"صفعة لترامب": ممداني يظفر برئاسة بلدية نيويورك.. والديمقراطيون يحسمون نيوجيرسي وفرجينيا

فاز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك بعد انتصاره على منافسيه، الحاكم السابق للمدينة ومرشّح الرئيس دونالد ترامب، أندرو كومو، والمرشّح الجمهوري كيرتس سليوا.

ومع فرز أكثر من 97% من الأصوات، حصل ممداني على أكثر من 1.03 مليون صوت - أي أكثر من المرشحين الآخرين مجتمعين.

وأظهرت الانتخابات البلدية تقدّمًا كبيرًا للديمقراطيين، إذ فازت أبيغيل سبانبرغر برئاسة ولاية فيرجينيا، كما فازت مايكي شيريل في نيوجيرسي. ويُتوقّع أن يساعد هذا التطوّر الحزب مستقبلًا في انتزاع خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب الأمريكي.

ممداني يتحدى ترامب

في أعقاب فوزه، اعتلى ممداني المنصّة في بروكلين، ووجّه كلمات لاذعة إلى ترامب، متحدّيًا حملته المعادية للمهاجرين ومرشّحه المفضّل كومو، قائلاً: "أتمنّى لكومو الأفضل في حياته الخاصة، ولكن فلتكن هذه الليلة آخر ليلة ألفظ فيها اسمه."

وتابع قائلًا: "إذا كان لأحد أن يُظهر كيف يمكن هزيمة ترامب، فهي المدينة التي لمع نجمه فيها. هذه ليست الطريقة الوحيدة لوقف ترامب، ولكنها الطريقة لوقف من سيأتي بعده."

وأضاف: "إذن يا ترامب، أعلم أنك تشاهدني. لدي أربع كلمات لك: ارفع الصوت عاليًا. نيويورك ستظل مدينة للمهاجرين — بُنيت على أيدي المهاجرين، ومدعومة بالمهاجرين، والآن ستُقاد بواسطة مهاجر. فاسمعني يا رئيس ترامب، لكي تنال من أحدٍ منا، عليك أن تنال منا جميعًا."

ومن المتوقع أن يؤدي ممداني، الشاب البالغ 34 عامًا، والذي سيقود قريبًا أكبر مدينة أمريكية بميزانية تُقدَّر بمليارات الدولارات، قسم العمدة مطلع يناير المقبل. وهو أول مسلم يتولّى هذا المنصب، وأصغر عمدة منذ أكثر من قرن، معروف بمواقفه المؤيدة لفلسطين، ويصف نفسه بأنه "اشتراكي ديمقراطي".

ترامب يبرّر

أما ترامب فدعا الجمهوريين إلى إنهاء سياسة المماطلة والعودة إلى التشريع وإصلاح نظام الانتخابات، معتبراً أن خسارة حزبه تعود إلى الإغلاق الحكومي الأطول في التاريخ، وإلى غياب "اسم ترامب عن ورقة الاقتراع وفق خبراء استطلاعات الرأي".

وردّ على ممداني برسالة غامضة على منصة "تروث سوشال" كتب فيها: "وهكذا يبدأ الأمر." وكان قد هدّد سابقاً بقطع التمويل عن المدينة إذا فاز "الشيوعي ممداني"، كما وصفه.

قلق الأثرياء

في غضون ذلك، بذل أصحاب رؤوس الأموال ونخبة مدينة نيويورك كلَّ ما في وسعهم لمنع ممداني من أن يصبح عمدة، حيث أنفقوا أكثر من 22 مليون دولار. ووفقًا لوكالة "بلومبيرغ"، فقد لجأوا إلى أساليب ملتوية شملت الإهانات والتخويف. حتى إن ممداني نفسه تحدث عنهم، مشيرًا إلى بيل أكمان الذي صرَّح عنه في البودكاست "Flagrant" الشهر الماضي قائلًا: "إنه ينفق عليَّ مالًا أكثر مما كنتُ لأفرض عليه ضرائب".

غير أنه بعد فوزه بالمنصب، وجَّه الملياردير إليه منشورًا على منصة "إكس" كتب فيه: "مبروك الفوز. إنك تتحمَّل الآن مسؤولية كبيرة. إذا كان بإمكاني مساعدة نيويورك، فأخبرني فحسب بما يمكنني فعله".

وليس أكمان وحده؛ فقد بدأ آخرون في عالم الأعمال يتكيّفون مع الواقع الجديد: اشتراكي ديمقراطي ينتقد الرأسمالية ويتولى قيادة عاصمة المال العالمية. فمثلًا، رالف شلوسشتاين، الذي أدار شركة Evercore Inc. وشارك في تأسيس BlackRock Inc., تعهَّد بالعمل مع ممداني رغم اختلاف وجهات نظريهما السياسي، وهو يبحث عن سبل للتعاون، بما في ذلك الانضمام إلى مجموعة استشارية تجارية تأمل في توجيه العمدة المنتخب.

وقال شلوسشتاين: "أنا بالتأكيد لستُ اشتراكيًا، بعد أن قضيتُ 45 عامًا في القطاع المالي والخاص. لكنني أهتم بالمدينة بعمق، ولن أغادرها أيًّا كان العمدة. سأبذل كلَّ ما في وسعي لمساعدته على النجاح".

وجاء هذا التعهد ردًّا على المخاوف من أن مقترحات ممداني، مثل رفع الضرائب، قد تدفع الأثرياء إلى مغادرة المدينة.

ورأى بعض المراقبين أن حملة الأثرياء ضد ممداني كشفت عن الغرور السائد في وول ستريت والعداء الاجتماعي تجاه الصناعة المالية. وقال مايكل نيلسون، الخبير في مجال التوظيف: "هناك مَن في القطاع المالي يعتقدون أن ما يفعلونه هو الذي يجعل الشمس تشرق وتغرب كل يوم. لكن كثيرًا من الناس لا يهتمون بوول ستريت والمليارديرات. وكان رد ناخبي ممداني جازمًا: 'تبًّا لهم'".

الموقف من إسرائيل

مع ذلك، لا يزال موقف العمدة الشاب من إسرائيل قضية هامة لكثيرين في عالم الأعمال، فبحسب كاثي وايلد، رئيسة Partnership for New York City، وهي مجموعة ضغط تضم 350 مديرًا تنفيذيًا، فإن ممداني "عليه طمأنة الجالية اليهودية في المدينة، التي شهدت زيادة في جرائم الكراهية المعادية للسامية." وقد وعد العمدة المنتخب بذلك قائلًا: "سنحارب معاداة السامية وكراهية المسلمين في نيويورك".

وكان ترامب قد وصف في وقت سابق أي يهودي يصوت لصالح ممداني بـ"الغبي" والذي "يكره اليهود"، وقد تطرق وزير شؤون الشتات الإسرائيلي لذلك قائلًا إن "إسرائيل ليست بالضرورة العامل الرئيسي وراء تصويت اليهود لممداني".

في المقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إن "تصريحات ممداني التحريضية لن تثنينا. إن المجتمع اليهودي في نيويورك وفي مختلف أنحاء الولايات المتحدة يستحق الأمان والاحترام، وسنواصل تعزيز علاقاتنا مع قادة المجتمع اليهودي لضمان أمنهم وسلامتهم".