إسرائيل تقتل لبنانياً خلال اقتحام مبنى بلدية جنوبية.. وعون يأمر الجيش بـ "التصدي لأي توغّل"
في تصريح غير مسبوق، يكشف عن تصعيد رسمي لبناني واضح، قال الرئيس جوزاف عون إنه أوعز إلى قائد الجيش، رودولف هيكل "التصدي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة دفاعًا عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين".
حادثة غير مسبوقة في الجنوب
جاء ذلك بعد أن ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية حصول ما وصفته بـ "الاعتداء الخطير"، و"غير المسبوق" عندما توغلت قوة إسرائيلية قرابة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل داخل بلدة بليدا لمسافة تتجاوز الألف متر عن الحدود، مدعومة بعدد من الآليات العسكرية و"ATV". واقتحمت مبنى البلدية، حيث كان يبيت داخله الموظف البلدي إبراهيم سلامة، الذي أقدم جنود إسرائيليون على قتله.
بليدا
بلدة بليدا الجنوبية تتبع قضاء مرجعيون ويبلغ عدد سكانها حاليًا نحو 9 آلاف نسمة، وقد نزح منها المئات منذ الحرب الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر الماضي، بسبب الدمار الذي تعرضت له، وكونها إحدى القرى الساخنة التي شهدت اشتباكات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي منذ دخول الحزب فيما أسماه "معركة إسناد غزة" في 8 أكتوبر 2023.
الجيش اللبناني: ما حصل عمل "إجرامي"
بدوره، علّق الجيش اللبناني على الحادثة بالقول إن ما "أقدم عليه العدو الإسرائيلي هو عمل إجرامي وخرق سافر للسيادة اللبنانية وانتهاك لاتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701" وأن " الادعاءات والذرائع الواهية التي يطلقها العدو باطلة ولا تمت إلى الحقيقة بِصلة، وإنما تهدف إلى تبرير انتهاكاته ضد وطننا ومواطنينا."
وتابع أن "قيادة الجيش طلبت من لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية وضع حد لانتهاكات العدو الإسرائيلي المتمادية، كما تتابع القيادة باستمرار انتهاكات العدو بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل."
تعليق الجيش الإسرائيلي
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قد زعم أن "استهداف المبنى جاء بهدف تدمير بنية تحتية إرهابية تابعة لحزب الله في منطقة بلدة بليدا بجنوب لبنان".
وأضاف: "القوات رصدت مشتبهًا به داخل المبنى، وشرعت في إجراءات لتوقيفه. وعند تحديد تهديد مباشر على أفراد القوة، تم إطلاق النار لإزالة التهديد، وتم رصد إصابة. تفاصيل الحدث لا تزال قيد التحقيق".
نواف سلام: ما حصل اعتداء على مؤسسات الدولة
بدوره، علق رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، المعروف بمواقفه المعادية لحزب الله، على الحادثة بالقول إن ما حصل "اعتداء صارخ على مؤسسات الدولة اللبنانية وسيادتها"، مضيفًا: "أقدم التعازي الحارة إلى عائلة سلامة الذي اغتيل أثناء قيامه بواجبه، وإلى كل أبناء الجنوب والقرى الأمامية الذين يدفعون يوميًا ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم في العيش بأمان وكرامة تحت سيادة الدولة اللبنانية وسلطتها".
وختم بيانه بالقول: "نواصل الضغط مع الأمم المتحدة والدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية لضمان وقف الانتهاكات المتكررة وتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضينا".
موقف حزب الله
بعد ساعات من الحادثة، أصدر حزب الله بيانًا قال فيه إن "العدو يواصل مسلسل جرائمه على الأراضي اللبنانية، ويمعن في توغلاته وانتهاكه لسيادة لبنان وحرمة مواطنيه، غير آبه بالاتفاقات والتفاهمات والقوانين الدولية".
