"الفجر": مناورة مفاجِئة للجيش الإسرائيلي لامتحان "الجاهزية الشاملة"

أعلن الجيش الإسرائيلي، يوم الأحد، عن إطلاق تدريب عسكري مفاجئ تحت عنوان "الفجر"، يهدف إلى اختبار جاهزية القيادة العامة والمركزين الرئيسيين للقيادة في مواجهة سيناريوهات طارئة تشمل هجمات واسعة النطاق، وفقًا لما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست".
ويُجرى التدريب تحت إشراف رئيس أركان الجيش، اللواء إيال زمير، ويُركّز على تقييم قدرة الأجهزة القيادية على اتخاذ قرارات سريعة وفعّالة في ظروف حرب متعددة المسارات. وبحسب بيان صادر عن الجيش نقلته الصحيفة، فإن التمرين يتضمن محاكاة سيناريوهات مفاجئة وأحداث متعددة المواقع تمثّل جميع "مسارح العمليات" المحتملة، بما في ذلك الجبهات الشمالية والجنوبية والداخلية.
وأوضح البيان، إن مراقب الجيش، اللواء (احتياط) عوفر ساريج، وفريقه سيتولون تقييم أداء الوحدات من حيث سرعة الاستجابة وجودتها، فضلًا عن كفاءتها التشغيلية في ظل ضغوط ميدانية معقدة.
وجاء التدريب في ظل تصعيد عسكري متواصل على أكثر من جبهة. فقد أكد الجيش، استهدافه ليلة السبت لعنصر من حزب الله في منطقة عيناتا جنوبي لبنان، "كان يُجري عمليات تجسس واستخبارات ضد القوات الإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن "هذه الأنشطة تُعد انتهاكًا صريحًا لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان"، وفق زعمه.
وفي السياق الداخلي، شكل قرار مجلس الأمن الوزاري، الذي اتخذ ليلة الخميس، نقطة تحوّل في استراتيجية إسرائيل تجاه الحرب الجارية في قطاع غزة، بحسب "جيروزاليم بوست". إذ وافق المجلس على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتوسيع العمليات العسكرية والسيطرة الكاملة على مدينة غزة، في خطوة تُعدّ تحوّلًا تكتيكيًا واستراتيجيًا جوهريًا.
وبحسب الصحيفة تسند الخطة إلى خمسة مبادئ رئيسية لإنهاء الحرب: نزع سلاح حماس بالكامل، وإعادة جميع الرهائن الأحياء والمتوفين، ونزع السلاح من قطاع غزة، والحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية المستمرة على القطاع، وإقامة حكومة مدنية لا تخضع لسيطرة حماس أو السلطة الفلسطينية.
لكن القرار قوبل بانتقادات واسعة، لا سيما من قبل عائلات الرهائن وقيادات سياسية معارضة. فقد حذّر رئيس أركان الجيش، اللواء إيال زمير، خلال جلسات التشاور، من تعقيدات الخطة، مطالبًا بفصل عودة الرهائن عن الأهداف العسكرية، وقال: "كل شيء سيكون معقدًا؛ أقترح أن تُخرجوا عودة الرهائن من قائمة الأهداف العسكرية".
وأثارت هذه التصريحات قلقًا واسعًا، إذ تُشير، بحسب "جيروزاليم بوست"، إلى أن "القيادة العسكرية العليا ترى أن خطة الاحتلال الكامل تُهمّش إنقاذ الرهائن كهدف قابل للتحقيق، رغم أنه أحد الأهداف المعلنة للحرب".
وقد أظهرت مقاطع فيديو حديثة، نُشرت خلال الأيام الماضية، حالة الرهائن الإسرائيليين الذين يُحتجزون في قطاع غزة، وهم في حالة صحية متدهورة جدًا، ما أثار صدمة واسعة في الشارع الإسرائيلي، وحذّر مراقبون من أن استمرار الأسر في ظل ظروف كهذه، مع تصاعد العمليات العسكرية، قد يُعدّ "حكمًا بالإعدام" على من تبقى منهم على قيد الحياة.
ومن الناحية الاستراتيجية، يرى مراقبون نقلت عنهم "جيروزاليم بوست" أن تنفيذ المبدأ الأول، وهو نزع سلاح حماس بالكامل، يتطلب تدمير البنية التحتية العسكرية للحركة بالكامل، بما في ذلك قياداتها وأنفاقها ومخبآتها، وهو هدف لم يُحقق خلال العامين الماضيين رغم حجم الدمار الذي لحق بالقطاع.
وأضاف المراقبون، أن نزع السلاح من غزة، والمتمثل في القضاء على التنظيمات المسلحة، يقتضي عمليات عسكرية مكثفة في مناطق مأهولة، يُحتمل أن تكون الرهائن محتجزين فيها، ما يرفع احتمالات قيام حماس بقتل الرهائن قبل وصول القوات الإسرائيلية، بهدف إخفاء الأدلة وزيادة الضغط النفسي على إسرائيل.
أما المبدأ الرابع، المتعلق بالسيطرة الأمنية الإسرائيلية الدائمة على غزة، فيُفسّر من قبل حماس على أنه إغلاق لأي مسار تفاوضي، ما يقلل من احتمال استخدام الرهائن كوسيلة مساومة. في المقابل، يُعدّ المبدأ الخامس، القاضي بعدم السماح لحماس أو مؤيديها بأي دور سياسي مستقبلي، دافعًا استراتيجيًا لاتخاذ قرارات قاسية تجاه الرهائن.
وأعربت عائلات الأسرى عن رفضها القاطع للخطة. وقالت عناط أنغريست، والدة الرهينة ماتان أنغريست: "نحن نناشد مجلس الوزراء: تصعيد القتال هو حكم بالإعدام فورًا على أحبائنا، وسينتج عنه اختفائهم التام".
من جانبه، علق زعيم المعارضة يائير لابيد على القرار بقوله: "ما يقدّمه نتنياهو ليس حلاً، بل مزيدًا من الحرب، ومزيدًا من القتلى بين الرهائن، ومزيدًا من الإعلانات ’مسموح بنشرها‘ عن جثث لم نستطع إنقاذها".
Today