...

Logo Pasino du Havre - Casino-Hôtel - Spa
in partnership with
Logo Nextory

ماذا لو لم يُقرّ قرض التعويضات لأوكرانيا؟ الاتحاد الأوروبي يدرس خططًا بديلة

Europe • Nov 1, 2025, 1:01 PM
5 min de lecture
1

تتسارع وتيرة التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في تأمين دعم مالي وعسكري مستدام لأوكرانيا، مع اقتراب نفاد المساعدات الخارجية التي تراجعت بشكل حاد بعد انسحاب إدارة ترامب.

وفي ظل هذه الظروف، حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلاده ستحتاج إلى تمويل جديد "منذ بداية" العام المقبل، مُعرباً عن شكوكه في قدرة كييف على تأمينه. وقال: "لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكناً. ليس كل شيء يعتمد علينا".

ويأتي هذا التحذير وسط تعطيل بلجيكي مؤقت لخطة طموحة تقضي باستخدام الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي لتمويل قرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا. وباعتبارها الحائز رئيسي بتلك الأصول، تتخوّف بلجيكا من مواجهة انتقام روسي منفرد، وتطلب ضمانات ملزمة تضمن تضامناً تاماً بين الدول الأعضاء قبل المضي قُدماً.

ورغم الدعم الواسع الذي يحظى به مبدأ القرض بين عواصم الاتحاد، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان بالإمكان إقناع رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر بالموافقة عليه قبل انعقاد القمة الأوروبية الحاسمة في ديسمبر/كانون الأول.

ومن المقرر أن تقدّم المفوضية الأوروبية، في الأسابيع المقبلة، ورقة خيارات تتضمّن سيناريوهات بديلة لتمويل أوكرانيا، مرتبة من الأكثر فاعلية إلى الأقل، في مسعى لسد الفجوة المالية المتوقعة.

قرض التعويضات الأصلي

رغم التساؤلات والمخاوف التي أثارتها الحكومة البلجيكية، تتمسّك المفوضية الأوروبية بخطّتها الأساسية: قرض التعويضات.

وبموجب المخطط المبدئي، ستتولّى شركة "يوروكلير" ــ وهي جهة إيداع مركزية للأوراق المالية مقرّها بروكسل ــ تحويل الأصول الروسية المجمدة إلى المفوضية، التي ستستخدم تلك الأموال لإصدار قرض لأوكرانيا بسقف يصل إلى 140 مليار يورو، يُصرف تدريجيًاً وفق شروط محددة.

ولا يُطلب من أوكرانيا سداد هذا القرض إلا بعد موافقة روسيا على دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب. وعندئذٍ، تسدّد المفوضية المبلغ لشركة "يوروكلير"، التي بدورها تعيد الأموال إلى روسيا، مما يُكمِل الدورة المالية ويتيح، من الناحية النظرية، تجنّب أي إجراء مباشر بمثابة مصادرة.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، اعترفت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين بأن الخطة "ليست بسيطة"، لكنها شدّدت على أنها "سليمة من الناحية القانونية"، مؤكدة أن جميع القضايا العالقة قابلة للحل.

ويذهب مسؤولو المفوضية إلى أن التقلّب الحاد في موازنات الدول الأعضاء سيشكّل في النهاية الحجة الأقوى لصالح اعتماد هذا الحل الجريء.

وفي هذا السياق، أعربت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن—التي تؤيّد فون دير لاين—عن قناعتها بعدم وجود بديل: "بالنسبة لي، لا يوجد بديل لقرض التعويضات. هذا هو السبيل الوحيد للمضي قُدمًا، وأنا أؤيّد بشدة فكرة أن تتحمّل روسيا تكلفة الأضرار التي تسبّبت بها في أوكرانيا".

أثار رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر مخاوف متعددة بشأن قرض التعويضات.
أثار رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر مخاوف متعددة بشأن قرض التعويضات. Geert Vanden Wijngaert/Copyright 2025 The AP. All rights reserved

قرض التعويضات الموسع

تتمحور إحدى الانتقادات المتكررة من بلجيكا حول اعتماد خطة المفوضية حصرياً على الأصول المودعة لدى شركة "يوروكلير" في بروكسل، والتي تُقدَّر بنحو 185 مليار يورو. ويشير هذا التقدير إلى أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى تخصيص 45 مليار يورو منها لتغطية خط ائتمان مستمر لمجموعة السبع مموَّل من العوائد غير المتوقعة، والمقرر أن ينتهي العمل به قريباً.

