ترامب يشكك في جدية بن سلمان بشأن ربط التطبيع بحل الدولتين.. فهل أحرجه؟
خلال مقابلة مع برنامج "60 دقيقة"، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان غير جاد عندما يقرن تطبيع العلاقات مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية.
وردًا على سؤال عن رأيه حيال تصريح بن سلمان الأخير بأنه لن ينضم إلى اتفاقات إبراهيم دون حل الدولتين، أجاب ترامب: "لا، أعتقد أنه سينضم [إلى اتفاقات إبراهيم]."
ومع أن كلمات الزعيم الجمهوري، الذي كان عرّاب اتفاقيات أبراهام خلال ولايته الأولى، كانت محرجة للرياض، التي قادت في أيلول/الماضي، مع باريس، مبادرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الأخيرة لم تعلّق على كلماته، علمًا أنها كانت قد أصدرت غير مرة بيانات تنفي فيه هذه المزاعم.
واللافت أن صمت المملكة هذه المرة جاء مع اقتراب زيارة بن سلمان إلى أمريكا، وهي الأولى له منذ سبع سنوات، وتأتي بعد أن تعهد سابقًا باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة.
أولويات أخرى لبن سلمان؟
ومع أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل محفوف بمخاطر، يرى مراقبون أن ترامب يعوّل في الفترة الأخيرة على إقناع المملكة بذلك بعد نجاحه في وقف إطلاق النار بغزة، مما يفسّر الزخم بشأن تصريحاته، إذ عمد إلى تصوير الهدنة بين حماس وتل أبيب بأنها بوابة لاتفاقيات السلام في المنطقة، وعلى رأسها الدولة الغنية بالنفط.
مع ذلك، يمكن أن يكون لبن سلمان أولويات أكثر إلحاحًا في زيارته للبيت الأبيض المقرر عقدها منتصف هذا الشهر، بما في ذلك توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين السعودية والولايات المتحدة تشبه التي وقعها ترامب مع قطر خلال زيارته للشرق الأوسط، بحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر.
إلى جانب ذلك، تقول المصادر إن الرياض تسعى للحصول على مقاتلات "إف-35" المتقدمة سرًا، وتحرص على المضي قدمًا في صفقة محتملة تمنحها الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية لتطوير برنامج نووي مدني، وهما بندان كانت تتفاوض عليهما مع إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي اشترطت عليها تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية.
وكانت الرياض قريبة من تحقيق شروط بايدن، إلا أن المحادثات بين الطرفين توقفت بعد اندلاع الحرب في غزة، والتي بدورها ساهمت في تغيير المزاج السعودي، وخلقت شيئًا من العداء لإسرائيل على المستوى الشعبي، معززة النزعة القوية، مما جعل ذهاب بن سلمان إلى اتفاقية تطبيع مع تل أبيب مجازفة كبيرة.
مع ذلك، يُعتقد أن ترامب لن يتوانى عن تكرار مطالب بايدن- ولعلها المرة الأولى التي سيتفق فيها مع سلفه- حيث قال في مقابلة مع مجلة "تايم" في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنه يعتقد أنه "قريب جدًا" من صفقة من هذا النوع، مرجحًا أن تنتهي قبل نهاية هذا العام.
ففي وقت سابق، أكد ترامب أن الرياض لم تكن لتكون قادرة على تطبيع الاتفاقية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، بسبب شعورها بالإحراج، لكن مع وقف إطلاق النار، بات بإمكانها ذلك.
التطبيع مستحيل ما لم تحدث "معجزة"
ومع ذلك، قال علي شهابي، المحلل السعودي المقرب من البلاط الملكي، إن إقامة علاقات رسمية بين البلدين يبدو "مستحيلًا عمليًا" بحلول نهاية العام، "ما لم تحدث معجزة في إسرائيل".
وأضاف أن الصفقة السعودية-الإسرائيلية هي الورقة الجدية الوحيدة المتبقية للدولة العربية لاستخدامها نيابة عن الفلسطينيين: "تريد المملكة استخدام هذه الورقة لمحاولة حل المشكلة مرة واحدة وللأبد من أجل استقرار إقليمي طويل الأمد طال انتظاره".
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، قد شدد في كلمته التي ألقاها نيابة عن بن سلمان في مؤتمر نيويورك على أن "حل الدولتين" هو السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط، مثنيًا على قرار الدول الغربية، بما فيها فرنسا، بالاعتراف بدولة فلسطين، ووصفه بـ"الموقف التاريخي والشجاع".
التنافس بين الدول الخليجية
من ناحية أخرى، يرى الإعلام الإسرائيلي أن السعودية، تسعى لاستثمار دورها في غزة لتحسين صورتها الدولية، لكنها غير راضية عن الدور الممنوح لقطر في القطاع، وهذا قد يشكل عائقًا بينها وبين إسرائيل، وحليفة ترامب المدللة.
فقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية مقالًا للباحث الدكتور يوئيل غوزنسكي من معهد دراسات الأمن القومي، أشار فيه إلى وجود منافسة بين الدول الخليجية بشأن مستقبل غزة.
وأوضح المقال أن الدولة العبرية تتوقع أن تكون السعودية والإمارات هما القوتان الرئيستان في قيادة عملية إعادة إعمار غزة، لكنهما تضعان شروطًا مسبقة للمشاركة، تشمل: تفكيك القدرات العسكرية لحركة "حماس"، وإنشاء نظام حكم جديد لا تكون فيه الحركة الفلسطينية في السلطة، مما يعني دورًا أقل لقطر وتركيا.
وأضافت الصحيفة أن البلدين يعتبران إعادة إعمار غزة جزءًا من منظومة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني، وأن غياب زعماء السعودية والإمارات عن قمة شرم الشيخ يُعد إشارة إلى عدم رضاهم عن الخطة الأمريكية وعن المكانة الممنوحة للدوحة وأنقرة.
Today