اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين.. حق وجود مهدد وسط استمرار سياسة الضم الإسرائيلية
في العام 1978، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى اعتبار 29 تشرين الثاني/نوفمبر يوماً دولياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في تاريخ يتزامن مع القرار الأممي رقم 181 الصادر عام 1947 لتقسيم فلسطين.
وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، تُحيي الأمم المتحدة هذا اليوم عبر اجتماعات خاصة في مقرها في نيويورك، وفي مكتبيها في جنيف وفيينا، إلى جانب مناقشة سنوية مخصّصة لقضية فلسطين.
ويترافق ذلك مع فعاليات واسعة حول العالم: مهرجانات، مظاهرات، نشاطات ثقافية، إصدار بيانات ورسائل تضامنية، وكلها تهدف إلى التأكيد على حق الفلسطينيين في تقرير المصير والعودة إلى ديارهم، وإبقاء القضية حاضرة في الوجدان الدولي.
78 عاماً على قرار التقسيم
يُصادف هذا اليوم أيضاً ذكرى صدور قرار الجمعية العامة رقم 181 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، والذي نصّ على تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية، مع وضع القدس تحت إدارة دولية.
منح القرار الدولة اليهودية 55% من مساحة فلسطين، تشمل الجليل الشرقي ومرج بني عامر وصحراء النقب، بينما خُصّص للعرب ما تبقى من أراضٍ غير مترابطة جغرافياً وتفتقر إلى الموارد المائية. وحدد القرار بدء تنفيذ التقسيم بعد انتهاء الانتداب البريطاني، على ألا يتجاوز ذلك الأول من أغسطس/آب 1948. وقد نال موافقة 33 دولة، فيما عارضته الدول العربية كافة.
اعتبرت القوى الكبرى القرار خطوة نحو السلام، لكنه شكّل للعرب "كارثة" سياسية وتاريخية، ووصفه قادة عرب بأنه "جريمة"، في حين اعتبره أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، "أعظم إنجاز تاريخي".
وشكّل القرار محطة مفصلية في المسار الذي بدأ بوعد بلفور عام 1917، ومرّ بمشاريع بريطانية عدة قبل أن يفضي إلى توصية واضحة بتقسيم البلاد، ويرى مؤرخون أن القرار منح إسرائيل عملياً "شهادة ميلادها".
واليوم، وبعد أن باتت غزة مهددة والضفة الغربية تواجه منفردة سياسة الضم التي تعتمدها إسرائيل، تزامنًا مع رفض إسرائيل الاعتراف بقيام دولة فلسطينية، يسأل مراقبون عما كان سيذهب إليه الوضع في حال وافقت الدول العربية عام 1947 على القرار الأممي، وما إذا كان ذلك سيحمي حق الفلسطينيين في الوجود.
معاناة مستمرة وتمسّك بالأرض والعودة
رغم مرور عقود على قرار التقسيم، ما زالت حياة الفلسطينيين تتعرض لتهديد يومي، ولا تزال معاناتهم قائمة في غزة والضفة الغربية على السواء. ففي قطاع غزة، تفشّى الجوع والمرض والصدمات النفسية، وتحولت المدارس والمنازل والمستشفيات إلى أنقاض وسط أزمة إنسانية خانقة وعرقلة مستمرة للمساعدات.
ومنذ اندلاع الحرب على القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أفادت السلطات الصحية بمقتل نحو 70 ألف فلسطيني، وإصابة 170 ألفاً آخرين. كما نزح أكثر من 90% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون شخص، ليجد معظمهم أنفسهم بلا مأوى أو غذاء أو مياه نظيفة أو رعاية طبية أو تعليم.
وفي الضفة الغربية المحتلة، يتواصل الظلم من خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية وعنف المستوطنين وتوسيع المستوطنات وعمليات الإخلاء والهدم والتهديدات بالضم، وسط تصعيد غير مسبوق.
وبالتوازي، يواصل الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة تشبّثهم اليومي بأرضهم في مواجهة الاستيطان والاقتحامات الإسرائيلية، سواء عبر الصمود في البيوت المحاصَرة بالمستوطنات، أو عبر الزراعة باعتبارها فعلاً من أفعال المقاومة والبقاء، وغيرها من الممارسات.
أما اللاجئون الذين أُجبروا على مغادرة ديارهم بفعل نكبة 1948 ثم النكسة عام 1967، فيُجدّدون تمسّكهم بحقهم في العودة من خلال مناسبات نضالية سنوية داخل فلسطين وفي المخيمات، تُذكّر بالتهجير والظلم وترفض مشاريع التوطين.
كما يبرز هذا التشبّث بالأرض أيضاً من خلال ممارسات رمزية ومعنوية، مثل الرباط في المسجد الأقصى والتصدي لاقتحامات المستوطنين، والحفاظ على رموز العودة كـ"مفتاح البيت" وذاكرة القرى المهجّرة، بوصفها دليلاً على أن الخروج كان قسرياً، وأن الهدف النهائي هو العودة إلى الديار الأصلية.
Today