إلا أن المفوضية كانت قد أعلنت علناً، على مدى السنوات الثلاث الماضية، أن إجمالي قيمة أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي تبلغ نحو 210 مليار يورو. ويعني هذا الفارق وجود ما يقارب 25 مليار يوروــ أكثر أو أقل ــ لم يُكشف عن موقعها بعد.

وفي تعليقٍ أدلى به رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر عقب قمة غير حاسمة، قال: "الدجاجة الأكثر بدانة موجودة في بلجيكا، ولكن هناك دجاجات أخرى في الجوار. لا أحد يتحدث عن ذلك أبداً".

وحتى الآن، ترفض المفوضية الإفصاح عن أماكن تواجد باقي الأصول.

وبحسب دراسة حديثة أجرتها خدمة الأبحاث التابعة للبرلمان الأوروبي، تحتفظ فرنسا بنحو 19 مليار يورو من هذه الأصول ــ وهو رقم يتماشى مع تقديرات أولية بلغت 22.8 مليار يورو عند اندلاع الغزو الشامل ــ بينما تمتلك لوكسمبورغ ما بين 10 و20 مليار يورو.

وكان البلدان قد أعربا في وقت سابق عن تحفظاتهما أيضاً بشأن خطة قرض التعويضات.

غير أن موقف لوكسمبورغ شهد تحوّلاً ملحوظاً؛ إذ ذكر وزيرا المالية والشؤون الخارجية في بيان مشترك نُشر عبر قناة "يورونيوز": "إن حجم أصول البنك المركزي الروسي المجمدة حالياً في لوكسمبورغ أقل من 10,000 يورو".

في حال تمكّنت المفوضية من تحديد مواقع الأصول المتبقية داخل حدود الاتحاد الأوروبي وإدراجها في مقترحها، فقد تتمكن من معالجة إحدى الشكاوى الجوهرية التي تطرحها بلجيكا. لكن إذا كانت تلك الأصول مودعة في حسابات خاصة، فإن مبدأ السرية المصرفية قد يُعقّد جهود الكشف عنها.

ومع ذلك، فإن مجموع هذه الأصول ــ حتى لو تم تحديدها بالكامل ــ سيظل أقل بكثير من الحصة المجمدة في بلجيكا، التي ستبقى محور الخطة المقترحة.

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة المتحدة وكندا واليابان تمتلك أيضاً حصصاً من الأصول السيادية الروسية، لكنها تقع خارج نطاق الولاية القضائية للاتحاد الأوروبي، ولا يحق للمفوضية بالتالي تضمينها في أي آلية تمويل أوروبية.

الديون المشتركة، دون الأصول

إذا مضت بلجيكا قُدماً في تشديد موقفها الرافض، فإن خطة المفوضية لتمويل أوكرانيا عبر قرض التعويضات ستواجه خطر الانهيار، ما سيجبرها على البحث عن مصادر بديلة للتمويل. أحد الخيارات المطروحة هو اللجوء إلى الأسواق المالية.

فالمفوضية قادرة، بموجب آليات قائمة، على إصدار ديون جديدة باسم جميع الدول الأعضاء لتمويل قرض جديد لأوكرانيا، وهو نهج سبق اتباعه في السنوات الأولى من الحرب لتمويل برامج "المساعدة المالية الكلية"، التي يُفترض أن تسدد كييف مبالغها لاحقاً.

غير أن فرض قروض إضافية على دولة تخضع لغزو وتكبّد تكاليف هائلة لإعادة الإعمار قد يُنظر إليه على أنه يُفاقم الأعباء بدلاً من تخفيفها.

ويتمثل البديل في أن تصدر المفوضية ديوناً مشتركة لتوزيع منح ــ أو ما يُعادل تبرعات مباشرة ــ بدلاً من قروض. في هذه الحالة، يتحمّل أعضاء الاتحاد الأوروبي أنفسهم العبء المالي، وهو سيناريو يلقى مقاومة شديدة في عواصم تعاني أصلاً من ضغوط مالية ولا تملك هامشاً مالياً كافياً لتحمل التزامات إضافية.

كما لخّص بارت دي فيفر الموقف قائلاً: "إذا أرادت أوروبا خلق المال، فيمكنها خلقه. وهذا ما يُعرف بالديون. لكنه، بطبيعة الحال، موضوعٌ بالغ الحساسية"

سيجتمع قادة الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في ديسمبر.
سيجتمع قادة الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في ديسمبر. European Union, 2025.

