وفاة ديك تشيني عن 84 عامًا.. نائب الرئيس الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة
توفي ديك تشيني، المحافظ الذي أصبح أحد أقوى وأكثر نواب الرؤساء الأميركيين إثارة للجدل، وأبرز المدافعين عن غزو العراق، عن عمر يناهز 84 عاما.
تشيني، الذي اتسم بالهدوء والحزم في آن، شغل منصبين مهمين في عهدي الرئيسين جورج بوش الأب وجورج دبليو بوش، إذ تولى قيادة القوات المسلحة كوزير للدفاع خلال حرب الخليج في عهد بوش الأب، قبل أن يعود إلى الحياة العامة نائبا للرئيس في عهد بوش الابن.
كان تشيني في الواقع المدير التنفيذي لرئاسة بوش الابن. شارك في تنفيذ القرارات الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس وبعضها كان موضع اهتمام خاص بالنسبة له، وكل ذلك بينما كان يعيش لعقود مع مرض في القلب، وبعد خروجه من الإدارة خضع لعملية زرع قلب.
الحرب على "الإرهاب"
دافع تشيني باستمرار عن الأدوات الاستثنائية للمراقبة والاحتجاز والاستجواب التي استخدمت ردا على الهجمات في 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وبعد أن نجا من خمس نوبات قلبية، كان تشيني يعتقد منذ زمن أنه يعيش على "وقت مستعار"، وصرح عام 2013 بأنه يستيقظ كل صباح "مبتسما، شاكرا على هدية يوم جديد"، وهي صورة غريبة لرجل لطالما ارتبطت صورته بالصلابة والحزم السياسي.
وبعد أن كانت فترة نيابته للرئاسة الأمريكية محددة بما يسمى "الحرب على الإرهاب"، كشف تشيني ذات مرة أنه كان قد أوقف وظيفة الاتصال اللاسلكي في جهاز تنظيم ضربات القلب لديه قبل سنوات خوفا من أن يقوم "إرهابيون" بإرسال صدمة قاتلة لقلبه عن بُعد.
في عهده، لم تعد نيابة الرئاسة مجرد منصب شكلي، بل جعل منها تشيني شبكة من القنوات الخلفية للتأثير في السياسات المتعلقة بالعراق والإرهاب وصلاحيات الرئيس والطاقة وغيرها من ركائز الأجندة المحافظة.
الشخصية والسمعة
كان تشيني يبدو بوجه ثابت نصف مبتسم، وصفه المنتقدون بأنه صاحب "ابتسامة ساخرة"، وكان في إحدى المرات ممازحًا بشأن سمعته المبالغ فيها كمناور خفي :"هل أنا العبقري الشرير في الزاوية الذي لا يراه أحد يخرج من جحره؟ إنها في الواقع طريقة لطيفة للعمل".
أما بالنسبة للمعجبين به، فقد كان تشيني رمزاً للثبات في زمن الاضطراب، متمسكاً بمواقفه حتى حين انقلب الرأي العام الأمريكي ضد الحرب في العراق والقادة الذين شنّوها.
العائلة والسياسة
تقاعد تشيني إلى جاكسون هول، على مقربة من المكان الذي اشترت فيه ابنته ليز تشيني بعد سنوات قليلة منزلا، مثبتة إقامتها في وايومنغ قبل أن تفوز بمقعد والدها السابق في مجلس النواب عام 2016.
ازدادت صلة مصير الأب والابنة مع الوقت، إذ أصبحت عائلة تشيني إحدى الأهداف المفضلة للرئيس دونالد ترامب.
وقف ديك تشيني إلى جانب ابنته عام 2022 بينما كانت توازن بين دورها القيادي في لجنة التحقيق في أحداث السادس من كانون الثاني/يناير في مبنى الكابيتول وسعيها لإعادة انتخابها في ولاية وايومنغ المحافظة بشدة.
صوتت ليز تشيني لصالح عزل ترامب بعد اأحداث الكابيتول، ما أكسبها إشادة من العديد من الديمقراطيين والمراقبين السياسيين خارج الكونغرس. لكن هذا الثناء ودعم والدها لم يجنباها من خسارة كبيرة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، في سقوط درامي بعد صعودها السريع إلى ثالث أعلى منصب في قيادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب الامريكي.
البدايات في واشنطن
بدأت رحلة ديك تشيني السياسية عام 1968 عندما وصل إلى واشنطن زميلا في الكونغرس، حيث أصبح تلميذا لدونالد رامسفيلد، وعمل تحت إشرافه في وكالتين وفي البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس جيرالد فورد، قبل أن يُرفع إلى منصب كبير موظفي البيت الأبيض، وهو في الرابعة والثلاثين من عمره.
شغل تشيني هذا المنصب لمدة 14 شهرا، ثم عاد إلى كاسبر، حيث نشأ، وخاض الانتخابات على المقعد الوحيد لولايته في مجلس النواب.
في أول حملاته الانتخابية، تعرض تشيني لنوبة قلبية خفيفة، ما دفعه للمزاح بأنه يؤسس مجموعة باسم "قلبيون من أجل تشيني". ومع ذلك، فاز فوزا حاسما واستمر في الفوز بخمس ولايات متتالية.
وزير الدفاع ورجل "هاليبرتون"
في عام 1989، عيّنه الرئيس جورج بوش الأب وزيرا للدفاع، فأشرف على العمليات العسكرية التي حررت الكويت من الاحتلال العراقي في حرب الخليج. وبعد خروجه من المنصب، قاد شركة "هاليبرتون" في دالاس، وهي شركة هندسة وبناء ضخمة في قطاع النفط، قبل أن يعود إلى السياسة من بوابة البيت الأبيض نائبا للرئيس بوش الابن عام 2001.
الحياة الشخصية
وُلد تشيني في لينكولن بولاية نبراسكا، وهو ابن موظف قديم في وزارة الزراعة. وكان رئيس الصف وكابتن فريق كرة القدم في كاسبر، والتحق بجامعة ييل بمنحة كاملة لعام واحد لكنه تركها بعد رسوبه. عاد إلى وايومنغ والتحق بجامعتها، وهناك جدد علاقته بصديقته من أيام الثانوية لين آن فنسنت، وتزوجها عام 1964.
يترك تشيني وراءه زوجته لين وابنتيه ليز وماري.
Today