كاراكاس تؤكد استمرار تصدير النفط رغم "حصار ترامب".. والجيش الفنزويلي: لا نخاف التهديدات
أكدت فنزويلا استمرار عمليات تصدير النفط الخام والمنتجات المكررة بشكل طبيعي، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض "حصار بحري كامل وشام" على الناقلات الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا أو تغادرها، في خطوة وصفتها كراكاس بأنها "تهديدٌ خطير وغير مبرّر".
وأعلن وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل بينتو، الأربعاء، أن شركة النفط الحكومية "بتروليوس دي فنزويلا، إس إيه" (PDVSA) تُواصل عمليات التصدير "بشكل طبيعي"، مؤكدًا أن ناقلات الشركة "تبحر بأمن كامل ودعم فني وضمانات تشغيلية".
وأضاف أن PDVSA "تمارس حقوقها في حرية الملاحة والتجارة الحرة" بموجب القانون الدولي، و"تلتزم بالدفاع عن سيادة فنزويلا في مجال الطاقة"، رافضاً ما وصفه بـ"أعمال القرصنة الدولية المستمرة" الرامية إلى "سرقة النفط" و"انتهاك الحقوق الاقتصادية للبلاد".
وفي تأكيد على الموقف الرسمي الموحَّد، أعلن الجيش الفنزويلي أن تهديدات ترامب "لا تخيفه". وقال وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز، خلال فعالية حضرها كبار القادة العسكريين الذين جدّدوا ولاءهم للرئيس نيكولاس مادورو: "نقول للحكومة الأمريكية ورئيسها إننا لا نخاف تهديداتهم الفظة والمتغطرسة".
وأضاف: "لا مساومة على كرامة هذا الوطن، ولا رضوخ لأي كان".
إعلان ترامب وغياب التوثيق الرسمي
وكان ترامب قد أعلن، الثلاثاء، عبر منصته "تروث سوشال"، أمره بفرض "حصار كامل وشامل" على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات المتجهة إلى فنزويلا أو الخارجة منها.
وادّعى أن "نظام فنزويلا صُنّف منظمة إرهابية دولية"، دون أن يظهر هذا التصنيف على أي من المواقع الرسمية التابعة للإدارة الأمريكية.
وردت الحكومة الفنزويلية في بيان قالت فيه إن ترامب "يحاول فرض حصار عسكري بحري مزعوم بطريقة غير عقلانية بهدف سرقة الثروات التي هي ملك لوطننا".
وجاء هذا التصعيد بعد أن استولت القوات الأميركية الأسبوع الماضي على ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا، ما أذكى التوترات مع كاراكاس، في أعقاب حشد عسكري أميركي غير معتاد في منطقة الكاريبي.
دعوات إقليمية لتفادي العنف
في سياق دبلوماسي موازٍ، أبلغ وزير الخارجية الصيني وانغ يي نظيره الفنزويلي أن الصين تعارض سياسة "استقواء طرف على آخر".
وقالت وزارة الخارجية في بيان موجز للمكالمة الهاتفية التي أجراها الوزير الصيني مع نظيره إيفان خيل: "تعارض الصين جميع أشكال الاستقواء من طرف على آخر، وتدعم جميع الدول في الدفاع عن سيادتها وكرامتها الوطنية. ولفنزويلا الحق في تطوير علاقات التعاون التي تحقق المنفعة المتبادلة مع الدول الأخرى بشكل مستقل".
في حين طلبت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، الأربعاء، خلال مؤتمرها الصحفي الصباحي، من الأمم المتحدة "الاضطلاع بدورها لتفادي إراقة الدماء" في فنزويلا، معتبرة أن المنظمة "غائبة بشكل ملفت".
وأكدت شينباوم أن "المكسيك تعارض التدخل الأجنبي"، داعية إلى "حل النزاعات سلمياً دائماً".
وتتهم إدارة ترامب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه "على رأس شبكة واسعة لتهريب المخدرات"، وهو ما ينفيه الأخير، مؤكداً أن واشنطن "تريد الإطاحة به للاستيلاء على النفط".
ومنذ الصيف، تنشر الولايات المتحدة أسطولاً بحرياً ضخماً في البحر الكاريبي بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، ونفذت ضربات على قوارب قادمة من فنزويلا، وهو ما شكك فيه خبراء ومنظمات غير حكومية ومسؤولون أمريكيون من حيث القانونية.
تصريحات ترامب المثيرة
وأشار ترامب، دون تقديم أدلة، إلى أن فنزويلا "سرقت نفطاً وأراضي وأصولاً" من الولايات المتحدة، مضيفاً أن "الصدمة التي سيتلقّاها النظام ستكون غير مسبوقة".
ويأتي ذلك رغم أن فنزويلا أمّمت قطاعها النفطي في سبعينات القرن الماضي، وتحت حكم الرئيس الراحل هوغو تشافيز، أُجبرت شركات أجنبية على الدخول في شركات مختلطة تتحكم فيها PDVSA بأغلبية الحصص.
موقف الشركات وردود فعل داخلية أمريكية
ومن جهتها، أكدت شركة شيفرون الأمريكية، التي لا تزال تعمل في فنزويلا بموجب إعفاء خاص من العقوبات، أن عملياتها “متواصلة دون انقطاع وبما يمتثل للقوانين المطبقة".
وفي الداخل الأمريكي، ندد النائب الديمقراطي عن تكساس، يواكين كاسترو، على منصة "إكس" بالحصار، واصفاً إياه بأنه "بالتأكيد عمل حربي" لم يأذن به الكونغرس.
ويناقش مجلس النواب، ذو الغالبية الجمهورية، الخميس، قراراً يطالب ترامب بـ"وقف العمليات الحربية"، مُتيحًا لأعضائه "الفرصة لاتخاذ موقف بشأن إرسال جنود أمريكيين إلى حرب جديدة لتغيير النظام”.
ورغم امتلاكها أكبر احتياطات نفطية في العالم، تنتج فنزويلا حاليًا نحو مليون برميل يومياً، وتفتقر إلى القدرة على بيعه بحرية بسبب العقوبات المفروضة منذ 2019، ما يضطرها لبيعه في السوق السوداء بأسعار مخفضة، خاصة للصين.
مصادرة ناقلة وغموض قانوني
وفي تطور ميداني، صادرت القوات الأمريكية في البحر الكاريبي، الأسبوع الماضي، ناقلة نفط فنزويلية كانت متوجهة إلى كوبا، محمّلة بما بين مليون ومليوني برميل نفط خام (بقيمة 50 إلى 100 مليون دولار)، متهمة إياها بنقل نفط من السوق السوداء.
وأشارت واشنطن إلى أن السفينة خاضعة لعقوبات منذ 2022 بسبب اشتباه بارتباطها بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
وأكد البيت الأبيض عزمه الاحتفاظ بالشحنة، مع إقراره بوجود “مشكلات قانونية” في الإجراء.
ويأتي الحصار في وقت دافع فيه وزير الدفاع بيت هيغسيث ووزير الخارجية ماركو روبيو، الثلاثاء، أمام الكونغرس عن سلسلة ضربات نفذتها القوات الأمريكية في البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، أدت إلى مقتل 95 شخصًا على الأقل، دون أن تقدّم واشنطن أي دليل على ضلوع المستهدفين في تهريب مخدرات.
وتركّز الانتقادات على عملية في مطلع سبتمبر/أيلول، حيث أطلقت القوات الأمريكية ضربتين على قارب مشتعل، قضت الثانية منهما على شخصين نجيا من الحادث الأول.
Today