رغم دعوة مصر ومقترح ترامب لانضمامها إلى اتفاقات أبراهام.. إيران أبرز الغائبين عن قمة شرم الشيخ

غابت إيران عن "قمة شرم الشيخ للسلام" اليوم الإثنين 13 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن رفض الرئيس مسعود بزشكيان دعوة مصر للمشاركة، وقال وزير الخارجية عباس عراقجي إن طهران "لا يمكنها التعامل مع من هاجموا الشعب الإيراني وما زالوا يهددوننا ويفرضون العقوبات علينا".
وستعقد اليوم القمة في شرم الشيخ برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة ووزراء خارجية من أكثر من عشرين دولة.
وذكرت وكالة "إرنا" الرسمية أن وزير الخارجية عباس عراقجي أبلغ السلطات الإيرانية بالدعوة المصرية، مشيرة إلى أن الرئيس بزشكيان قرّر عدم تلبية الدعوة بعد دراسة متأنية داخل وزارة الخارجية ودوائر القرار العليا.
"لا حوار مع من يفرض العقوبات"
وفي تدوينة نشرها فجر الإثنين على منصة "إكس"، قال عراقجي: "تُعرب إيران عن امتنانها لدعوة الرئيس السيسي لحضور قمة شرم الشيخ. ورغم رغبتنا في الحوار الدبلوماسي، لا أستطيع أنا ولا الرئيس بزشكيان التعامل مع الذين هاجموا الشعب الإيراني وما زالوا يواصلون تهديدنا وفرض العقوبات علينا".
وأضاف: "مع ذلك، تُرحّب إيران بأي مبادرة تُنهي الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة وتؤدي إلى خروج قوات الاحتلال"، مؤكداً أن "للفلسطينيين كل الحق في نيل حقهم الأساسي في تقرير المصير"، وداعياً الدول إلى "دعم هذا المطلب القانوني والمشروع".
إيران: قوة للسلام لا للتطبيع
وشدّد عراقجي على أن "إيران، وستظل، قوةً أساسيةً للسلام في المنطقة"، مضيفاً: "على عكس كيان الإبادة الجماعية الإسرائيلي، لا تسعى إيران إلى حروب لا نهاية لها، وخاصةً على حساب الحلفاء، بل تسعى إلى السلام الدائم والازدهار والتعاون".
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي اليوم، أن "القرار بعدم المشاركة اتُخذ بعد دراسة دقيقة لجميع جوانب الموضوع في اجتماعات متخصصة داخل الوزارة وخارجها".
غزة: جوهر الأزمة ومحور الموقف الإيراني
وأشار بقائي إلى أن "أهم قضية في منطقتنا والشأن الدولي والعالم الإسلامي هي التطورات في غزة وفلسطين المحتلة"، موضحاً أن "التطورات في غرب آسيا تتطلب ردود فعل وقرارات سريعة وحاسمة".
وأردف: "بعد مرور أكثر من 700 يوم من الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وفرض الحصار والتجويع على الفلسطينيين، تم التوصل في الأيام الأخيرة إلى تفاهم يقضي بوقف الهجمات من قبل الكيان الصهيوني"، لافتاً إلى أن "القصف قد توقف نسبياً، لكننا اليوم نشهد عمق وحدّة الجرائم التي ارتكبت خلال هذين العامين".
وتابع: "تُظهر عمليات رفع الأنقاض عدد الفلسطينيين الذين استُشهدوا خلال هذه الفترة بطرق مختلفة"، محذراً من أن "التجارب التي مرّت بها منطقتنا خلال العقود الماضية، بما في ذلك الخيانات المتكررة من قبل الكيان الصهيوني وخرقه المستمر لوقف إطلاق النار في لبنان — والتي بلغت أكثر من 4500 انتهاك — تقتضي من جميع المهتمين بالسلام أن يظلوا يقظين وحذرين".
إيران ترد على مقترح التطبيع
وجاء موقف إيران في سياق رفضها المتكرر لأي حديث عن انضمامها إلى "اتفاقات أبراهام"، وهي الفكرة التي جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرحها خلال خطابه في الكنيست اليوم، بعد أن كان قد أشار في مناسبات سابقة إلى إمكانية انفتاح طهران على هذا المسار.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد قال السبت في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إن "إيران لن تعترف أبداً بنظام محتل ارتكب إبادة جماعية وقتل أطفالاً"، مجدداً موقف طهران الرافض لأي اعتراف بإسرائيل أو تطبيع للعلاقات معها.
كما أعرب عراقجي عن عدم ثقة إيران بالتزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أنه "ليس هناك أي ثقة بالنظام الصهيوني"، ومذكّراً بأن "إسرائيل سبق أن انتهكت أكثر من اتفاق لوقف إطلاق النار في الماضي، خصوصاً في لبنان".
وأكد دعم طهران لوقف إطلاق النار في غزة، قائلاً: "لقد دعمنا دائماً أي خطة أو إجراء من شأنه وضع حد لهذه الجرائم بحق سكان غزة، ووضع حد لهذه الإبادة".
الحرب الإسرائيلية–الإيرانية
ويأتي غياب إيران عن القمة في ظل توترات غير مسبوقة بين طهران وتل أبيب، تصاعدت في يونيو 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً جوياً مفاجئاً على إيران في 13 يونيو، أطلقت عليه اسم "عملية الأسد الصاعد"، مستهدفة مواقع نووية وعسكرية ومناطق سكنية تواجد فيها علماء نوويون وقيادات عسكرية إيرانية.
وردّت إيران في اليوم نفسه بعملية "الوعد الصادق 3"، باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة ضد أهداف إسرائيلية. واستمرت الحرب 12 يوماً، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة بقيادة ترامب، التي نفّذت في 22 يونيو غارات مكثفة على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، باستخدام قاذفات "بي-2".
وأُعلن عن اتفاق لوقف إطلاق النار في 24 يونيو، برعاية أميركية.
دعم تاريخي لحماس
وتُعرف إيران بدعمها الكامل لحركة "حماس" منذ تشكيلها في أواخر عام 1987، حيث قدّمت لها دعماً مالياً وعسكرياً وتدريبياً، واستضافت قيادتها، أبرزهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية – حينها- الذي اغتيل في طهران أواخر يوليو 2024 أثناء مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس بزشكيان.
وحملت السلطات الإيرانية إسرائيل مسؤولية الاغتيال، وتوعدت بـ"رد مرير ومختلف"، وهو ما نفّذته في أوائل أكتوبر 2024 باستهداف إسرائيل بأكثر من 200 صاروخ، قائلة إنها كانت "انتقاماً لاغتيال هنية وحسن نصر الله"، زعيم حزب الله، الذي قُتل أيضاً في غارة إسرائيلية في بيروت.
Today