"شرطة الأخلاق" بنسختها الأوروبية.. جدل في بولندا بعد ظهور دوريات تراقب لباس النساء

أثارت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في بولندا جدلًا واسعًا، بعدما أطلق عدد من المستخدمين "ترند" أو ظاهرة جديدة أطلقوا عليها اسم "الشرطة الأخلاقية" لحصد المشاهدات، يجوب فيها شبان وفتيات الشوارع وهم يرتدون سترات صفراء، بحثًا عن نساء يعتبرون أنهن يتصرفن أو يرتدين ملابس "غير محتشمة" في الأماكن العامة.

ويقوم هؤلاء المؤثرين، الذين نصبوا أنفسهم "ضمن هيئة الآداب العامة"، بتصوير النساء دون إذن منهن، ثم ينشرون المقاطع على الإنترنت مرفقة بدعوات إلى "إظهار مزيد من الاحترام".

وقد أثارت هذه الممارسات موجة غضب عارمة على المنصات الرقمية، وسط اتهامات بانتهاك الخصوصية والتحريض على الكراهية وقمع حرية التعبير.

وسرعان ما تحولت الظاهرة إلى قضية رأي عام، بعد أن تناولتها وسائل الإعلام، وفتحت على إثرها نقاشات قانونية وأخلاقية، خاصة وأن المؤثرين كانوا يرتدون سترات مكتوب عليها عبارة "Szon Patrol"، أي "دوريات مناهضة للبغاء" بالألمانية، وفق ما ذكرته صحيفة "Tages-Anzeiger" التي أشارت إلى نشر أكثر من 12 ألف مقطع فيديو ضمن هذا "الترند".

من مزاحٍ عابر إلى ضغطٍ نفسي مُقلق

في البداية، اعتُبرت الظاهرة "مزحة شباب" انطلقت من بين طلاب المدارس الذين علّقوا على أزياء زميلاتهم عبر تطبيق "تيك توك". غير أنها سرعان ما خرجت عن السيطرة، وانتقلت إلى منصتي "إنستغرام" و"فيسبوك"، لتتحول إلى ما اعتبره البعض "حملة تنمّر ممنهجة".

وبحسب صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، فقد تركت هذه الحملة آثارًا نفسية خطيرة على العديد من الفتيات المستهدفات، إذ عانت بعضهن من رهاب المدرسة والخوف من مغادرة المنزل.

كما أظهر تقرير صادر عن معهد بولندي لمراقبة الإعلام أن أكثر من 110 آلاف مستخدم تفاعلوا مع هذه المقاطع خلال الفترة بين 2 أغسطس و4 سبتمبر، مما يشير إلى رواج هذا المحتوى المثير للقلق.

على المستوى السياسي، أثارت الظاهرة ردود فعل غاضبة، حيث دعا مفوض حقوق الطفل البولندي شركتي "ميتا" و"تيك توك" إلى التدخل لوقف انتشارها واتخاذ إجراءات وقائية.

في المقابل، أطلق ثلاثة صحفيين بولنديين مبادرة مضادة حملت اسم "Schön Patrol" (وتعني "دوريات الجمال")، حيث جابوا شوارع وارسو مرتدين سترات صفراء تحمل شعارهم الجديد، ووزّعوا الورود على المارة، داعين إلى إظهار "اللطف والاحترام بدلًا من الوصم والترهيب".