دراسة جديدة: التوتر في مرحلة الطفولة يترك بصمة تهدد الصحة لدى البلوغ

توصلت دراسة نشرها باحثون من جامعة ديوك إلى وجود صلة قوية بين ارتفاع مستويات التوتر لدى الأطفال والظروف الصحية السيئة التي قد يتعرضون لها في وقت لاحق من حياتهم.
ونُشرت الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، واستخدمت مقاييس قابلة للقياس للصحة على مر الزمن لإنشاء رؤية أكثر كمية لكيفية تأثير التوتر في وقت مبكر من الحياة على الصحة.
التوتر يتغلغل تحت الجلد
وقال هيرمان بونتزر، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الأنثروبولوجيا التطورية والصحة العالمية في جامعة ديوك: "كانت لدينا فكرة منذ فترة طويلة، منذ الثمانينيات على الأقل، مفادها أنه عندما يواجه الأطفال الشدائد في حياتهم، فإن ذلك يؤثر على كيفية عمل أجسادهم، ليس فقط من الناحية النفسية، ولكن أيضًا من الناحية الفسيولوجية. إنها تتغلغل تحت الجلد، وتتجسد في الطريقة التي يتعامل بها جسمك مع التوتر".
وركّز الباحثون على الحمل الاستاتيكي (AL)، والذي يشير إلى تآكل الجسم بسبب الإجهاد المزمن. وقاموا "باختبار الارتباطات بين AL في مرحلة الطفولة وصحة القلب والأوعية الدموية لدى البالغين"، بالاعتماد على المؤشرات الحيوية التي تضمنت الأجسام المضادة للبروتين التفاعلي C، وهو علامة على الالتهاب في الجسم؛ وفيروس إبشتاين بار، وهو شائع وشديد العدوى؛ ومؤشر كتلة الجسم؛ وضغط الدم.
بيانات كمية جُمعت مع مرور الوقت
وأظهر التحليل الذي أجرته المؤلفة الرئيسية إيلينا هينز، وهي طالبة دكتوراه في مختبر بونتزر في جامعة ديوك، أن مستويات التوتر لدى الطفل، في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 11 عامًا، هي مؤشر على صحته القلبية والأيضية في مرحلة البلوغ.
عادة، يطلب الباحثون من البالغين أن يتذكروا التوتر الذي يعانون منه. لكن هينز وزملاءها الباحثين استخدموا دراسة كبيرة جمعت عينات كمية — وليس نوعية فقط — مع مرور الوقت.
وقام مؤلفو الورقة بمراجعة بيانات من دراسة جبال سموكي العظيمة (GSMS)، وهي دراسة طولية للاضطرابات النفسية لدى الأطفال بدأت في عام 1992 — ولا تزال مستمرة حتى اليوم — لتحديد الحاجة إلى خدمات الصحة العقلية.
التوتر في البيئة الريفية
بين الفقر وانعدام الأمن الغذائي وقالت هينز، التي نشأت في مجتمع ريفي في شرق تينيسي، إن تجاربها الخاصة في بلوغ سن الرشد حفزت اهتمامها بالتوتر في مرحلة الطفولة: "أنا من الريف الجنوبي ولدي فكرة عن شكل التوتر في تلك البيئة، من حيث مصاعب الطفولة والتوتر الغذائي والبيئة المادية التي يعيش فيها الأطفال".
وأضافت هينز أن البشر يحاربون التوتر الحاد من خلال الاستجابة للقتال أو الهروب، وشرحت: "يتفاعل جسمك بشكل جماعي عن طريق زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم عندما تواجه موقفًا مرهقًا. تساعدك هذه الاستجابات وغيرها على التعامل مع هذا التوتر، ولكن ليس من الجيد أن تكون دائمًا في هذه الحالة. أنا مهتمة بما يحدث عندما لا يهدأ ذلك حقًا".
ويشكل الفقر جوهر الدراسة، التي تشير إلى أن بيئة منزلية مستقرة وآمنة ماليًّا تُعدّ شرطًا أساسيًّا لطفولة صحية خالية من التوتر المزمن.
وقال بونتزر معلّقًا على الضغوط في مراحل مبكرة من الحياة: "ما يمرّ به الأطفال بين أعمار ثماني وتسعة وعشر سنوات يبدو أنه مؤشر مبكر لارتفاع ضغط الدم لاحقًا".
وتابع: "ما يصنع فرقًا حقيقيًّا هو التعليم والتدريب المهني، وكل ما يُمكّن المجتمعات من الخروج من الفقر. هذا النوع من الدعم يوفّر للناس المساعدة التي يحتاجونها، حين يحتاجونها، بدل أن يواجهوا حواجز تكلفة الرعاية الصحية"، مضيفا :"أن يشعر الطفل بأنه سيكون هناك عشاء على المائدة لا يخفف فقط من القلق النفسي، بل يؤثر أيضًا في طريقة عمل جسده".
Today