من المحرّض إلى الفاعل.. كيف تتعاون الدول الأوروبية لمطاردة شبكات تجنيد القاصرين؟

حذر تقرير صادر عن خدمة الأبحاث البرلمانية الأوروبية في شباط/ فبراير من تنامي عنف العصابات في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، في ظل اشتداد المنافسة بين الجماعات الإجرامية.
ومن أخطر سمات هذه الظاهرة هو تجنيد القاصرين في شبكات الجريمة المنظمة والإرهاب، ما دفع دولاً مثل السويد إلى سن قوانين تتيح التنصت على الأطفال دون سن 15 عامًا، في محاولة لوقف موجة من التفجيرات التي بلغت 36 هجومًا على الأقل منذ بداية عام 2025.
ووفق أحدث بيانات "يوروستات"، فإن 10% من مواطني الاتحاد الأوروبي أبلغوا عن تعرضهم للجريمة أو العنف أو التخريب في محيط سكنهم، وترتفع النسبة إلى 12.3% بين الفئات المعرّضة لخطر الفقر.
ويُشير التقرير إلى أنه رغم بقاء أوروبا بين القارات الأقل تأثرًا بالجريمة المنظمة، فإن الشبكات الإجرامية توسّع نطاق عملها عالميًا، وتزداد مرونة ورقمنة، ما يجعلها أكثر انفتاحًا على التنوع والمنافسة، وبالتالي أكثر عرضة لزيادة العنف.
ويتمثل التحدي اليوم أمام الحكومات والمؤسسات الأوروبية في مواجهة التهديدات المباشرة ومعالجة جذور التطرف، مع الحفاظ على الحريات الديمقراطية وثقة المواطنين.
شبكة لملاحقة العقول المدبرة
فرقة العمل العملياتية (OTF) التابعة لوكالة إنفاذ القانون التي تعمل داخل الاتحاد الأوروبي (اليوروبول)، أُطلقت عام 2025 لمكافحة تصاعد العنف كخدمة، ورسمت خريطة واضحة لسلسلة الأدوار في هذه العمليات، من العقل المدبر المقيم في الخارج إلى المراهق الذي يُرسل لتنفيذ الهجوم. وقد حددت التحقيقات أربع مراحل أساسية:
- المحرّض: يموّل الجريمة ويصدر الأمر بتنفيذها، وغالبًا يقيم خارج منطقة الهجوم.
- المجنّد: يبحث عن منفذين محتملين عبر منصات الألعاب أو تطبيقات المراسلة المشفرة، ويضغط عليهم أو يقنعهم.
- الميسّر: يوفّر الأدوات واللوجستيات والترتيبات المالية اللازمة.
- الفاعل: ينفّذ الجريمة، وغالبًا يكون قاصرًا بلا سجل جنائي، ما يجعله بعيدًا عن أنظار أجهزة إنفاذ القانون.
وهذا التقسيم يسمح بتشغيل "حزام ناقل" للعنف، إذ يدفع المحرّضون، ويؤمّن المجنّدون الأيدي العاملة، ويجهّز الميسّرون البيئة، بينما يتحمّل الفاعلون المخاطر. النتيجة: صعوبة تتبّع العقول المدبرة وسهولة استغلال الشباب.
تضم OTF حاليًا بلجيكا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وأيسلندا وهولندا والنرويج والسويد واليوروبول، مع توقع انضمام دول أخرى قريبًا.
وعزّز انضمام أيسلندا مؤخرًا التعاون الدولي، بينما أتاح تبادل المعلومات الاستخباراتية اعتقال أهداف بارزة ومواصلة التحقيقات في مختلف أنحاء القارة. وتعمل الفرقة على تعطيل هذه السلسلة في كل مراحلها، مستهدفة ليس فقط من ينفّذون الهجمات، بل أيضًا من يخططون لها ويستفيدون منها.