أدوية السكري قد تُنقذ الدماغ: هل تُعيد "أوزيمبيك" الأمل في مواجهة الخرف؟

كشف باحثون في المعهد الوطني للشيخوخة أن أدوية من فئة ناهضات مستقبلات GLP-1 — المستخدمة حاليًّا لعلاج مرض السكري وفقدان الوزن، مثل أوزيمبيك وويغوفي — قد تقلل من الالتهاب العصبي وتحسّن الوظائف الإدراكية في نماذج حيوانية لأمراض مثل الزهايمر، وباركنسون، وإصابات الدماغ الرضّية.
وقالت الدكتورة يازو لي، عالمة الأعصاب في المعهد، إن الفئران التي تلقت العلاج أظهرت "أدمغة أقل التهابًا، وحركة أفضل، وقدرة أعلى على حل المتاهات" مقارنةً بالحيوانات غير المعالَجة، مشيرة إلى أن "الضرر يصبح أكثر شدة بدون علاج، وأكثر هدوءًا مع العلاج"، مع التأكيد على أن الحيوانات "لم تعد طبيعية فجأة".
وأوضح الباحثون أن هذه الأدوية، التي تعمل على تنشيط مستقبلات GLP-1 الموجودة أيضًا في الدماغ، تخضع حاليًّا لتجارب سريرية لفحص تأثيرها على التدهور الإدراكي لدى البشر.
دراسة جارية لاختبار التأثير على الذاكرة
وتشمل إحدى الدراسات الممولة من جمعية الزهايمر وتنسّقها الدكتورة ميخال شنايدر بيري من جامعة روتجرز إعطاء مرضى السكري كبار السن مزيجًا من سيماجلوتيد (المادة الفعالة في أوزيمبيك) والأنسولين الأنفي، لمعرفة ما إذا كان ذلك يبطئ تراجع الذاكرة.
وتأتي هذه التجربة بعد ملاحظات طويلة الأمد أظهرت أن مرضى السكري في منتصف العمر أكثر عرضة للخرف بنحو ثلاثة أضعاف.
بيانات تدعم الفرضية
وأظهرت بيانات من دراسات سابقة، منها دراسة REWIND الممولة من شركة إيلي ليلي، أن دواء دولاجلوتيد (تروليسيتي) خفّض خطر الإصابة بالضعف الإدراكي الخفيف بنسبة 12%. كما أشارت دراسة أخرى ممولة من نوفو نورديسك إلى انخفاض خطر الخرف بنسبة 11% بين مستخدمي ناهضات GLP-1.
ولفت باحثون إلى أن هذه الأدوية قد تساعد الدماغ ليس فقط عبر تحسين حساسية الأنسولين، بل أيضًا بتقليل الالتهاب العصبي وتقوية المشابك بين الخلايا.
التحدي: هل يصل الدواء إلى الدماغ؟
مع ذلك، يؤكد الباحثون أن النتائج لا تزال أولية، ولا توجد توصية حالية باستخدام هذه الأدوية للوقاية من الخرف لدى الأشخاص الأصحاء.
وتشير الدكتورة إليزابيث ريا من جامعة واشنطن إلى أن "بعض هذه الأدوية لا تعبر حاجز الدم-الدماغ"، ما قد يحدّ من فعاليتها العصبية.
وبيّنت أبحاثها أن سيماجلوتيد يخترق الحاجز بنسبة محدودة، بينما أدوية مثل تيرزيباتيد (المستخدم في مونجارو) لا تدخل الدماغ تقريبًا.
تحذيرات من الاستخدام الوقائي
وأشارت الدكتورة ناتالي راسجون من كلية إيكان للطب إلى أن "عندما يبدأ المرض التنكسي، يكون القطار قد غادر المحطة"، مشددة على أن التدخل المبكر هو المفتاح.
وحذّر باحثون من أن هذه الأدوية ليست خالية من المخاطر؛ فالغثيان، الإمساك، واضطرابات الجهاز الهضمي شائعة، وهناك مخاوف من آثار جانبية نادرة مثل التهاب البنكرياس.
ولفت الدكتور كريستيان تورب بيدرسن طبيب القلب في مستشفى جامعة نوردسييلاندز في الدنمارك والذي ساعد في قيادة الدراسة، إلى أن "الغالبية في الدراسات كانوا مرضى سكري أو قلبيًّا، لذا لا يمكن تعميم الفائدة على الأصحاء".
Today