إسرائيل تصادق على مشروع "E1".. السلطة الفلسطينية: يحوّل الضفة الغربية المحتلة إلى "سجون"

وفي أول رد فعل لها، أدانت السلطة الفلسطينية المشروع، مؤكدةً أنه سيؤدي إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتحويلها إلى جزر معزولة أشبه بالسجون، ما يستدعي الإسراع في الاعتراف بدولة فلسطين.
كما أوضحت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان لها، أن القرار "يُكرّس تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق منفصلة غير مترابطة جغرافياً، بحيث يصعب التنقل بينها إلا عبر حواجز الاحتلال، وفي ظل إرهاب ميليشيات المستوطنين المسلحة المنتشرة في مختلف أنحاء الضفة".
ورأت الوزارة أن القرار يشكّل "إقراراً إسرائيلياً رسمياً بالمضي في مشروع الاستيطان والضم التدريجي للضفة الغربية، في إطار جرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا، ومحاولة لتصفية قضيته وحقوقه".
وقد دعا البيان إلى "تحرك دولي جاد وفرض عقوبات على الاحتلال لإجباره على وقف مخططاته، والانصياع للإجماع الدولي الداعي إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، ووقف سياسات الإبادة والتهجير والضم".
وبدوره، قال رئيس بلدية مستوطنة معاليه أدوميم غاي يفراح القريبة من موقع المشروع في بيان: "يسرني أن أعلن أنه قبل وقت قصير، وافقت الإدارة المدنية على مخطط بناء حي (إي وان) أو E1" المثير للجدل.
سموتريتش يطلق مخطط E1 لربط المستوطنات بالقدس
أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الأسبوع الماضي عن بدء تنفيذ ما يُعرف بـ"مخطط E1" بعد أكثر من عقدين من التأجيل، وهو مشروع استيطاني يربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بمدينة القدس، ويحظى بدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويهدف المشروع إلى عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية، بما يقوّض عملياً إمكانية قيام دولة فلسطينية ويقضي على فكرة "حل الدولتين"، وهو ما يعدّه المجتمع الدولي خرقاً للقانون الدولي، نظراً إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والاحتلال العسكري القائم منذ عام 1967 غير شرعيين.
وفي كلمة ألقاها من داخل مستوطنة "معاليه أدوميم"، اعتبر سموتريتش أن "الدولة الفلسطينية تمثل خطراً وجودياً على إسرائيل"، مؤكداً أن "الضفة الغربية جزء من أرض إسرائيل بوعد إلهي"، معلناً نية حكومته مصادرة آلاف الدونمات واستثمار مليارات الشواقل لزيادة أعداد المستوطنين إلى مليون نسمة في الضفة الغربية.
بدوره، أكد رئيس مجلس مستوطنة "معاليه أدوميم" أن المشروع الجديد "سينهي الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة"، داعياً إلى تجاهل الانتقادات الدولية، ومشدداً على أن "فرض الأمر الواقع على الأرض هو الضمان الحقيقي لأمن إسرائيل"، وأن المستوطنين "ماضون حتى بسط السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية".
ما هو المخطط الاستيطاني E1؟
مخطط E1 هو مشروع استيطاني اعتمدته الحكومة الإسرائيلية عام 1999 على أراضٍ فلسطينية تبلغ مساحتها 12,000 دونم (حوالي 12 مليون متر مربع).
وتعمل إسرائيل على تنفيذ مخطط تسميه "القدس الكبرى" ويستهدف توسيع حدود المدينة لتشمل 3 تكتلات استيطانية إسرائيلية حولها، وهي: "مستوطنة معاليه أدوميم شرقاً، ومستوطنة جفعات زئيف شمالاً، ومستوطة غوش عتصيون جنوباً".
ويهدف ربط هذه المستوطنات بالقدس الشرقية إلى خلق تواصل جغرافي بين التكتلات الاستيطانية من جهة، وعزل وإخراج التجمعات الفلسطينية خارج حدود المدينة وحرمانها من حقها التاريخي.
وتعد مستوطنة "معاليه أدوميم" الواقعة في الضفة الغربية شرق القدس القديمة "نقطة محورية" ضمن مخطط E1 الاستيطاني، بحسب نشرة أصدرتها "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان".
ويسعى رئيس مستوطنة "معاليه أدوميم" للبناء في مواقع مختلفة في محيط القدس ضمن مخطط E1، مثل بناء مدينة ملاهي كبيرة على مساحة 800 دونم (حوالي 800 ألف متر مربع) تضم متنزهاً وبحيرة صناعية وملاعب رياضية وفنادق تهدف لجذب السياح، إضافة إلى بناء حي استعماري جديد يحمل اسم "مفسيرت أدوميم" يتضمن أكثر من 3 آلاف وحدة استيطانية بهدف ربط القدس الشرقية بمنطقة غور الأردن ومنها إلى الحدود الشرقية.
