستتأثر أيضًا حركة الحافلات والترامواي.
في المقابل، ستبقى حركة الطيران شبه طبيعية بعدما علّقت النقابة الوطنية للنقل العام في فرنسا دعوتها إلى الإضراب.
الإضراب يطال التعليم والصحة والطاقة
من المتوقع أن يشارك نحو ثلث معلمي المدارس الابتدائية في الإضراب، وفق ما أعلن الاتحاد الوطني للنقابات في منطقة باريس، محذرًا من النقص الحاد في الموارد.
وفي قطاع الصحة، أعلنت مستشفيات منطقة باريس عن إضراب يشمل مختلف المرافق. أما الصيادلة، الذين دأبوا على تنظيم تحركات بارزة، فيتجهون إلى إغلاق 98% من الصيدليات احتجاجًا على تراجع هوامش الربح على الأدوية الجنيسة.
كذلك، يعتزم عمال الكهرباء والغاز تنظيم مسيرات أمام مواقع إنتاج الطاقة.
إجراءات أمنية غير مسبوقة منذ احتجاجات "السترات الصفراء"
من المرجح أن يفوق زخم التحرك في هذا اليوم بشكل واضح ما حدث في العاشر من أيلول/ سبتمبر، عندما خرج 200 ألف متظاهر إلى الشوارع تحت شعار "لنغلق كل شيء"، وفق أرقام وزارة الداخلية.
وفي ظل مخاطر اندلاع أعمال فوضى، أصدر وزير الداخلية المستقيل برونو ريتيلو تعليمات صارمة لمنع "أي ضرر" و"أي محاولة لإغلاق البنى التحتية الأساسية".
ستتولى المهمة الأمنية قوة قوامها 80 ألف شرطي ودركي، و24 عربة مدرعة من طراز "سنتور"، إضافة إلى 10 مدافع مياه وطائرات مسيّرة، في ترسانة وُصفت بأنها "غير مسبوقة" منذ احتجاجات "السترات الصفراء".
وتركّز السلطات جهودها على المدن الكبرى، وفي مقدمتها باريس، حيث من المتوقع أن يتوافد ما بين 30 و60 ألف متظاهر، إلى جانب رين ونانت وتولوز وديجون وليون ومونبلييه وبوردو.
Today