بريطانيا تُسقط تهم الإرهاب عن مغني الراب الإيرلندي "مو شارا" المتهم بدعم حزب الله وحماس

في مشهد صاخب أمام محكمة في لندن، دوّى هتاف أنصار مغني الراب الإيرلندي مو شارا، عضو فرقة الهيب هوب "نيكاب"، بعدما أعلن القاضي إبطال الملاحقات القضائية بحقه. قرارٌ اعتُبر انتصارًا قانونيًا لمغني يصرّ على أنّ التهم لم تكن سوى محاولة سياسية لإسكاته، على خلفية مواقفه المؤيدة للفلسطينيين.
تعود القضية إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حين لوّح ليام أوغ أو هانايد، المعروف باسم مو شارا (27 عامًا)، بعلم حزب الله اللبناني خلال حفلة موسيقية في لندن، مردّدًا هتافات من بينها: "هيا يا حماس! هيا حزب الله!". وقد وُجهت إليه رسميًا في 21 أيار/مايو الفائت تهمة ارتكاب "جرم إرهابي"، قبل أن يتبيّن وجود خطأ تقني في طريقة رفع الدعوى.
خلال الجلسة الأولى في حزيران/يونيو الماضي، اعتبر فريق الدفاع أن قرار الاتهام جاء متأخرًا بعد انتهاء المهلة القانونية المحددة بستة أشهر. هذه الحجة أصبحت محور الجلسة الثانية في نهاية آب/أغسطس، قبل أن يُعلن كبير القضاة بول غولدسبرينغ في محكمة وولويتش كراون أنّ الإجراءات "ليست قانونية وباطلة"، مؤكدًا إسقاط التهمة.
خارج المحكمة، خاطب مو شارا الحشود التي تجمعت دعماً له قائلًا: "لطالما كان الأمر يتعلق بغزة وبما قد يحدث إذا تجرأ أحد على الكلام علنًا. محاولاتكم لإسكاتنا فشلت لأننا على حق وأنتم على خطأ"، مؤكداً أنّ الملاحقة القضائية لم تكن سوى "محاولة ذات دوافع سياسية" لإخماد أصوات مؤيدة لفلسطين.
صعود الفرقة وحظر عروضها
تواجه فرقة "نيكاب"، المؤلفة من ثلاثة أعضاء من بلفاست، منذ سنوات انتقادات حادّة بسبب ما يُعتبر "تمجيدًا" لجماعات مسلّحة مثل حماس وحزب الله. ورغم تأكيدها أنّها لا تدعم هذه الجماعات ولا تبرّر العنف، فإن مواقفها المؤيدة للقضية الفلسطينية جعلتها في مواجهة مباشرة مع جهات رسمية غربية.
منذ اتهام مو شارا في أيار/مايو، تصاعدت شهرة الفرقة، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا، فقد ألغيت حفلاتها في ألمانيا والنمسا، ومنعت الحكومة المجرية أعضاءها من المشاركة في مهرجان ببودابست، فيما حظرت كندا دخولهم أراضيها. كذلك أعلنت الفرقة إلغاء جولتها الأمريكية.
على منصاتها عبر وسائل التواصل، اتهمت "نيكاب" السلطات الغربية بازدواجية المعايير، مشيرة في منشور هذا الأسبوع إلى أنّ " الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الذي تصفه الأمم المتحدة بأنه متواطئ في الإبادة الجماعية، استُقبِل لتناول الشاي في داونينغ ستريت الأسبوع الماضي، فيما يُتهم مو شارا الذي يندد بالإبادات الجماعية في مختلف أنحاء العالم بأنه إرهابي".
وفي لندن، دعت الفرقة معجبيها إلى التجمّع أمام محكمة وستمنستر يوم الجمعة دعمًا لمو شارا، لكن الشرطة منعت حضورهم، في خطوة وصفتها الفرقة بأنها "سخيفة"، مؤكدة أن مئات من أنصارها نظموا في السابق تحركات مماثلة رفعوا خلالها الأعلام وبثوا موسيقى إيرلندية.
مواقف سياسية وردود فعل
بعد صدور القرار، رحّبت رئيسة وزراء أيرلندا الشمالية ميشيل أونيل بخطوة القضاء البريطاني، واعتبرت أنّ التهم كانت "جزءًا من محاولة مدروسة لإسكات من يرفعون الصوت ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة" وفق قولها، مؤكدة أن "نيكاب" استخدمت منصتها على المسارح العالمية للكشف عن هذه الإبادة، وأن من مسؤولية الجميع الاستمرار في رفع الصوت ضد الظلم في فلسطين.
في المقابل، قالت دائرة الادعاء الملكية البريطانية إنها "تراجع قرار المحكمة بعناية"، ولم تستبعد إمكانية الاستئناف. أما شرطة لندن (متروبوليتان) فأعلنت أنها تعمل مع المدعين لفهم "الانعكاسات المحتملة لهذا الحكم وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في معالجة مثل هذه القضايا في المستقبل".