وتخطط الحكومة الإسرائيلية أيضاً لربط مستوطنة "كيدار" بمستوطنة "معاليه أدوميم" والبناء في المنطقة الواقعة بينهما.
طريق محظور على الفلسطينيين
بالإضافة إلى المخططات السابقة، يشمل المشروع الاستيطاني أيضاً طريقاً أطلقت عليه إسرائيل اسم "نسيج الحياة".
وتم إنجاز جزء من هذا الطريق بالقرب من جدار الفصل، ويمتد شرق قرية عناتا الفلسطينية، شمال شرق القدس، وصولاً إلى قرية الزعيم الفلسطينية، شرق القدس.
وترغب إسرائيل أيضاً في إنشاء جزء آخر من الطريق بداية من قرية الزعيم وصولاً إلى بلدة العيزرية، شرق القدس، ليصبح هذا الجزء وسيلة لتنفيذ وتطوير مخطط البناء في E1.
ويهدف المشروع أيضاً إلى تحويل طريق القدس–العيزرية إلى طريق يخدم المستوطنات الإسرائيلية، مع منع المواطنين الفلسطينيين من استخدامه، ما يعمق العزلة الجغرافية للقدس الشرقية.
التهجير القسري للبدو
ومن أجل إنجاح المشروع الاستيطاني، تواصل إسرائيل سياسة تهجير التجمعات البدوية، إذ بدأت بالنقب ثم الأغوار، وذلك منذ عامي 1948 و 1967.
وتستهدف إسرائيل تهجير 46 تجمعاً بدوياً، بعضهم جرى تهجيرهم بالفعل بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، بهدف تفريغ المناطق الشرقية من الوجود الفلسطيني.
وسعت السلطات الإسرائيلية إلى إيجاد بدائل سكنية للبدو في مناطق مثل العيزرية وأريحا، لكن صمود المواطنين حال دون تنفيذ هذه الخطط.
السياق التاريخي
بعد السيطرة الإسرائيلية الكاملة لمدينة القدس أثناء حرب عام 1967، تسارعن وتيرة التوسع الاستيطاني في القدس ومحيطها بهدف جلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين إليها.
وفي عام 1975، أسس رئيس الحكومة الإسرائيلية حينئذ إسحاق رابين مستوطنة معاليه أدوميم، إحدى كُبريات المستوطنات الإسرائيلية وأكثرها توسعا منذ تأسيسها شرق مدينة القدس.
وفي بداية تسعينيات القرن الـ20، عرض أرييل شارون وزير الإسكان حينئذ خطة استيطانية، وذلك لتوسيع المستوطنة عبر بناء 2500 وحدة سكنية والعديد من الفنادق والمناطق الصناعية، بما يعزز الهيمنة الإسرائيلية على القدس.
وفي عام 1992 جمدت حكومة رابين الخطة بسبب انطلاق مفاوضات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي عام 1997 صادق وزير الدفاع حينئذ إسحق موردخاي على المخطط، وبعدها بعامين صادقت الحكومة الإسرائيلية على الخارطة الهيكلية لمنطقة E1.
آلية تنفيذ مخطط E1
اعتمدت السلطات الإسرائيلية عدداً من الإجراءات من أجل تنفيذ مخطط "E1″، بهدف فرض السيطرة الكاملة على مدينة القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية.
وتشمل الإجراءات الإسرائيلية لتنفيذ المخطط "إي 1" مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية،
وهدم منازل ومنشآت الفلسطينيين، والتهجير القسري للتجمعات البدوية في السفوح الشرقية والأغوار والخان الأحمر، ومنع أصحاب الأراضي الواقعة في نطاق المخطط من الوصول إليها وزراعتها، وبناء أحياء استيطانية جديدة مثل حي "مفسيرت أدوميم" الذي تضمن أكثر من 3 آلاف وحدة استيطانية.
وحذرت محافظة القدس، التابعة للسلطة الفلسطينية، من أن 7 آلاف فلسطيني يعيشون في تجمعات ببادية المدينة يواجهون خطر التهجير القسري جراء تنفيذ مخطط "إي 1" الاستيطاني الإسرائيلي.
معارضة دولية
لاقى مخطط E1 معارضة واسعة من الاتحاد الأوروبي والدول العربية والإسلامية، التي أصدرت بيانات متكررة أدانت فيها المخطط ودعت إسرائيل إلى التراجع عنه، كونه يقوض تأسيس أي دولة فلسطينية.
كما أبدت الولايات المتحدة في مناسبات عدة تحفظا عليه، في حين اعتبرته السلطة الفلسطينية "إعلان حرب على حل الدولتين وتدميرا ممنهجا لأي عملية سلام مستقبلية"، كونه "يتجاهل القرارات والمواثيق الدولية التي تصنف التوسع الاستيطاني ضمن انتهاكات القانون الدولي".
Yesterday