مخاوف من هروب الكفاءات..قطاع التكنولوجيا يهتز بعد قرار ترامب فرض رسوم مرتفعة على تأشيرات H-1B

أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جديدة بقيمة 100 ألف دولار على كل تأشيرة عمل مؤقتة من نوع H-1B موجة واسعة من الانتقادات من قبل كبار المديرين التنفيذيين ورواد الأعمال والمستثمرين في قطاع التكنولوجيا.
وجاء القرار ضمن سلسلة إجراءات أُعلن عنها متأخرًا مساء الجمعة، وشملت أيضًا توضيحات لاحقة من البيت الأبيض أكدت أن الرسوم الجديدة لن تُفرض سنويًا، بل مرة واحدة فقط، ولن تطال حاملي التأشيرات الحاليين – حتى لو كانوا خارج الولايات المتحدة وقت الإعلان.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يعتمد فيه عمالقة التكنولوجيا – مثل أمازون (AMZN.O) ومايكروسوفت (MSFT.O) وميتا بلاتفورمز (META.O) – بشكل كبير على تأشيرات H-1B لاستقدام مهندسين ومبرمجين ومختصين من دول مثل الهند والصين، في ظل نقص مزمن في الكفاءات المحلية المؤهلة.
ولم تُبدِ أي من الشركات الثلاث تعليقًا فوريًا على القرار، رغم أن العديد من مسؤوليها التنفيذيين يحظون بعلاقات وثيقة مع إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض. في المقابل، تحدث مسؤولون سابقون وحاليون في القطاع للتعبير عن قلقهم من تداعيات القرار.
وقالت إستر كروفورد، المديرة التنفيذية السابقة في تويتر والمديرة الحالية لإدارة المنتجات في ميتا، عبر حسابها على لينكدإن: "لطالما كان تميز أمريكا يكمن في قدرتها على جذب الأشخاص الأذكياء والطموحين من كل مكان. المهاجرون ذوو المهارات العالية لا يأخذون منا، بل يبنون معنا. كان بعض أفضل زملائي في مسيرتي المهنية من حاملي تأشيرات H-1B، يسعون لتحقيق حلمهم الأمريكي الخاص".
الآثار السلبية على الشركات الناشئة
وأشارت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" إلى أن القرار سيؤثر بشكل غير متناسب على الشركات الناشئة، التي تعتمد على التوظيف الدولي كجزء أساسي من نموذجها التشغيلي، وقد لا تتحمل تكاليف الرسوم الباهظة، ما يهدد بعرقلة نموها أو حتى إجبارها على نقل عملياتها خارج الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، توقع ديفيد سيدمان، رئيس أمن المنصات في شركة التكنولوجيا المالية Plaid، عبر منشور على لينكدإن أن "واحدًا على الأقل من عمالقة التكنولوجيا سيتوقف عن توظيف أصحاب هذه الوظائف في الولايات المتحدة، وسيوسع وجوده في الهند أو كندا".
فوضى في المطارات وقلق عالمي
تسبب الإعلان المفاجئ في حالة من البلبلة بين المسافرين، حيث قرر بعض حاملي التأشيرات النزول من الطائرات قبل إقلاعها، بينما أسرع آخرون بالعودة إلى الولايات المتحدة بناءً على نصائح شركاتهم، خشية الوقوع تحت طائلة القرار الجديد.
وقال أندرو إنغ، مؤسس DeepLearningAI، في منشور على لينكدإن: "قلبي مع جميع الأسر والأفراد القلقين بشأن مستقبلهم بعد الإعلان المفاجئ والفوضوي عن تغييرات تأشيرات H-1B. ينبغي لأمريكا أن تعمل على جذب المزيد من المواهب الماهرة، لا أن تخلق حالة من عدم اليقين تدفعهم بعيدًا."
دعم محدود من بعض الأوساط
في المقابل، حظي القرار بدعم محدود من بعض كبار المسؤولين، أبرزهم غاري كوهن، نائب رئيس شركة IBM والرئيس السابق للمجلس الاقتصادي الوطني في إدارة ترامب، الذي وصف القرار بأنه "فكرة جيدة" من شأنها أن تساعد في جذب موظفين يمتلكون مهارات عالية القيمة.
كما أيد ريد هاستينغز، رئيس مجلس إدارة نتفليكس، القرار في منشور على منصة X، معتبرًا أن التكلفة الأعلى ستجعل التأشيرات تُستخدم فقط للوظائف "عالية القيمة للغاية"، ما يوفر مزيدًا من اليقين لمن يحملونها.
تداعيات اقتصادية محتملة
حذّر اقتصاديون في بنك بيرنبرغ من أن القرار قد يثقل كاهل سوق العمل الأمريكي، الذي لا يزال يعاني من تداعيات سياسات ترامب التجارية السابقة.
وأشاروا إلى أن "هروب العقول" الناتج عن صعوبة استقدام المواهب أو إجبار الطلاب الدوليين على المغادرة بعد التخرج، سيؤثر سلبًا على الإنتاجية والابتكار في الاقتصاد الأمريكي.
وفي سياق متصل، تأتي هذه الخطوة في إطار حملة أوسع من التشدد في ملف الهجرة، شملت تعزيز الأمن الحدودي وتنفيذ غارات استهدفت عمالًا غير شرعيين، كان آخرها غارة لدائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) على مصنع بطاريات في جورجيا تابع لمجموعة هيونداي الكورية الجنوبية، ما أثار استياءً رسميًا من سيول وتساؤلات حول مستقبل العلاقات الثنائية.
Today