الاتفاقات الثنائية

في حال تعذّر التوصل إلى اتفاق على مستوى الاتحاد الأوروبي، قد يُعاد النظر في خيار الاتفاقيات الثنائية بين الدول الأعضاء وأوكرانيا وهو نهج ليس جديداً، بل سبق اتباعه منذ اليوم الأول للغزو الشامل.

فعلى مدار السنوات الماضية، قدمت عواصم الاتحاد مساعدات عسكرية ومدنية لكييف بشكل منفصل، ما سمح بتجاوز استخدام المجر لحق النقض (الفيتو) ضد حزم المساعدات المشتركة. لكن هذا النهج أدّى أيضاً إلى تفاوتات واسعة في مستويات الدعم بين الدول.

وبحسب معهد كيل لأبحاث الاقتصاد، تُعد ألمانيا (17.7 مليار يورو) والدنمارك (9.2 مليار يورو) وهولندا (8 مليار يورو) والسويد (7.1 مليار يورو) أبرز المورّدين الأوروبيين للأسلحة والذخيرة لأوكرانيا. في المقابل، تظهر دول ذات وزن اقتصادي كبير مثل إيطاليا وإسبانيا تأخّراً ملحوظاً في مساهماتها.

ويمكن تكرار هذه الديناميكية في السنوات المقبلة لتغطية كل من الاحتياجات العسكرية ونفقات الميزانية الأوكرانية، مع اضطلاع المفوضية بدور منسّق لضمان قدْر من التناسق بين المبادرات الوطنية المختلفة.

إلا أن هذا النموذج ينطوي على عيوب جوهرية، أبرزها هشاشته أمام التقلبات السياسية الداخلية. ففوز حكومة جديدة في دولة عضو ــ خاصة ذات مسار سياسي مختلف ــ قد يؤدي إلى خفض المساعدات أو وقفها تماماً، ما يُجبر باقي الأعضاء على سد الفجوة الناتجة، مما يُضعف الاستقرار والموثوقية في الدعم المقدّم لكييف.

ولهذا السبب، تُصرّ المفوضية على ضرورة وجود آلية تمويل جماعية على مستوى الاتحاد، تكون بمنأى عن الدورات الانتخابية والحسابات الوطنية قصيرة الأجل. وقد استند هذا التوجّه إلى إنشاء "مرفق أوكرانيا" في عام 2024، وهو أداة مالية خاصة بقيمة 50 مليار يورو.

إلا أن الرصيد المتبقي في المرفق لا يتجاوز حالياً 18 مليار يورو—وهو مبلغ يقلّ بكثير عن الحاجة التقديرية البالغة نحو 60 مليار يورو التي ستتطلبها ميزانية كييف خلال الفترة 2026–2027 لتمويل نفقاتها الخارجية.

قرض مؤقت

رغم أن قمة ديسمبر/كانون الأول وُضعت على جدول الأعمال باعتبارها اللحظة الحاسمة لاتخاذ قرار نهائي، فإن بلجيكا ــ أو أي دولة عضو أخرى ــ قد تطلب مهلة إضافية لمواصلة مناقشة الخيارات المتاحة.

وقد تجسّد هذا الغموض في ردّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عندما سألتها قناة "يورونيوز"، عقب القمة الأخيرة، عما إذا كان ديسمبر يُعد "الموعد النهائي المطلق". فلم تُعطِ التزاماً بجدول زمني محدد.

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق وامتداد الجمود إلى العام المقبل، قد يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى حل مؤقت: قرض محدود يغطي الاحتياجات المالية الأكثر إلحاحاً لأوكرانيا لفترة تمتد ستة أشهر.

ويُنظر إلى هذا القرض على أنه إسعاف أولي مالي، يُبقي كييف قادرة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية ريثما تستمر المفاوضات رفيعة المستوى حول استخدام الأصول السيادية الروسية المجمدة. وقد يجد هذا الخيار قبولاً أكبر لدى الحكومات القلقة من ردود فعل دافعي الضرائب، لكنه في المقابل لا يحلّ المشكلة الجذرية، بل يؤجلها.

وفي النهاية، سيظل على قادة الاتحاد اتخاذ قرار بشأن واحدة من أكثر العمليات المالية جرأةً وغير مسبوقة في تاريخ الكتلة الأوروبية.