واتهم الحزب الولايات المتحدة بـ "التواطؤ مع إسرائيل" قائلًا: "هذه الجريمة الإسرائيلية الجديدة، والتي أتت مباشرة بعد زيارة الموفدة الأمريكية إلى لبنان وترأسها اجتماعات لجنة الميكانيزم، يؤكد أن العدوان الصهيوني على بلدنا يتم بشراكة وتواطؤ أميركي، وأن واشنطن هي صاحبة الضوء الأخضر لكل تصعيد إسرائيلي ولكل عدوان، بهدف الضغط على لبنان لتنفيذ أجندة ومشاريع خبيثة لا تتوافق مع مصلحته الوطنية ولا تحفظ له سيادته وعناصر قوته. "
وتابع البيان أنه يثمن "موقف رئيس الجمهورية بالطلب من الجيش اللبناني مواجهة التوغلات الإسرائيلية".
بري: ما حصل لا يمكن لجمه بالإدانة
من جهته، قال رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، إن ما "حصل فعل يتجاوز الاستباحة الإسرائيلية للسيادة الوطنية اللبنانية وقرارات الأمم المتحدة" ووصفه بـ" العدوان لا يمكن لجمه بالإدانة" مشيرًا إلى أن اللحظة " الراهنة تستدعي من جميع اللبنانيين استحضار كل عناوين الوحدة ودعم فخامة رئيس الجمهورية وموقفه الأخير حيال ما حصل"
سياق "معقد"
تأتي هذه الأحداث في سياق أمني وسياسي معقد، حيث تتعرض الحكومة اللبنانية لضغوط متزايدة من أجل المضي في خطة نزع سلاح حزب الله قبل نهاية السنة.
وتترافق الضغوطات مع تقارير تشير إلى أن الحزب يسعى لإعادة ترميم قوته شمال نهر الليطاني.
وكان الحزب قد أكد مرارًا أنه لن يرضخ لتسليم السلاح، وربط ذلك بمطالب أهمها الانسحاب الإسرائيلي من جنوب البلاد، والسماح بإعادة الإعمار، ووقف الخروقات لاتفاق تشرين الثاني/نوفمبر، وهو ما يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تبدِ تعاطفًا معه.
حركة دبلوماسية مكثفة في بيروت
في غضون ذلك، تشهد بيروت حركة دبلوماسية مكثفة، مع زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن محمود رشاد، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونائبة الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى قصر بعبدا.
ورأى مراقبون أن دخول مصر على الخط قد يمنح لبنان هامش مرونة في مفاوضاته لوقف التصعيد مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لكونها دولة عربية يُنظر إليها باعتبارها "محايدة" إلى حد ما.
مع ذلك، أفادت مصادر لـ"جيروزاليم بوست" أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب حثوا المسؤولين اللبنانيين على فتح حوار مباشر مع إسرائيل.
يأتي ذلك بعد أن ترددت أنباء عن أن أورتاغوس اقترحت تحسين عمل اللجنة الخماسية المشرفة على وقف إطلاق النار، وتوسيع صلاحياتها لتشمل كافة الحدود اللبنانية، وضم أعضاء جدد، وفتح حوار مباشر بين إسرائيل ولبنان.
وأصدرت أورتاغوس بيانًا قالت فيه إن الولايات المتحدة تتابع التطورات في لبنان عن كثب، وتثمن قرار الحكومة اللبنانية وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام، مضيفة: "يتعين على الجيش اللبناني تنفيذ خطته بالكامل".
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "الأخبار" أن مبعوث ترامب توماس باراك حذر لبنان من أنه إذا لم يُحرَز تقدم نحو نزع سلاح حزب الله، فسيُترك بمفرده، وقال: "إما أن تتعلموا الدرس وتوافقوا على الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل تحت رعاية الولايات المتحدة لتحديد جدول زمني وآلية لتفكيك ترسانة حزب الله، أو سيُترك لبنان لمصيره، وسيظل كذلك لفترة طويلة دون أي مساعدة".
Today